الفنان .. قامةُ تنحني تواضعاً!
الفنان .. قامةُ تنحني تواضعاً!
سليمان عبد الله حمد
فهذا مبدع من الزمن الجميل .. أرتوي من ذاك النبع الصافي ... فهو إنسان مبدع في كل شي حتى في أدق مسيرته ، لمْ أعرف بأنّ النجومَ تمشى على سطحِ البسيطةِ إلا حينما إلتقيتهُ، ولم أُدرك بأن الشموخُ يُصاحب البساطة إلا عندما حدثتُه، رجلُ يطاولُ السماءً قامةً ويفوقُ السنابلَ الممُتلةُ خشوعاً، يحملُ قلباً رقيقاً وعقلاً مُنيراً يُضئ كُل مساحات الفنون رونقاً وجمالا وظلالا ، لا يبخلُ بالنصيحة ولا يألو جُهداً فى سبيل المشورة الفنية في أي وقت وفي أي زمان ومكان وكذلك تزليل كل الصعاب الفنية والمزالق الابداعية لمبدعي الجمال الفني ...
وكذلك تشجيع المواهب الشابة سواءً فى مجال الكلمة أو الصوت أو اللحن، هو مدرسةً قائمة بذاتها تُعلِّمُ قبلَ الفنَ أخلاقاً وتواضعاً.
فهو فنان ينحت في وجداننا مكونا عبقا خاصا به عبر تقادم الازمان ... فأنت جميل .... تعبير إنسان فنان ... لأن العادة جرت علي أن تسبق الشهرة الشخصية ....
لعل الفنان اشتهر بكونه إنسان.....
وهو في الفن إنسان
وفي الحزن إنسان ... إن تحدث فهو إنسان
وإن صمت فهو إنسان ... أخشي عليك يا هذا من فيض
الإنسانية ...!!!
ليت جيلُ اليومَ يتعلمُ مِنه تلك الخِصال ويكفون عن التمخطرِ بحِفنةٍ من أعمالِ لا تكادُ تجِدُ لها سطراً واحداً في مُجلد تاريخ الفن ، فها هو ذا سجلَ عشرات الصفحات فى تاريخ الفن الوجداني لحناً وآداء ً ورغم ذلك لم يمشي مُتوكئاً على مجده و لا مُعتمداً على إنجازاته، شخصيةُ تستبطنُ الدفءِ وتستظهرُ من الإبداعِ الكثير بل ويحملُ جيلُ الشبابِ على جناحِ الرأفةِ والرحمة فلا يُقدمُ لهم النقد إلا نُصحاً رقيقاً ولا يستنكرُ عليهم أداء أُغنيات الكِبار ولا يتهمهم بالتقليد، وهذا ما يحدثُ حين يلتقي الجمعان من الإبداع والتواضع.
هو من اكثرُ الشخصيات التى أثارت دهشتى، نبعاً نابضاً بالعطاء يملأنا دهشةً ويحملنا بين طيات الفن الأصيل إلي عوالم الجمال الساحر نعبرُ معه إلي تلك الزوايا الخفيه وما تنوء به من دفق المشاعر الإنسانية وكأننا في رحلة إلي الدواخل لا يستطيع توفيرها من هم أقلّ حِساً و أقلّ تملُكاً لناصية الإبداع من أمثاله.
أدامهُ الله سقفاً عالياً ومَلكاً يهبط في إسرائه المعهود يدنو ليسكب الضوء على كل مساحات الفن، ومتعهُ بالصحة والعافية ومدّ له من سُبل العطاء الذى لا ينفذ.
هؤلاء من نذروا حياتهم طوعا للفن الأصيل من زمان قل فيه الابداع والمبدعين فمن حقهم أن يمجدوا قبل الرحيل ...