قوة السينما
هذه العبارة هي أهم عبارة اصطادتها سنارتي اليوم من عالم السياسة. أثارها الفنان السوري "جهاد عبدو" منبها "أن الشعب السوري والشعوب العربية لا تؤمن بقوة السينما"
حين أتلو قوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ) أعلم أن ذكر رباط الخيل في السياق، كان ذكرا زمنيا للتمثيل، ويجب أن ينزل كل ما يخدم مصالح المسلمين، في كل عصر منزلته. لا أعلم من يمكن أن يثور بي أو عليّ فيرد القول فيورد علي، قول الرسول الكريم: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة"، وأعود إلى التأكيد على رمزية الخيل بوصفها من أدوات الجهاد، ويعود إلى التأكيد على تعينها.
"قوة السينما"
بوصفها منصة رسالية، وكلمة السينما في السياق تعني الفيلم الطويل والقصير وأفلام الصالات ومسلسلات التلفزيون في السهرات، كل ذلك غدا منذ قرن أو أكثر سلاحا ماضيا، وكل الناس أصابوا أو أصيبوا منه بحظ..
شاركت عوامل عديدة في صناعة موقفنا السلبي من السينما والتمثيل بشكل عام. حتى الذين يحومون حول السينما، يقارفونها كما يقارفون نوعا من الإثم. كتبت منذ فترة طويلة مقالا عن تاريخ السينما في الستينات والسبعينات في مدينتي حلب، لم أجرؤ حتى الآن على نشره، كلمة "سينمجي خمرجي .." تعني في العرف العام الكثير,
وأعود إلى ما قرأت اليوم على لسان الفنان "جهاد عبدو" "شعوبنا لا تؤمن بقوة السينما" ثم حديثه عن ضرورة تقديم شيء عن التغريبة السورية.. لأتساءل: أما آن لموقفنا التاريخي الذي مضى عليه أكثر من قرن أن يراجع، مراجعة عملية عقلية شرعية مبصرة؟؟
إن حدثا في حجم الحدث السوري جدير بمئات الأفلام الواقعية، تلتقط صورة الحدث بكاميرا ثلاثية الأبعاد، تخاطب من خلالها إنسانية الإنسان أولا، تؤرخ للوقائع، تحكي لكل أجيال العالم كل ما جرى ويجري.
أكثر ما يؤلمني ويزعجني أن ينسب إلى حملة المشروع الإسلامي أنهم العائق الأول في طريق اعتلاء هذه المنصة، والرمي بهذا السلاح.
ولا شك أن صمت أصحاب هذه المرجعيات أو لا مبالاتهم، وأحيانا تنديدهم واقتناصهم الفجوات وهم يخلطون بين ما يصور في السينما ،وما يكتب في كتاب؛ كل أولئك يخلف موقفا سلبيا نحن مطالبون بتجاوزه..
وأحيانا حين أقرأ تفصيلات بعض المؤرحين المسلمين الثقات لبعض وقائع التاريخ أشعر أنني بالفعل أمام كاميرا متعددة الأبعاد، ارجع مثلا كيف وصف ابن كثير ساعات كربلاء عظيمة البلاء...
لا أكتب هذا تسلية، ولا أكتب هذا لتسجيل نقطة على أحد، ولا أكتب هذا للتراشق مع أحد...
من بعض أسباب بلائنا في هذا القرن، أن فرسان المماليك ظلوا يؤمنون بخيولهم وسيوفهم حتى وصل محمد علي إلى مصر فأبادهم في وليمة القلعة المشهورة...
أيها الناس، عيشوا عصركم، تفيؤوا ظلاله، واستعينوا بما خلق الله لكم بعد الخيل والبغال والحمير حين قال: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
وسوم: العدد 1006