الفن وسنينه
خليل الجبالي
الفن وسيلة مقبولة لدي كثير من الناس لتصل بهم الي رسالة سامية منبثقة من الاخلاق الفاضلة والسلوكيات الحميدة، فالقصة من الوسائل المؤثرة لدي المستمع والتي تأخذ بخياله ليعيش في سيناريو الواقع كأنه يحاكيه، فيتأثر بالمشاهدة أيما تأثير.
فالفن ينقل واقع المجتمعات الغائبة من دائرة وقوع الحدث لواقع ملموسة يصل الي مستويات المجتمع وطبقاته المختلفة، لذا فإن الفن يعمل علي تغيير المجتمع من حالٍ إلي آخر طبقاً للهدف المحدد له.
فكلما كان الفن صالحاً في وسائله كلما تحول المجتمع إلي إيجابي نافعٍ لوطنه ومواطنيه.
واذا إنحطت غاية الفن لتتحول من طاعة لله في مشاهدها إلي سعي لجمع الأموال و قضاء الشهوات والنزوات بأي وسيلة فستظهرت البيئة الفاسدة، و يتولد أفراد فاسدون تنطمس في عقولهم الغاية التي خلقوا من أجلها وهي عبودية الله،عندها سيتجه المجتمع نحو الفساد بعد أن تعلو كلمة المفسدين في ظهورهم وتميزهم فتنتشر الفاحشة بدعوة هؤلاء إليها، عندها يحق فيهم قول الله تعالي (إنَّ الَذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ واللَّهُ يَعْلَمُ وأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) سورة النور.
إن الفنان صاحب الاخلاق السوية والسرية النقية والتربية القوية يعلم أن له دورعظيم في إصلاح المجتمع ونهضة الامة، لا يتخلي عنه مهما بسطت له المغريات طريقها أو تدفقت الأموال بين يديه، وإلا سيعتزل هذه المهنة التي حادت عن هدفها بعد أن تعظْم الرذائل وتصغر الفضائل ويعلوا نجم المفسدين.
إن اليهود علموا أن للفن دور كبير في تغيير البشر لتحقيق أهدافهم الدنيئة فاستغلوا المال والنساء في ذلك فساءت الوسيلة بعدما ساء الهدف.
إن العلامة سيجموند فرويد اليهودي الذي هو من وراء علم النفس يرجع كل الميول والآداب الفنية إلى الغريزة الجنسية، كي يبطل قداستها، ويخجل الإنسان منها ويزهدوا فيها ليُسلب الإنسان إيمانه بسهولة.
إن النظرة إلي الإرتقاء بالإحساس في قيم الجمال والخير والحق والعبادة يدعونا الله تعالي إليها، ويأمرنا رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم بها، فقد روي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال (إنَّ اللهَ جميلٌ يحبُّ الجَمالَ ويحبُّ أن يرى أثرَ نعمتِه على عبدِه لكنِ الكبرُ مَن سفَّه الحقَّ وغمصَ الناسَ أعمالَهم) المحدث:الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة- الصفحة أو الرقم:4/167
إن الفن تغيير الغير الي الأفضل، ولن يستطيع الفنان أن يكون داعي للهدي إلا إذا إقتنع بما يقوم به من تمثيل وتجسيد للشخصية السوية فإذا حاد عن ذلك اختلفت غايته فيصبح داعي إلي الرذيلة والفجور، ويكون الفن وبالاً علي الفنان والمجتمع الذي يحي فيه.
فقد روي أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال (من دعا إلى هدى كان له منالأجر مثل أجر من اتبعه لم ينتقص من أجورهم شيئا و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مناتبعه لا ينقص من آثامهم شيئا) المصدر:صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم:2674.
إن مهنة التمثيل إذا انتهجت الكذب الصريح في حوارتها، وإختلاط الرجال بالنساء في مواقفها، وتعري النساء وأظهرهن مفاتنهن أمام الرجال فإنها تحرم علي القائمين بها، فالغاية لا تبرر الوسيلة.
إن حماية المجتمعات الإسلامية من أسباب الإنحلال والفساد هو واجب علي الحكام بالدرجة الأولى بل واجب علي كل فردٍ غيورٍ علي دينه وعرضه فيأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر بالطرق الشرعية التي بينها ديننا الحنيف ، وأن ياخذ كل الطرق والوسائل القانونية التي يحفظ بها أخلاقه وآدابه وقيمه في مجتمعه.
إن الفن حاله حلال وحرامه حرام كما قال عنه شيخنا الجليل محمد الغزالي رحمه الله.
فطوبي للداعين إلي الهدي، المتواضعين للحق عندما يردهم الناصحون إليه (ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ وعَمِلَ صَالِحاً وقَالَ إنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ (33) ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ ولِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت.