مع رائد النشيد الإسلامي المنشد أبو الجود

المنشد أبو الجود ( منذر سرميني ) علَم كبير في النشيد الإسلامي ، وقد أصدر العديد من الأشرطة عبر سنين طويلة امتدت منذ السبعينيات وحتى يومنا الحاضر ، وقد التقيته في العاصمة عمان حين كان يختبر المنشدين الذين سيشاركون في مسابقة ( منشد الشارقة ) التي تقدمها قناة الشارقة ، وكان الحوار الآتي :

·   النشـيد الإسـلامي دخلته تطورات كثيرة كالموسيقى والفيديو كليب والغزل .. فهل أنت راضٍ عن مسار النشيد الحالي ؟

 ـ نحن اليوم في أمة تتسع بدعوتها إلى الله وتحاول أن تتقارب مع الشعوب بفكرها المنوّر ، ولدرجةٍ ما نقول إنها استطاعت أن ترسل رسائل على أن هذا الإسلام دين هداية ونور وحق ، فالأمة بتوسعها وبتعدادها الكبير لا بد من نماذج متنوعة ومتعددة لتشبع رغبات هذا الجمهور العريض ، لأن المجتمع فيه طبقة الملتزمين ، وفيه طبقة أنصاف الملتزمين ، وفيه طبقة أرباع الملتزمين ، وفيه طبقة الماجنين ، فمَن يُرضي أرباع الملتزمين ؟ ومَن يُرضي أنصاف الملتزمين ؟ أبو الجود لا يرضيهم ، أبو الجود يُرضي الملتزمين ، أما المنشدون الجدد الذين استخدموا الموسيقى والغزل فمن الممكن جداً إرضاء هذا النوع من الجمهور ، فحين تتعدد الوسائل والرؤى تتكامل مع بعضها البعض في إشباع رغبة هذا المجتمع الكبير المتعدد الأطياف والأذواق .

 لأنه لا بد أن نعترف أن في المجتمع فئات تحب هذا اللون وتتعايش معه ، وأرى أن هذه الفئات كأنها مهيّأة لأن تنتقل إلى الحلقة التي بعدها ، أقصد أن أرباع الملتزمين سينتقلون يوماً ما إلى أنصاف الملتزمين ، وأنصاف الملتزمين سينتقلون يوماً ما إلى الملتزمين ، فأنا راضٍ عن هذا المسار .

· هل تقصد أنك راضٍ عن النشـيد الذي يُرضي أرباع الملتزمين أو أنصاف الملتزمين ؟

 ـ نعم أنا راضٍ عنه .

· هل تعتبره نشيداً إسلامياً ؟

 ـ طبعاً ، لأنه ما زال نشيداً يلتزم الكلمة الهادفة ، لأن الخلاف الأساسي الذي بيننا وبين المغنين هو الكلمة ، فالكلمة الملتزمة والهادفة هي التي تحكم هل هذا نشيد أم غناء ، وبمجرد أن يتخلى النشيد عن الكلمة الملتزمة أصبح غناءً ، حتى ولو بدون موسيقى ، فالفاصل بيننا وبين المغنين هو الكلمة .

· ألا تخشى على النشيد من هذه التطورات الكثيرة المتلاحقة ؟

 ـ لا أخشى أبداً ما دام هناك مستمع ملتزم ، والنشيد الملتزم والهادف يتقوّى بالمستمع الملتزم ، فقوة أبي الجود من قوة المستمع ، ولولا المستمع الملتزم ما كان أبو الجود ، لأن المستمع الملتزم هـو الذي يسيّج النشيد بكل مقوماته الصحيحة ، ويسيّج أبا الجود وأمثاله من الروّاد في ضمانة مستقبلية لأن يكون هذا النشيد هو المتألق .

· ما المانع من أن تنشد لأرباع الملتزمين وأنصافهم ؟

 ـ لن أُرضيهم .

· لماذا لا تنزل أنت إلى مستواهم كي ترفعهم إلى المستوى الذي تَرضى أنت عنه ؟

 ـ لا بد في الحياة من نموذج ومثال يُحتذى به ، لا بد أن يبقى هذا النموذج في أصالته ويُشار له بالأصبع . بالإضافة إلى قناعاتي الشخصية ، فحين أنشد لأرباع الملتزمين وأنصافهم فلن أرضيهم ولن أرضي نفسي . وحين يكون في الساحة سامي يوسف أو موسى مصطفى أو سائر المنشدين الشباب .. فهؤلاء حلقة رائعة بالنسبة لي .

