برنامج هابط بأداء أراجوزي
برنامج هابط
بأداء أراجوزي
أ.د/
جابر قميحةكم كنت سعيدا وحريصا ــ أنا وأسرتي ــ على مشاهدة برنامج صباحي اسمه "صباح الخير" في قناة ontv يقدمه ثنائي من سيدة فاضلة وزميل متزن ملتزم في لغته وأدائه واستخراجاته ، فلغته عربية سهلة سليمة ، ثم ترك هذا البرنامج فجأة ، لينفرد بتقديم برنامج رائع ... رائع .
وفوجئنا ... بل فجعنا بحلول شخصية غريبة في كل شيء ( اسمه ي ... ) ، فكان بديلا جمع رصيدا ضخما من المساوئ .
نشير إلى بعضها في السطور الآتية :
أنه يستعمل كفيه وأصابعه ويديه وذراعيه في التعبير عما يقدمه ، وكأنه يتحدث في حلقة من حلقات " الصم البكم " الذين يعتمدون على الرؤية لا على السماع ولا على النطق .
أنه فقد الاتزان والمنهجية ، فمرة يستعمل – في الحلقة الواحدة - يديه وذراعيه وكل أصابعه ، وأحيانا يحرك جسمه حركات كوميدية على الكرسي الذي يجلس عليه .... طلوعا ونزولا ، وميلا إلى الأمام ، وإلى اليسار واليمين ، في سرعات خاطفة ، كأن به عاهة ، أو كأنه يجلس على شوك أو مسامير .
أنه دائما يحك كفيه في سرعة مذهلة كالذي يشكو من برد ، ويدفئ كفيه على فحم أو على موقد بطريقة هستيرية مرفوضة .
ومن لوازمه – بحركات " أرجوزية " – حك ذقنه ، ووضع بعض أصابعه على شاربه الخفيف ، وقيامه – بسبابة يده وإبهامها - بإزالة ما على مؤخرة شفتيه من زبَد (ريم) ، مما يجعل المشاهدين في حالة غثيان .
ومن أيام رأيت عجبا ... رأيت زميلته تجيب على أحد أسئلة المشاهدين فيمد إليها يده ويصافحها بطريقة " برافو ... برافو " ، وكثيرا ما يستمر في حوار مع زميلته الأصلية في البرنامج ، وكأنهما لا يؤمنان بأن هناك جمهورا يشاهد البرنامج . وفي ذلك استهانة بالمشاهدين .
أما لغته فهي " العارُ نفسه " بل هي مفسدة للخلق والذوق فهو لا يتحدث إلا بالعامية الهابطة... لهجة الأسواق والحواري والمصاطب في سرعة مذهلة. ومن ذلك :
أ - قوله : يعني لما يجي واحد يكلني على قفايا ( أي لو جاءني شخص
وأكلني على قفاي أي صفعني على القفا ) .... وينحني صاحبنا ( ي ... )
للمشاهدين وكفه على قفاه ليريهم معنى الأكل على القفا . وكررها عدة مرات .
ب - ومن كلماته : إلخ إلخ إلخ . وأقول " يا محترم جدا " إن الخ هذه لا
تكرر ، وليست من ألفاظ النطق بل يستغنى عنها بكلمة " إلى أخره "
ج – ومن تشبيهاته المرفوضة قوله : والإعلام الوقتي زي الست المتطلقة
( يقصد المطلقة ) . ولم يبين أي ست يقصد هل هي من أسرة أصيلة
أم أسرة هابطة كعاميته الدميمة .
د – وكثيرا ما يستعمل عبارات فيها نوع من التوثن الذاتي " النرجسية "
حتى قال بعض ضيوفه : إن صاحبنا هذا يحرص على أن " يأكل الجو " من زميلته ، بل من ضيوف البرنامج ويتكرر الضمير " أنا " عشرات المرات في كل حلقة من حلقاته . وكثيرا ما يستخدم عبارة " تعلمت من والدي وأنا صغيـّر... أو والدي آل لي (قال لي) في الصغر كذا وكذا ... "
ومما يؤيد ذلك ما يظهره من تعالم ، فمثلا في سياق حديثه عن تطعيم الأطفال الذي أدى إلى موت بعضهم فيقول : " واللي حصل ده يعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد ، يعني يجب أن يحكم عليه بالسجن عشر سنوات " . أي أن صاحبنا " ي " جعل من نفسه واحدا من فقهاء القانون ، وأي تلميذ في المرحلة الابتدائية يقول له إن جريمة القتل مع سبق الإصرار والترصد جزاؤها الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة . عجبي . !!!!!!
هـ - وفي حماسة وتظرف مرفوض يصرخ : وأنا صادق في اللي بقوله ، وأقسم بالله على ذلك ، وبحياة أولادي . ( تصوروا ... يحلف بالله وبأولاده !!!!) .
و ــ وهو لا يلتزم الحياد فيما يعرضه البرنامج بل نجده يهاجم الإسلاميين بضراوة ودمامة ، فيقول مثلا : " .... ففيه الحرية والعدالة والإخوان المسلمين ... وكنا نتمنى أن لا يكون لهم وجود في الساحة المصرية " .
ز ــ ويسيء إلى المشاهدين بطريقة أرجوزية ، فمن أقواله : إحنا بنرحب بالنقد السليم ، لكن إللي يئل ( يقل ) أدبه معانا أنا حمسك لسانه ... ( ويرفع يده اليمنى على هيئة ساطور ويهوي بها ، كأنه يقطع لحما . ( ويعني بذلك " أقطع لسانه " ) . وما زال هذا البرنامج – بثنائيته ومراسليه المنتشرين في مراكز الانتخابات في المدن المصرية – يجعل همه الأكبر الهجوم الضال الضاري على الإخوان وحزب الحرية والعدالة والسلفيين .. وهم يطلقون عليهم دعاة الإسلام السياسي . زيادة على التشكيك الحاد في نزاهة الانتخابات .
إنه برنامج " مبرمج جاهز " يسير على خط واحد مرسوم ، ولا مكان فيه للاتزان والحيادية .
وأعتقد - حتى يعود للبرنامج مكانته الأولى قبل هبوط صاحبنا " ي ... " - يجب اختيار شخصية جديرة بموقع تلفازي ... شخصية لها خبرتها وقيمها ومكانتها عند المشاهدين . والتزام الاتزان والموضوعية والمصداقية والحياد .
**********
ويعلم الله أنني ما أردت تجريح أحد ، أو التشهير به ، "... إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " هود (88) .