ملخّص الموال السومري
*مُقَدمة الموال السومري :
في حزيران عام 1967 ، عند اندلاع الحرب على فلسطين وبقية البلدان العربية ، لاحظت انكسار الجيوش العربية في تلك الأيام الخمسة، وقتها كنت في الصف الثاني الإعدادي، وفي عُمر المراهقة. إستفَزّني الحدث كثيراً، ورحتُ أبحث عن شكلٍ من الأشكال للتعبير عمّا يجول بخاطري، فرحتُ أُشارك بمظاهرات الطلبة، وأجول في حواري وأزقّة بغداد، وأُحرّض الناسَ على المشاركة في التظاهر لإدانة العِدوان وإدانة السلطات العربية التي وقفت عاجزة عن الدفاع عن أوطانهم وصد العِدوان .
* لم أقتنع بأفعالي تلك، وثمة قَلقٍ ثوري يجتاح روحي بعنف، ويقلق حتى نومي، فرحتُ أبحث عن فعلٍ أشدَّ وقعاً، يؤثّر في روحي أولاً، وفي إيقاظ الجمهور العراقي ثانياً، وشكّل هذا الأمر لي بداية للعمل السياسي الثوري، واقتربت من اليسار العراقي في تلك اللحظة، رغم كونه كان مقموعاً، وقياداته مشرّدة، لكني وجدت من يوصلني إليهم .
* في تلك المرحلة الدراسية ، كان لدينا كِتاباً (مُقرّراً) من وزارة التربية والتعليم، لطلبة الدراسة الإعدادية، كان اسمه ( النصوص الأدبية) ، عثرتُ فيه على إسم ( هُوميروس) ذلك الشاعر اليوناني الذي كتب ملحمته الشعرية ( الإلياذة) والتي يوصّف فيها حرب أثينا وطروادة مع قرطاجنة، وغيرها من الحروب. وما لفت نظري، وقتذاك، أن هذه " الإلياذة " بأبياتها العشرة آلاف ، كُتِبت باللغّة العامية لأهل أثينا *1 ولم تُكتب بلغة أرسطو أو إفلاطون الفلسفية ، ومن وقتها أدركت أن ( لُغة العامة ) تصلح للخطاب الشعري. وظَلّ هذا الأمر ( جرس إنذارٍ ) في ذاكرتي، يظهر عندي بين لحظة وأخرى، رغم أن بداياتي الشعرية كانت مع الشعر الفصيح .
* في تراكم تجاربي في الحياة، لا سيما في فترة الخدمة العسكرية الطويلة، والتي قاربت الخمسِ سنوات، كان أغلبها في مناطق شمال العراق، أعطتني هذه التجربة دافعاً قويّاً لأن أقترب أكثر من أبناء جنوب العراق، الذين كانوا معي يؤدّون الخدمة العسكرية، حيث كُنا نجتمعُ مساءً،ويبدأ حديث الشعر الشعبي الجميل بحسﭽتهِ الجنوبية *2 عند هؤلاء المنحدرين من أصولٍ فلاحيّة.
هؤلاءِ يُبهرونك في تعبيراتهم الشعرية، والأغلبية منهم أميّون- لا يجيدون القراءة والكتابة - وتلك التعبيرات تنطلقُ أحياناً عِبر الخاطر، وبشكلٍ عفوي، لا سيما عندما نكون في (مطاردات شعرية) في شعر الدارمي، ذلك الشعر الذي يعتمد في نظمه على ( بيتين شعريّين ) ممّا يدفعنا، نحنُ المبتدئين، وقتذاك، لأن نُغامر في كتابة هذا النمط الشعري الجميل .
* وتمرُّ بنا الأيام، وندخل معترك السياسة والنضال السِرّي، الى جانب تحقيق بعض الأحلام البسيطة، التي كانت ترتبط بفترة المراهقة واحلامها النرجسية .
تتعدد المواهب بمرور الأيام والسنين، وتتجذّر موهبة الإبداع الشعري، وإلى جانبها تبدأ رغبة الكتابة بالإرتفاع داخل العقل، وتبدأ الكتابة في أمور التاريخ والنقد الأدبي، وبعض أمور الصحافة، وقضايا الفكر الأخرى، وخصوصاً بعد مغادرتنا العراق عام 1979، حينما اشتدّت علينا هجمات البعث الصَدّمي الفاشي، وقتلت فينا حُلم العراق الديمقراطي والتعايش المجتمعي بأمان وسلام.
