أهلاً بـ "أبو عرب"
أهلاً بـ "أبو عرب"
صوت الثورة وشاعر الحنين الفلسطيني
شاكر فريد حسن
الفنان والشاعر الشعبي الفلسطيني ابراهيم محمد صالح المعروف بـ" أبو عرب "، هو شاعر الحنين والوطن والثورة والمخيم الفلسطيني ، وصاحب الصوت الجهوري الرخيم والحنون، الذي طالما شنّف آذاننا باهازيجه الشعبية والوطنية والثورية واغانيه التراثية والفولكلورية ذات النكهة الفلسطينية الصميمية المحببة..تلك الأغاني والاهازيج والمواويل والعتابا والشعبيات ، التي رددتها الحناجر الفلسطينية في المناسبات الوطنية والكفاحية وأيام الغضب الساطع والانتفاضات الشعبية الفلسطينية والأعراس العامة.
وأبو عرب اللاجئ الفلسطيني ، الذي عانق ضوء الحياة في قرية (الشجرة) المهجّرة ، التي ولد فيها ايضاّ صديقه وابن عمته رسام الكاركتير الفلسطيني الشهير (ناجي العلي) ،وشرد منها وهو في السابعة عشرة من عمره الغض الى لبنان ثم الى سوريا ، حيث استقر وأقام وعاش في مخيمات الفقر واللجوء والبؤس والشقاء الفلسطيني ، وذاق طعم الغربة والبعد عن وطنه ، واستعر فؤاده بنيران وحرارة الشوق العاصف والحنين اللاهب لتراب وثرى فلسطين الغالي والمقدس ، وعبّرعن هذا الوجد والجوى والحنين وألم الغربة والاشتياق في اغانيه الشعبية ، التي انتشرت على ألسنة الفلسطينيين في المخيمات والمنافي القسرية.
ومنذ صغره عشق أبو عرب الغناء وسكنته الكلمة ، فغنى وأنشد للثورة والصمود والعودة ،وللوطن السليب بكل تجلياته ، وهتف للانتفاضة وثورة الحجر وللشهداء ولغزة هاشم ورام اللـه وكل موقع ومكان في ارض فلسطين . ومن أشهر اغانيه : "سلم على فلسطين "و"راجع ع بلادي"و"لو طال العمر لاجئ"و"ما نسيتك يا دار اهلي" و"ظريف الطول "و"جفرا"والكثير الكثير .
وأغاني أبو عرب بمجملها ذات طابع وطني وسياسي وثوري وطبقي وانساني فلسطيني ، ومفعمة بروح الحنين للوطن ، وروح النضال والتحدي والغضب الثوري ، وتحمل بذرة المقاومة ، وانطلقت من المأساة الانسانية الفلسطينية والتجربة النضالية والكفاحية والثورية لشعبنا الفلسطيني .
وما يميز أبو عرب هو عشقه وتعلقه بالأرض الفلسطينية المغتصبة ، بترابها وجبالها ووديانها وصخورها وأشجارها ، وتقديسها الى حد التدله . انه صوت غنائي دائم الاشتعال ، ومفعم بالحب والايمان والتحدي والعشق الوطني . وقد فجّر مواهبه وابداعاته على امتداد الساحة الغنائية والشعبية الفلسطينية ، وغنى للكفاح والثورة، فأجاد وجعل القلوب والعيون تبكي وتتطلع اليه ، وتذوب وجداً وعشقاً وهياماً وحنينا للجذور ، وعندما ينساب صوته شجياً صادحاً مليئاً بالشجن والحزن ورنة الأسى فيستولي على النفوس ويحتل الأفئدة والعقول.
وقبل أيام وصل أبو عرب (ابن الثمانين عاماً) الى ربوع وطنه ، الذي احتضنه وعانقه ، ووطئت قدماه أرض فلسطين لأول مرة بعد غياب دام 63 عاماً ، وعاد ليستنشق رائحة التراب والزعتر والزوفا الفلسطينية ، وليغني على المسرح أمام ابناء المناطق الفلسطينية ، الذين استقبلوه بالترحاب ، وفاضت عيونهم وهم يستمعون الى اغانيه ومواويله في حفل رام اللـه ، هذه الأغاني التي لامست شغاف القلب والروح ،ودغدغت المشاعر الفلسطينية.
فأهلاً وسهلاُ ومرحباً بأبي عرب في وطنه ، وتحية ودية ندية عطرة نزجيها اليه ، مع التمنيات له بالصحة وطول العمر ليبقى يتحفنا باهازيجه واغانيه الشعبية الجميلة ، وعقبال العودة الدائمة الى وطن الحب الفلسطيني مع جميع الطيور الفلسطينية المهاجرة.