بدايات السينما في البحرين
بدايات السينما في البحرين
نقلا عن كتاب: تاريخ السينما في البحرين.
تأليف: الدكتور منصور محمّد سرحان (البحرين) .
النّاشر: مؤسسة الأيّام للنّشر.
الطّبعة: الأولى 2005م
أدّت السينما دورًا مهمًا في حركة التوعية الاجتماعيّة في البحرين. وكان لبداياتها المبكّرة في تاريخ البحرين المُعاصر أثره في رواج الحركة الفنيّة التي هي جزء لا يتجزّأ من أمور الثقافة بمفهومها العام. وقد مهّد وجود السينما في البحرين في سنوات العشرينيّات والثلاثينيّات الطريق لبزوغ الحركة المسرحيّة دون اعتراض من قبل البعض الذي يرى في كلّ جديد بدعة. فقد امتصّت محاولة فتح دور السينما في البحرين جام غضب أولئك النّاس الذين اعتقدوا خطأ أنّها من أعمال الشيطان، وأنّها السحر المُبين الذي لا يرقى إليه الشّك، وأنّ وجودها سيؤدّي حتما إلى جلب المفاسد ونشرها.
إلا أنّه بمرور الأيّام تبددت تلك المخاوف واطمأنّت النّفوس واتّضح للجميع أنّ السينما هي أحد الفنون الترفيهيّة الرّاقية التي يحتاجها النّاس.
المحاولة الأولى للسينما في البحرين 1922م
يرجع تاريخ المُحاولات الأولى لفتح دار سينما في البحرين إلى عقد العشرينيّات.
فعلى الرّغم من كون المجتمع البحريني حينذاك مجتمع صغير ومُحافظ، وتتفشى الأميّة بين أفراده، ويغلب عليه طابع الغوص والزراعة وهما الحرفتان اللتان تؤمنان له رزقه وقوت يومه، كما أنّ نمط الحياة الاجتماعيّة يغلب عليها البساطة... على الرّغم من كلّ ذلك فقد كانت هناك ومضات مضيئة حفرت آثارها في ذاكرة الزّمن بالنسبة لتاريخ البحرين المُعاصر.
ومن بين تلك الومضات المُحاولة الأولى لجلب السينما إلى البحرين في وقت مبكّر من القرن العشرين على يدي (محمود السّاعاتي) ، الذي يعتبر من بين أبرز المُساهمين في تشجيع الحركة الفنية والترفيهيّة في البحرين. ففي عام 1922م استقبل أهالي مدينة المنامة نبأ تواجد سينما في كوخ يقع على ساحل البحر إلى الغرب من موقع محاكم البحرين القديمة (موقع كريمكنزي فيما بعد) حيث كان البحر يصل بأمواجه المُتلاطمة إلى تلك المنطقة قبل ردمها في سنوات لاحقة من القرن العشرين.
ويبدو أنّ الساعاتي اختار هذه المنطقة بالذات لكونها المنطقة التي تنتشر فيها المقاهي الشعبيّة حينذاك، والمبنيّة من سعف النخل. وكان الطوّاشون والأهالي يترددون على هذه المقاهي في انتظار عودة سفن الغوص لاستقبال الأقرباء والأعزّاء بالنسبة للأهالي، ولمعرفة ما تمّ جنيه من لؤلؤ بالنسبة للطوّاشين وتجّار اللؤلؤ.
صفّت بالكوخ الذي هيأ كمقرّ للسينما ثلاثون كرسيًا ووضعت لوحة خشبيّة كبيرة عبارة عن شاشة. وحدد سعر التذكرة بآنتين، حيث يتم الدّفع مسبقا وتعطى للمشاهد قصاصة ورق صغيرة بمثابة تذكرة يحملها المُشاهد في يده للتأكّد من أنّ المبلغ قد دفع.
ورغم بدائيّة هذه التجربة إلا أن أثرها أخذ يزداد يومًا بعد يوم، وأخذ الحديث بين النّاس عمّا يُشاهدونه من أفلام تثير إعجاب واستغراب الجميع. وبدأ الأهالي في الشوارع والمقاهي والمنازل يتناقلون أخبار السينما وما تقدّمه من عروض، مما زاد من شهرتها وتردد النّاس عليها.
وقد حقق (محمود السّاعاتي) إنجازًا كبيرا بجلبه أوّل سينما في منطقة الخليج العربي محدثًا صدمة الاحتكاك الأولى مع معطيات الغرب في المجال الفنّي.
أدّى نجاح تجربة السينما إلى تبنّي الساعاتي فيما بعد تسجيل أصوات المطربين البحرينيين على أسطوانات. وقد زاول عمله كوكيل للاسطوانات في البحرين عام 1925م. وفي عام 1932م تمكّن من أخذ موافقة المطرب المشهور (محمّد بن فارس) بعد تردد طويل ليسجّل صوته على أسطوانات، وأن يتمّ ذلك في بغداد باعتبارها المكان المهيّأ باللوازم المطلوبة للتسجيل.