مختصر كتاب الجهاد
أيها الداعية: التزامك أوامر الله هو أمضى أسلحتك
[مختصراً من كتاب الجهاد، للدكتور محمد نعيم ياسين، ص 103-105]
إنّ السلاح الثابت الذي يقلدك إياه إيمانك، وينبغي أن تتقلّده، أيها الداعية، هو الالتزام بأوامر ربك، الذي آمنت به رقيباً عليك، ومسجلاً لأعمالك، ومجازيك عنها، وقادراً على نصرتك إن أطَعْتَه، وخذلانك إن عصيته. ألستَ تدعو الناس إلى طريق الله، فكيف تلومهم إذا خالفوا مقالك واتبعوا حالك؟ تقول لهم: اذهبوا من هنا، وأنت ذاهب من هناك. فكيف يصدقونك وأنت تكذّب نفسَك، وتأتي على حجتك بالنقض والإبطال؟ إن لسان الحال أقوى من المقال، لأن التطبيق العملي أوقع في النفس من النظريات والادعاءات.
ألستَ تقول لهم: إن دعوتك أحسن دعوة؟ فكيف يوافقونك وأنت مخالف لها؟ ألستَ تقول لهم: إن تجارتك أربح تجارة؟ فكيف يتاجرون بها وأنت متاجر بسواها؟.
إنّ رسولك الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، عَرَفَ بوحي ربه وتعليمه كُنْهَ هذه النفس البشرية، فعرف فيها إعجاباً بالمثال، وانبهاراً بالتجربة، وامتثالاً للعمل، فكان عليه الصلاة والسلام أول عامل أمام أصحابه، وأول مقاتل أمام جنده، وأول منفذ أمام أتباعه فصدَّقوه قولاً وعملاً.
إن من أهم أسباب ما نراه من عزوف الناس عن هدى ربهم، سلوك كثير ممن تقلدوا الدعوة، ولم يمتثلوها، وحملوها على ألسنتهم، ولم يحملوها في قلوبهم وعلى جوارحهم.
وإن أول ما يجب عليك أن تلتزم به: علمُك الذي تعلّمته، فإنك به قد أشهدت على نفسك أنك عرفت الحق، وبلَغَتْك الرسالة، فإن لم تلتزمه ولم تعمل به كان حجة عليك آكد، وبرهاناً على تقصيرك يوم الحساب، وفي هذه الدنيا لا يبارك الله فيه، بل سيهجرك كما هجرته، فتنساه ويضيع منك، بعد أن تكون الحجة قد قامت عليك. ولقد قال بعض العلماء: "إنّ العالِم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب، كما يزل القطر عن الصفا".
إن الالتزام بما تدعو إليه من الإسلام فرع من فروع الدعوة في حد ذاته وصنف من أصنافها، وطريقة مؤثرة من طرقها. وإن أقل أحوال المسلم في الدعوة إلى الله هو الدعوة بلسان الحال من الالتزام بما يدعو إليه.
وسوم: العدد 742