وتلاقفتنا دروبٌ أخرى، كان وجع المنافي فيها أمضى من حَدِّ السيف، حيث تحوّلت حياة الرِفقة والنضال الى الجفاء والوشاية بين الرفاق، وبلغت حدّاً لا يطاق .
وبغية رسمُ هَدفٍ جديد في الحياة، وبعد أن تمّت القطيعة مع ذلك اليسار في عام 1984 ، عندما كنت في بلغاريا، أصبح الهدفُ الفكري باتجاهٍ آخر، حيث وجّهتُ وجهتي نحو إكمال دراستي الأكاديمية، وأوغلت في دراسة التراث العربي، واندفعت نحوه بكامل طاقتي الفكرية والروحية، واستطعت أن أبدع فيه في اكثر من دراسة وكتاب، حتى بلغت مؤلّفاتي الفكرية ( المخطوط منها والمنشور) أكثر من 60 كتاباً .
* كُل هذه المؤلّفات، كان العِراق فيها هو الثابت الأرأس، والعلامة الأبرز، في كلِّ فصلٍ وباب، وحين توالت الأحداث على العراق، وتمَّ غَزوهِ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، عام 2003 ، وقتذاك كنتُ في موسكو، حيث أنهيت فيها دراساتي العُليا لمرحلة الدكتوراه في التاريخ العام، وكان موضوع إطروحتي هو : ( ورّاقو بغداد في العصر العبّاسي) الأمر الذي فتحَ أمامي آفاقَ وعمق ثقافة العراق في ذلك العصر، ورحتُ أغور في استنطاق أحداث ذلك التاريخ، وأُبرز تراثه الفكري والأدبي .
* صُدمت حين جاء الإحتلال الأمريكي الى العراق، ورأيت كيف أن الجنود والخبراء الأمريكان، قد سرقوا آثاره التاريخية، وشَوَّهوا كل جميل في ذلك التراث الغني، وبنفس الوقت كشف هذا الإحتلال عن نفسياتٍ عراقية، كُنا مخدوعين فيها، واظهرت هذه النفوس المريضة - من كافة الأحزاب السياسية - ان فيها ميلٌ لخدمة مصالح الإحتلال الأمريكي، والبعض منها افصح عن ذلك بجلاء، وقد كانوا يخدعوننا بإسم الوطنية والتقدمية طوال دهور .
* أفرزت الحروب والغزو والإغتراب، شكل التشوّهات في نفوسِنا، وأضعفت شخصيتنا بين الدول والأمَم، واخترقت الطائفية عقولنا وافكارنا، وأفسدت فينا كل معالم الروح الوطنية، وصِرنا شِيَعاً وأحزابا ، وغاب عن تفكيرنا الوطن . وأرهن السياسيّون قرار العِراق المستقل الى القِوى الخارجية التي اجلستهم على كُرسي الحُكم في العراق، فراحوا يتقاسمون المناصب السياسية والإدارية فيما بينهم، تحت يافطة (التحاصص والطائفية) بين الشيعة والسُنة والكرد ،وضاعت حقوق بقية المكونات الأساسية للعراق، في هذا التحاصص والتقسيم، واستُبعِد أشراف العراق ومُثقَفيه،ورجالات الفكر والسياسة والإبداع، حتى صار ( أشباه الأُميّين ) يقودون الوزارات والبرلمان العراقي، ثم أوصلوه الى أضعف حالةٍ في تاريخه الطويل والمُشرّف . وقد يئِسَ أبناء الشعب العراقي من هؤلاء السياسيّن، فنشطت الإضرابات والهَبّات الجماهيرية العنيفة، بغية إعادة كرامة الإنسان العراقي الى الواجِهة .
* إنحدار العراق الحالي بقواه السياسية المعاصرة وتراجع قوّة فكره الجمعي، دعاني لأن أُعيد تشكيل لوحته الإثنوغرافية،على ضوء مجريات التاريخ الطويل لهذا البلد وأهله، وأن أجد المفارقات الزمنية،في تشكيل هذه اللّوحة ، منظوراً إليها من كل زوايا الفكر والإبداع والفنون التي أنتجها المجتمع العراقي بكل طبقاته، وأن أُعلّم على نقاط الإشعاع والخفوت في مراحل تاريخ هذا البلد العريق .