· هل تقصد أنهم يقرّبون عامة الجمهور إلى إنشادك ؟

 ـ تماماً ، وأنا ليس عندي القدرة لأن ألتقي بالجمهور من هذا النوع ، ليس لأني أرفضهم ، وإنما لأنهم لا يناسبون رؤيتي للنشيد الذي أنا مقتنع به . فسامي يوسف وموسى مصطفى وغيرهما من المنشدين الجدد هم الحلقة التي بيني وبين الجمهور العريض .

· ألا تخشى على الجمهور أن يضيّعه المنشدون الجدد ؟

 ـ ما دام المستمع الملتزم موجوداً فلا أخشى على الجمهور من المنشدين الجدد ، وما دام المنشدون الجدد ملتزمين بالكلمة الملتزمة فإن الله لن يُضيّع جهدهم إن شاء الله .

·   هل ـ برأيكم ـ اسـتطاع المنشـدون الجدد أن يتجازوا المنشدين القدامى ؟ وهل ما قدموه كان أفضل مما قدمتم أنتم ؟

 ـ أنا شخصياً أتمنى ذلك ، فأنا أحب أن أطمئن على أن النشيد وصل إلى مستوى عالٍ من الفن والجودة .. وما زلنا نحن ـ أقصد المنشدين الرواد ـ والمنشدون الجدد بحاجة إلى مزيد من التطوير والتجديد .

· ما هي نواحي الضعف التي تراها في النشـيد الذي يقدمه المنشدون الجدد ؟

 ـ أحب من المنشدين الجدد أن يتعرضوا لكل الجوانب العالمية في هذا الإسلام ، فلا يتركوا جانباً من الإسلام وإلا ويكون له غطاء من النشيد حتى يبقى موجوداً في كل مكان وفي كل مناسبة ، فكما أنهم يتعرضون لمعاني جديدة كالغزل وغيره .. فعليهم كذلك أن يتعرضوا لكل المعاني التي تبرز الإسلام في أبهى صوره .

· هل تشعر أن هناك ضعفاً فـي نوعية الكلمة التي ينشدها المنشدون الجدد ؟

 ـ نعم ، المشكلة أن هناك منشـدين ينشدون لشعراء ليسوا أهلاً لإنشاد أشعارهم ، فهناك مشكلة غياب الشاعر الذي يتقن تأليف الأنشودة ، وهناك غياب الثقافة عند المنشد ، الثقافة التي تعينه على حسن اختيار القصيدة .. وبالتالي نجد أن المنشد يميل إلى القصيدة المكتوبة بالعامية . والمشكلة الأخرى أنه يناصر هذا الشيء ، وأنا برأيي أن هذا سد للعجز ليس أكثر ، والإنشاد باللغة العامية ساقط منذ بدايته .

· ولكن أليس في هذا النوع من الشعر شيء من الجمال ، وبالتالي نجد الجمهور يطرب له ؟

 ـ أريد أن أُركّز على نقطة مهمة ، نحن حين نقول عن أن الإسلام عالمي ، فماذا نقصد بذلك ؟ هل هو عالمي بعاميته أم باللغة الفصحى ؟ فإذا حذفنا اللغة الفصحى منه أو أقللنا منها فلن يصل النشيد إلى العالمية ، فأنا أريد أن ينشد المنشد الشامي نشيداً يردده ابن المغرب العربي بل ويردده ابن أندونيسيا وابن ماليزيا .. أضرب لك مثالاً : حين كنت حَكَماً في مسابقة المنشدين في الجزائر لم أفهم شيئاً من النشيد الذي أنشده الإخوة المنشدون هناك ، لأنهم كان كله باللغة العامية الخاصة بهم . فقلت لهم : في العام القادم لن أقبل إلا الإنشاد باللغة الفصحى ، وحين التزموا في العام المقبل باللغة الفصحى أبدعوا وتألّقوا ، وقلت لهم : هذا هو السبب في تغيّبكم عن العالم العربي ، فنحن لسنا صادقين أكثر منكم ، ولسنا محترفين للفن أكثر منكم ، ولكن نحن ـ وأعني المنشدين السوريين الرواد ـ حين أنشـدنا باللغة الفصحى وصل إنشـادنا إلى كل البلاد . وفـي مجال الغناء نجد ـ مثلاً ـ أن المطربة أم كلثوم كلما تقرّبت إلى الغناء بالفصحى تألقت أكثر .

