الخواجة عبد القادر ومفاتيح الروح

الخواجة عبد القادر ومفاتيح الروح

عامر ممدوح

[email protected]

منذ اللحظة الأولى !! وقبل أن يبزغ هلال شهر رمضان ، بل ومنذ لحظة الإعلان ، حين ينطق هربرت الشهادتين ببراءة الطفل ، وارتجاف البدن ، ودمعة العين ...

 مذ تلك اللحظة ، وجدت نفسي مشدوداً لدراما الخواجة عبد القادر التي بدا واضحاً أنها ستكون اكبر من مسلسل رمضاني يدخل للسباق المحموم ويخرج سريعاً !!

هي ــ إن شئت ــ رائعة الروائع ، أو ملحمة البحث عن يقين النفس والسعي نحو النور الأبدي الذي لا ينطفىء لأنه يعتمر القلب ويسكنه ويستمد ضياءه من نور الله العظيم .

" الخواجة عبد القادر " محاكاة للروح ، ومناجاة للوجدان ، وعلاج للأنفس التي أضناها التعب والشقاء بالحب العميق الطويل كالصحراء التي مشى فيها يوماً الرجل المملوء يأساً وقنوطاً ناشداً السعادة وصولاً نحو ظلال الإسلام العظيم .

وهي قصة تتجاوز الزمان والمكان ، تفتح الأبواب الموصدة ، وتزيل الجدران العالية ، وتقارب الماضي بالحاضر وصولاً حد الإنصهار التام دون تناقض أو نشاز !!

مثلما إنها جرعات الحب التي نلقاها كل ليلة على يد الكبير يحيى الفخراني ، العجيب في تمثيله ، الرائع ، والحنون ، بل لا مبالغة إن قلت إنه بدا لنا طفلاً صغيراً يحمل قلب مؤمن كبير !!.  

وكل ذلك على وقع لمسات عمر خيرت الذي استبدل البيانو بأوتار القلب ، وتلاعب بالأحاسيس صعوداً وهبوطاً ، على وقع تلك الأبيات التي هزت الخواجه في ليل الضياع البهيم  :

{ والله ماطلعت شمسٌ ولاغـربـت         إلاّ وذكـرك مـقــرونٌ بأنفــاســي }

{ولاشـربتُ لذيذ المـاء من ظمـأ          إلاّ رأيتُ خيـالا منـك فـي الكـأس}

{ولا جلسـتُ إلـى قـوم أحـدثـهـم       إلاّ وكنتَ حديثي بيـن جـُلاســـي }

الدراما تحمل رسالة الحب والتعايش بين مختلف الهويات ، تنقي الإسلام مما ألصق به حين تبحث عن جوهره ، تغالب وساوس النفس بالركون إلى واحات الإيمان ، تعالج مختلف الأفكار الراهنة بطريقة سلسلة دون اقحام ، لا تنسى الحديث عن مآلات البعد عن إشراقات الدين القيم ، حين تمتهن الكرامة ، ويصبح امن الدولة ملاحقاً للقشيري ، وأبي حامد ، وقطب في إشارة ذكية لاستهداف كل فكر حي نير يعالج النفس والمجتمع !!

والمسلسل لا يغفل الإشارة إلى أن النفوس تعتمل فيها نوازع الخير والشر ، دون ركون إلى بياض او سواد مطلق .. فتلك هي النفس ، وذلك هو القلب المتقلب بين أصبعين من أصابع الرحمن ، او حبة في مسبحة تتنقل به من حال إلى حال ..والقادر هو من كان عبد القادر !! والفائز من عبر جسر المحبة نحو رياحين الجنان !!.

ولعل قيمة المسلسل أنها تأتي اليوم .. في هذا الوقت بالذات !!

فقلوبنا اخشوشنت كأيدي فلاح أجير أعمل ادواته في أرض قاسية جرداء ، فلم تعد تهتز لموعظة أو قول !!

ونفوسنا اعتلت بامراض الدنيا حتى بدا أنه ليس لها علاج !!

ولذا ... فنحن نحتاج اليوم إلى عبد القادر الشيخ والخواجة ..كما نحتاج إلى رقة فضل الله ، والتزام كمال ، ويقين ابنه عبد القادر..

نحتاج إلى ذلك الحب ، والقلب ، والدموع الساخنة .. إلى جلسة في حضرة الشيخ عبد القادر ، وصلاة في مسجد عتيق ، تعيد لنا ما افتقدناه طويلاً .. تحسسنا كم هو عظيم ديننا .. وتمنحنا مفاتيح الروح وصولاً إلى النقاء المنشود !! .

للفخراني .. وولده شادي .. و عبدالرحيم كمال .. تحية وسلام !!