* في تجربتي الطويلة في مسارات الفكر والإبداع، أيقنت أن آداب الشعوب في كل المراحل التاريخية، هي المرأة العاكسة، سلباً أو إيجاباً. ومن خلال مِرآة الأدب والفكر، نستطيع الحُكم على نفسية وأخلاق كل شعبٍ من هذه الشعوب. ووجدتُ أيضاً، أن الأدب الشعبي أكثر صدقاً وحميمية في التعبير عن السواد الأعظم من هذه الشعوب، لأنهُ ألصق بحياتِهم الأنثروبولوجية، وبالتالي فإن الأدب الشعبي يكون التعبير بِهِ عندهم أكثر صِدقاً وبساطة، وبعفوية تستجيب لخواطرهم المتعددة .
ومن جانب الأدب الشعبي هذا، رحتُ أُطيل النظر والتأمُّل في كل مساراته الأدبية والفنيّة، فكتبت ( موسوعة التراث الشعبي العراقي ) في 10 مجلداتٍ ضخمة - الموسوعة قيد الطبع - شغلتني كثيراً، تجاوز العملُ فيها أكثر من عقدٍ من الزمن،وهذا الأمر عمّق نظرتي الأنثروبولوجية والفولكلورية في التراث الشعبي العراقي، ورحت أبحث أكثر فيما يُعمّق هذا التراث، ويعيد إليه الألق بين الأمس واليوم .
ومن هذه الفنون الشعبية في العراق، كان الموال الشعبي العراقي واحداً من أبرز الفنون الشعبية، والذي وُلِد في العصر العباسي، إثرَ نكبة البرامكة في بغداد عام 187ه. وقد وصفه الشاعر العراقي في الفترة المظلمة (صفي الدين الحلّي 677 - 750 ه /1277-1349 م ) بالقول : ( وعِند جميع المُحقّقين أن هذه الفنون السبعة، منها ثلاثة مُعربة ابداً، لا يغتفر اللّحنُ فيها وهي: الشعر والموشّح والدوبيت .. ومنها ثلاثة ملحونة أبداً وهي : الزجل والكان وكان والقوما، ومنها واحِدٌ، هو البرزخ بينهما، يحتمل اللّحن والإعراب، وإنما اللّحن فيه أحسن وأليق، وهو المواليا - الأساس الأول في نظم الموال - وإنما كان يحتمل الإعراب) *2 .
وقد اخترت هذا الواحد من هذه الفنون السبعة، وهو الموّال، للأسباب التالية :
1- هو الأعرق والأجمل والأكثر حضوراً في الوعي الشعبي العراقي .
2- هو الأكثر شيوعاً في الغناء الشعبي العراقي.
3- هو الوحيد من فنون الشعر الشعبي العراقي ، الذي لا يقبل الإضافة عليه أو الإنتقاص منه بأيِّ بيتٍ شعري، بل يقبل الإضافة فقط بالبند - وهو ثلاثة أبيات مجنّسة ، وتلك واحدة من سماته الفنيّة المتعالية.
4- هو فَنٌّ يقبل النظم في الشعبي والفصيح . وفي الموال السومري شواهد على ذلك .
5- وفي الموسيقى، هو يُؤدّى في أرقى أنواع المقامات العراقية، لا سيما مقام أو ( طور المحِمِّداوي)
6- له ميزة التأثير عند السماع على المتلقي، حيث يجد فيه بعض موساة روحه المعذّبة.
7- هي أُمنية أن يغنيه كل مطربي العراق.
* والموّال العراقي، يُنظم على إيقاع ( بحر البسيط ) وقاعدتهِ العروضية هي ( مستفعلن فاعلن ... مستفعلن فاعلن ) ويبنى على الجناس اللّفظي بدل القافية . *3 .
وعادة ما يُنظم الموال على نظام ( البَند ) وهو - كل ثلاثة أبيات مجنّسة، وعلى نفس الإيقاع الوزني ( البسيط ) . وأقل موّال عراقي ينظم على ( بندين وقُفل ) ، اي ما مجموعه سبعة أبيات، وهذا النوع من الموال يسمّى ( الموّال الزهيري ) وما زاد على عشرة ابيات يسمى (الموال العشيري) وما زاد عن ذلك سُميَ (الموال المشط) *4 .