· ولكن يوجد كثير من الأغاني المشهورة لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز ، وهي باللغة العامية .

 ـ هؤلاء يختلفون عنا ، وهـؤلاء هدفهم الطرب ، أما نحن فالأمر مختلف تماماً ، فنحن أصحاب دعوة وأصحاب رسالة من خلال الطرب ، فإذا لم نضع هذه الرسالة في لغة راقية تتناسب وعظمة هذه الرسالة فستسقط وتضعف .

· هل هذا يعني أنك ترفض النشيد باللغة العامية ؟

 ـ أنا لا أمانع من وجود النشيد باللغة العامية ولكن يجب أن يكون بتوازن مدروس بحيث لا يطغى على النشيد باللغة الفصحى .

· أنت لم تنشد باللغة العامية ؟

 ـ أبداً ، وأنا أعتبر ذلك خروجاً على القاعدة ، ولا أعني أنه حرام وإنما هو خروج على القاعدة الصحيحة ، لأن الأمر ليس أمر طربٍ فقط .

 مفهوم الالتزام :

·   بالنسبة إلى مفهوم الالتزام في النشيد ، فأنت لك كلام في ذلك ، فأنت تفرّق بين الفنان الملتزم وبين المنشد ، ورابطة الفن الإسلامي ترى الرأي نفسه ، فمثلاً الرابطة لا تعتبر سامي يوسف منشداً وإنما تعتبره فناناً ملتزماً ، أي لا تعتبره ضمن الرابطة .. فما وجهة نظرك في ذلك ؟ وأليس مـن الأولى أن تحاول الرابطة أن تجلب كل فنان إليها وليس العكس ؟

 ـ قلت لك في البداية أن سامي يوسف وغيره هم حلقة من حلقات النشيد ، فالقضية قضية تكاملية ، فأنا أعتبر نفسي ضعيفاً بدون سامي يوسف ، أو بدون موسى مصطفى أو غيره من المنشدين الجدد .. فكلما وُجدت هذه النوعية من المنشدين في الساحة الفنية كلما تقوّى النشيد وزادت نسبة الالتزام بين الناس ، فالمنشدون الجدد هم عون لي وأستثمرهم في هذه النقلة ، نقلة الجمهور الذين هم أرباع وأنصاف الملتزمين إلى الالتزام الكامل .

· ولكن سامي يوسف يتضايق إذا سمع أن الرابطة رفضته أو لم تقبل به ؟

 ـ هو قال عن نفسـه أنه فنان وليس منشداً ، ولكن مع ذلك هو واحد منا وفينا ، ولا أحد يُنكر جهده الكبير في هذا المجال ، وهو حلقة من حلقات النشيد الإسلامي وإن اختلفنا في المصطلحات .

· نريد أن نعرف ماذا تقصد بالفنان الملتزم والمنشد ؟

 ـ المنشد هو الذي التزم بالكلمة الهادفة وجسّدها تطبيقاً في حياته ، أما الفنان الملتزم أو المغني الملتزم فهو التزم بالكلمة الهادفة وسمح لنفسه أن لا يلتزم بها التزاماً مطلقاً ، وأعني أننا نراه في بعض الفيديو كليبات أو في بعض المقابلات في القنوات الفضائية لا يطبق الالتزام الذي اعتدنا عليه وكما هو معروف لدينا .. ولكن يبقى هذا الفنان الملتزم ضمن حظيرة الإنشاد ، وأنا أريد أن أؤكد على أنه واحد منا وفينا .

·   سامي يوسف وموسى مصطفى وغيرهما من المنشدين الجدد لهم وجهة نظر فيما يقدمونه ، وهم يعتقدون أن ما يقدمونه يمثّل الالتزام الذي لا شيء عليه من الناحية الشرعية ، بل هم يعتقدون أن ما يقدمونه هو النشيد الإسلامي المتكامل الذي يشمل الحياة بكل صورها .

