مائة عام من السينما

د. رفيق الصبان يكتب عن:

بدر محمد بدر

[email protected]

يطوف بنا المؤرخ السينمائي د. رفيق الصبان في عالم السينما، منذ بداياته الأولى في أوائل القرن العشرين وحتى الآن، عبر كتابه الجديد "السينما كما رأيتها"، الذي صدر مؤخرًا في 222 صفحة، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة.

وتمتد رحلة "الفن السابع", كما ترويها فصول الكتاب العشرون، خلال قرن من الزمان، أصبحت السينما فيه من أهم سماته، ولم يعرف تاريخ الفنون كله فنا، امتدت جماهيريته، وانتشر تأثيره، وأصبح من أساسيات حياتنا، كفن السينما..

تنوع واختلاف

قوة هذا الفن السابع، كما يقول المؤلف، تكمن في قدرته على التنوع والاختلاف، وتلونه بأسلوب وطريقة حياة البلد الذي يظهر فيه، وهو ما يجعل السينما الأميركية مثلاً تختلف اختلافًا كبيرًا عن مثيلاتها في أوروبا أو آسيا أو أميركا الجنوبية، رغم أنها تحمل السمات نفسها، وتعمل بالطريقة ذاتها.

وظلت السينما منذ نشأتها صامتة لأكثر من ثلاثين عامًا، حتى نطقت السينما الأميركية في عام 1929، وقلبت القواعد التي قامت عليها حتى ذلك التاريخ، وظهر أول فيلم مصري بعنوان "ليلى" عام 1927 من بطولة وإخراج عزيزة أمير واستيفان روستي، ثم بدأت سينما المشاهير بعدها بفيلم "وداد" للفنانة أم كلثوم، و"الوردة البيضاء" للموسيقار محمد عبد الوهاب، في فترة الثلاثينيات.

ويشير المؤلف إلى أن الحرب العالمية الثانية لعبت دورًا مهما في تطوير صناعة السينما المصرية، وتحديد اتجاهاتها الفنية التي كانت تفتقر إلى اللون الخاص الذي يمكن أن يميزها, وبدأت حركة حقيقية وإنتاج جيد وحس فني واضح، خصوصًا مع ظهور موجه جديدة من المخرجين والممثلين الأكثر شعبية، ما أدى إلى إقبال الجمهور على مشاهدة الأفلام بغزارة، بعد الحرب العالمية الثانية.

السينما العربية

وفي تلك الفترة بدأت بعض مظاهر الإنتاج السينمائي تبدو على خجل في بقية البلدان العربية، مثل سوريا وتونس والعراق، لكنها لم تستطع الانتشار ومنافسة الفيلم المصري، وبقيت تجارب فردية منعزلة، لم يتسن لها أن تكون اتجاها أو مدرسة إلا بعد سنين طويلة.

ويقول المؤلف إن السينما العالمية وصلت إلى أقصى درجات نضجها في العشرين سنة الأخيرة من القرن الماضي، مما هيأها لاستقبال القرن الجديد، حاملة تاج الفن كله على رأسها، غير عابئة بمنافسة التليفزيون، رغم انتشاره الجماهيري الواسع, ويكفي أن نشير إلى أن 60% من برامج التليفزيون في قنواته المختلفة قائم على أفلام السينما.

كما شهدت مرحلة الثمانينيات ظاهرة الأفلام المسلسلة، إذ لا يكفي أن يحقق الفيلم نجاحًا تجاريًّا، حتى تتبعه الشركة بفيلم آخر، ثم ثالث ورابع حتى تستهلك نجاحه تمامًا، وإلى جانب ذلك ظهر اتجاه آخر لاقى نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا، وهو تقديم حياة المشاهير مثل فيلم غاندي.

أفلام اجتماعية

أيضاً ظهرت أفلام ذات طابع اجتماعي جاد، تعكس بصورة شديدة الواقعية المشاكل التي تدور في المجتمع الأميركي مثل الزواج والطلاق وعلاقة الأجيال ببعضها، أيضًا اتخذت أفلام الرعب التي يعشقها المجتمع الأميركي، طابعًا خاصًا من خلال أفلام الشبح، والوهج.

وزاد الفيلم السياسي من جرأة تعبيره وتحديه، فظهر فيلم عن الحزب الشيوعي في أميركا وأنصاره وحلفاؤه باسم "الحمر".

ويشير المؤلف إلى أن أفلام الخيال العلمي وجدت تعبيرًا فنيًا خاصًا بها، يختلف عن الإبهار المعتاد بأفلام ذات طابع إنساني عميق، تجعلنا نتعاطف مع مخلوقات العالم الآخر، عوضًا عن جعلها وحوشًا تثير الرعب، وتنشر الخراب والقتل.

ويمضي الكتاب في إعطاء صورة سريعة عن الواقع السينمائي في العديد من الدول، ومدى التطور الفني الذي وصلت إليه.