وموّالنا السومري، من هذا الموال الأخير، ويُبوّب في خانة (الموال القَصَصي) . أمّا سبب تسميته بالموال السومري ، فهناك عِدّة أسباب دعتني لأن أختار هذه التسمية، منها : هو أنّه يتحدّث عن شعب سومر وبلاد الرافدين، عِبر المراحل التاريخية، وماعاناه هذا الشعب من ويلاتٍ مترادفة ومتلاحقة، مرّت عليه عبر العصور، والتسمية تشمل كل الشعوب والقوميّات والإثنيّات التي يتكوّن منها الشعب العراقي، سليل بلاد سومر .
* يعتَمد الموّال السومري على التاريخ، بوصفه حاملاً لكل الأحداث التاريخية التي مَرَّ بها الشعب العراقي، وما انطوت عليه أحداثِهِ، والإفرازات الأنثروبولوجية والساسيولوجية التي مَرّ بها هذا الشعب.
* تبدأ تأرخة الأحداث بهذا الموال السومري من حَدثٍ هام وقع في عِشرينات القرن الماضي، وتحديداً في30 - حزيران - 1920 م ، حيث انتفض الشعب العراقي بثورته العارمة ضد الوجود البريطاني في العراق، وسُمّيت هذه الثورة في المُدونات التاريخية العراقية بإسم ( ثورة العشرين) . وبهذا المعنى يكون الموّال السومري، يُؤرّخ لفترة قرن من الزمان بالكمال والتمام من ( 1920 - 2020 م) .
* موضوعات الموال السومري:
عَملٌ بهذا الحجم الكبير من الأبيات الشعرية، والتي بَلَغَت ( 3333 ) بيتاً من الموال، تحتاج الى موضوعاتٍ رئيسيّة كبيرة، تمتد بأحداثها لمدة قَرن، فكان أمامي موضوعة ( التاريخ السياسي للعراق) وحركة الأحزاب السياسية العراقية فيه، والتي ظهرت بعد ثورة العشرين، بكل تاريخها السياسي والإجتماعي. وقد اعِدتُ تشكيل المشهد التاريخي - السياسي لهذه الأحزاب عن طريق الشعر الشعبي، وهي أوّل محاولة تاريخية إبداعيّة، تؤرّخ للسياسة من خلال الشعر في العراق، إذا لم تكن في بقية البلدان العربية، بمعنىً آخر، أن الموّال السومري، هو بحث ساسيولوجي، كُتِب بلغة الشِعر لا بِلُغة النَثر، وهذا هو الجديدُ فيه .
* إستعرضت في هذا الموّال، تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، بوصفهِ اقدم الأحزاب العراقية، واكثرها وطنية، يليه حزب البعث العربي الإشتراكي، والأحزاب والحركات القومية الكردية، وأحزاب الإسلام السياسي، منذ بداية القرن العشرين وحتى يومنا هذا .
* والموضوعات التي تناولتها في هذا الموال السومري، كانت موزّعة حسب الترتيب للأحرف الأبجدية العربية، مُضافاً إليها موضوعين آخرين، أي أن عدد الموضوعات الشعرية التي وردت في الموال بحدود 30 موضوعاً، أو فصلاً، ما خَلا الموضوعات النظرية التي وردت في بداية العمل، والتي جِئنا على ذكرها في فهرست الموضوعات . والموضوعات الواردة في الموال هي :
آ- تحت ظلال اللّوحة السومرية .
ب- مرايا ثورة العشرين .
ج- البدايات الأولى .
د- بدايات الحركات السياسية والشبابية - نيسان 1948 .
ه- مرحلة ثورة 14 - تموز - 1958 .
و- انقلاب البعث عام 1963 .
ز- حركة حسن سريع وقطار الموت 1963 .
ح- بروز خط آب التصفوي في الحزب الشيوعي العراقي عام 1964 .
ط- البعث ومشاورات الجبهة الوطنية التقدمية الزائفة عام 1973- 1978 .
ي- الحركات الثورية في الأهوار .
ك- تداعيات لحالةٍ قد مضت .
ل- شجون الجبهة الوطنية وحضورها المؤلم في الذاكرة العراقية.
م- محطّة دمشق 1983 - 2003 .
ن- عِتاب مكتوم.
س- تهويمات على تاريخٍ مضى .
ع- تجربة الدراسات الحزبية .
ف- تجربة حركة الأنصار الشيوعيّين في شمال العراق 1980 - 2003 .
ص- تجربة غزو العراق عام 2003 .
ق- تغريدات على الدستور العراقي وتداعياته .
ر- مُناجاة لإشخاصٍ في الذاكرة.
ش- تأمُلات خارج سياق الحَدث.
ت-رؤيا مُعاصرة .