 ـ هذه وجهة نظرهم وهم أحرار فيما يعتقدونه ، وأنا أعتقد أني أتكامل معهم ، وأرفض عدم وجودهم .

· بصراحة ، ألا تتمنى أن تكون لك منزلة سامي يوسف الذي اكتسح الملايين من الجماهير ؟

 ـ أبداً ، أنا قلت لك في البداية أن سامي يوسف هو حلقة وقنطرة في إيصال الجمهور العريض إلي وإلى المنشـدين من أمثالي ، فأنا أرفض أن أغني مثل أغانيه .

· ولكن سامي يوسف ينشد الأغاني الدينية التي لا تختلف في مضامينها عن أناشيدك ؟

 ـ الأغاني الدينية التي يغنيها سامي يوسف لا تختلف عن الموشحات الدينية والابتهالات النبوية والتي ليس لها البعد الدعوي ، يعني حال سامي يوسف لا يختلف عن المنشدين الدينيين الذين يظهرون في المناسبات الدينية يترنمون بالمولد النبوي وذكرى الهجرة وشهر رمضان وغير ذلك . أما أنا وبقية المنشدين كأبي راتب وغيره فنشيدنا ذو صبغة دعوية ، نحاول من خلاله أن نأخذ بيد المستمع إلى حالة الالتزام ، أي أننا نحرّك فيه الوازع الديني بشكل قوي ، فنحن دعاة ـ إن شاء الله ـ من خلال النشيد .

·   ألا نستطيع أن نشبه سامي يوسف بالأستاذ عمرو خالد ، فكلاهما انفتحا على الجماهير الكبيرة ، وكلاهما متحرران من بعض المظاهر المعتادة عند الملتزمين ؟

 ـ لا ، الأمر هنا مختلف ، الأستاذ عمرو خالد داعية كبير ، وهو ناجح في ذلك ، وأنا وأنت لا نختلف في أنه يسعى بشكل واضح إلى الأخذ بيد الجمهور إلى حال الالتزام ، أي أنه يقوم بعمل الداعية وليس بتسلية الناس .

·   هل نستطيع أن نقول أن سامي يوسف وموسى مصطفى ومن يسير على نهجهما يقومون بتحسين حال غير الملتزمين ، أي يخاطبون غير الملتزمين لكي ينقلوهم إلى حالة الالتزام ، أو إلى بداية الالتزام . أما أنت وأبو راتب ومن يسير على نهجكما فتقومون بتحسين حالة الملتزم ، أي تخاطبون الملتزمين فقط .

 ـ هذا صحيح ، ونحن إذاً متفقون ، وكلانا يكمّل بعضنا بعضاً .

الموسيقى :

· كيف تنظر إلى المنشدين الذين استخدموا الموسيقى ، أريد أن أعرف رأيك فيهم بكل صراحة ؟

 ـ هناك فقهاء أباحوا لهم ذلك ، فمَن أنا حتى أقول أنه لا يجوز استخدام الموسيقى ، فما داموا يتبعون فتوى شرعية صادرة عن فقهاء موثوق بهم فلا ينبغي أن نعترض عليهم ، لأن الإسلام أوسع وأرحم من ذلك ، وهو يسع الجميع ، أما بالنسبة لي فأنا لن ولن ولن أستخدم الموسيقى في يوم من الأيام .

· ما رأيك بالموسيقى نفسها ؟

 ـ أنا سُئلت في قناة الجزيرة عن الموسيقى ، فقلت إن الموسيقى هي من الجمال ، ولكن الصوت البشري الجميل أجمل من الموسيقى ، لكن عندما يوجد نقص في جوانب معينة في الموهبة الصوتية لا بأس من أن يُغطّى هذا النقص بالموسيقى . وأنت قد تسألني : هل أم كلثوم عندها نقص فجاءت الموسيقى وغطّت هذا النقص ؟ فأقول : الأمر مع أم كلثوم يختلف تماماً ، فصوت أم كلثوم كامل وليس بحاجة إلى الموسيقى ، ولكن لا شك أن الموسيقى أضافت جمالاً لأغانيها ، وأنا برأيي أن أم كلثوم تستعين بالموسيقى لكي تريحها من عناء الغناء الطويل على المنصة . والذي يتابع حركة الغناء يلاحظ أن محمد عبد الوهاب كان كثيراً ما يستغني عن الموسيقى لا سيما في الموّالات ، ولا يرافقه فيها إلا آلة واحدة مثل الكمان أو العود .. لقناعته أن قدراته الصوتية التي لديه يمكن أن تُنشئ لدى المستمع الطرب الكامل . أما أم كلثوم التي تقف على المنصة ساعة أو ساعتين فيصعب عليها الغناء في هذه المدة الطويلة ، لذا تستعين بالموسيقى التي تعينها على الاستمرار بكامل قوتها في الغناء . فالموسيقى هي عامل مساعد للمغني ، وليس هي الأساس كما يظن بعض المنشدين الجدد .

·   أليس دور الموسـيقى في الغناء مثل دور الموسيقى التصويرية في الأفلام ، وأنت تعلم أن الفيلم الذي لا يحتوي على موسيقى تصويرية يكون فيلماً بارداً ليس له تأثير في المشاهد ؟

 ـ الموسيقى التصويرية في الأفلام هي تعويض عن الصوت البشري ، فيكون دورها تهيّئة الجو الملائم للمشهد ، أما في الغناء فالصوت البشري موجود ، وهو الذي يُنشئ الطرب ، وهو الأساس في ذلك ، فالموسيقى شيء ثانوي لا أكثر . وأريد أن أقول خلاصة رأيي في الموسيقى : الموسيقى شيء جميل ، ولكن الصوت الجميل أجمل منها ، ومَن يجد من المنشدين نقصاً في صوته فعندها ـ إذا كان يأخذ بفتوى إباحة الموسيقى ـ أن يستعين بها لتدارك هذا النقص .

القضايا العاطفية :

· ما رأيكم بوجود القضايا العاطفية ( الغزل ) في النشيد الإسلامي ؟

 ـ لا بد من وجود الأناشيد العاطفية في النشيد ، كي تكتمل موضوعات النشيد كلها ، لأن المجتمع بشتى أطيافه محتاج إلى وجود كل هذه النماذج .

· ما رأيك بألبوم ( أحبيني ) للمنشد موسى مصطفى ؟

 ـ الألبوم لا بأس به ، وموسى مصطفى إنسان مثقف وقد اختار لنفسه هذا الطريق ، وما دام هو تحت مظلة النشيد فلا بأس من ذلك ، ولكن أرجو أن ينتبه هو ومَن يسير على هذا الطريق على أنفسهم ، لأن القضايا العاطفية لها مزالق كثيرة وخطيرة وتحتاج إلى مراقبة المنشد لنفسه من هذه المزالق .

· لماذا لا تنشد أنت الأناشيد العاطفية ؟

 ـ أنا لا يوجد عندي مانع من ذلك ؟

·   أنا أقصد أن أبا الجود حين ينشد الأناشيد العاطفية فهو بذلك يقدم النموذج المثالي للأناشيد العاطفية التي لا تخرج عن الإطار الشرعي ، وهو أيضاً يعلّم الناس الملتزمين العفة في الفن وكيف تكون وما هي الحدود المسموح بها في الأناشيد العاطفية ، أما حين يترك أبو الجود هذا الجانب الحساس للمنشدين الجدد الشباب فقد يخرجوا عن الإطار الشرعي .

 ـ ما دام المنشدون الشباب تحت مظلة النشيد الإسلامي فإن شاء الله لا خوف عليهم من ذلك . وأنا أفضّل أن أترك الأناشيد العاطفية للمنشدين الجدد الذين ينشدون لأنصاف الملتزمين ، لأن الملتزمين مهضوم حقهم في المجتمع في مجال الفنون ، فمَن يُرضي هؤلاء غير أبي الجود وأبي راتب ومن شابههما ؟ لا سيما أن أعداد الملتزمين كبيرة وخصوصاً في المملكة العربية السعودية ، والحمد لله أن الإخوة في السعودية أصبحوا يُدركون أهمية النشيد ، واليوم أصبحت نقاط التقارب بيننا وبينهم كبيرة ، بعدما كانوا يرفضون النشيد أصلاً ، أما اليوم فقد أصبح لديهم نقلة مهمة ورائعة في رؤيتهم للنشيد الإسلامي .. فمن يُرضي هؤلاء ؟ أنا أحاول أن أُعوّضهم عن ذلك من خلال الأناشيد الموجهة لهم.