ث- إسقاطات على منهج النقد السياسي .
غ- أحداث سياسيّة لما بعد 2014- 2018 .
ض- أحداث الغزو الداعشي وتداعياتها 20013 - 2018 .
ظ- غايات لم تُدركك .
ذ- إسقاطات ذاتية على حالات معاصرة .
خ-خارج السياق .
م- مجئ أصحاب اللّحى .
* نَص الموّال، بين الحاشِيةِ والمَتن :
كانت لغة الموال الشعرية تعتمد على لهجات الجنوب والوسط العراقي، الأمر الذي قد يُشكل على القارئ العربي، وحتى القارئ العراقي أحياناً، من إدراك المعاني المقصودة، لاسيما الكلمات الشعبية الموغلة في محلّيتها القديمة، ذات الجذور السومرية، الأمر الذي حدا بِنا لأن نستخدم ( الحاشية ) لشرح معاني مفردات النص، ومحمولات معانيها الشعبية،لا سيما تلك المفردات التي تكثر فيها ( أحرف الكشكشة والشنشنة - ﭺ - ﮒ ) هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ربط وتوثيق الأحداث بمرجعيّاتها السياسية والتاريخية، وفق (منهج الإحالة المرجعية ) بغية توثيق مصداقية النص، والأحداث التي تكلّم عنها، وبنفس الوقت، أن هذه الهوامش تؤكّد حقيقة الحدث، وتضفي على أبطاله سمة ( البطل الشعبي) لا سيما وأن هؤلاء الأبطال، هُم حقيقيون، ولهم تاريخهم السياسي والإجتماعي، بعضهم توفّى، والبعض الآخر مازال حياً ، وشاهِداً على الأحداث .
* كما أن مسالة استخدامنا (الجناس) بدلاً من القافية، هو أمرٌ في غاية الأهمية والصعوبة، حيث أن ( تعديات الجناس) لا تتجواز، في المعتاد، الثلاث معاني أو أربعة، لكنها لُعبة موسيقية في الشعر يستسيغها السماع، ويتفاعل معها الخيال، وتطرب عليها الروح، رغم مُسحة الحُزن الطاغية على هذا النمط الشعري في التراث العراقي.
كما أن هذه التجربة، هي مُغامرتي الثانية في الشعر الشعبي، بعد قصيدتي الملحمية ( جبت كُل العِراق وجيت ) والتي كُتبت أبياتُهاعلى القافية، وقد بلغت حوالي ( 1580 بيت ) ونُشرت بدار كنعان الفلسطينية بدمشق عام 2019 .
* أردتُ من هذه التجربة الشعرية أن أُثبِت أهمية الموال في التراث الشعبي العراقي من جهة، ومن جهة ثانية ، أختبر مقدرتي على النظم في هذا الميدان الشعري، ومن جهة ثالثة، أردتُ أن أدفع بشعراء الموال في العراق على مُجاراتي في هذا النظم ، لأن الأوائل الذين سبقونا في هذا النظم الشعري قد اشتغلوا عليه لأكثر من 800 سنة، حتى أوصلوه الى صيغته الحالية ( الموال الزهيري). ومن جهة رابعة، أردت أن أكون أوّل شاعرٍ عراقي بلغ هذا الشأوَ في المطاولة الشعرية في نظم الموال، إذ لم يسبقني شاعرٌ عراقي في هذا المجال .
* شغلتني موضوعات الموال لأكثر من سنة بأكملها، وقد استخدمت في هذا العمل 86 مصدراً ومرجعاً .
*الهوامش :
1- عن إلياذة هوميروس- يراجع : الموسوعة الحُرّة - مادة إلياذة ، هوميروس .
2- الحسﭽة : هي تلكك اللغة المحلية(اللّهجة) التي لايدرك معانيها إلاّ أبناء تلك المناطق،وهي عند أبناء الجنوب أكثر من غيرهم.
3- راجع : صفي الدين الحلّي- العاطل الحالي والمُرخّص الغالي- ص3، تحقيق د. حسين نصّار، منشورات وزارة الإعلام العراقية-ط2- دار الشؤون الثقافية، بغداد 1990 .
4- راجع كتابنا ( دراسات في الموال العراقي - ص26 ،منشورات الثقافة الشعبية- للدراسات والبحوث والنشر، البحرين.ط1 أبريل 2014.
5- المصدر السابق - ص 40 من الباب الرابع .
وسوم: العدد 846