ملاحظات حول الفيديو كليب الإنشادي
ملاحظات
حول الفيديو كليب الإنشادي
آلاء شحادة
[email protected]
المتابع لأمور النشيد والمراقب لها يدرك – بلا شك – التغيّر السريع الواضح في مناح ٍ كثيرة تخص النشيد، أحدها وإن لم يكن أبرزها هو ظهور ( الفيديو كليب ) الإنشادي .
ولا شك أن هذه الخطوة تعدّ خطوة واسعة ومهمة باتجاه نشر الفن الإسلامي، لأن وسائل الإعلام المرئية هي الأوسع انتشاراً والأكثر متابعة اليوم ، وكان لا بد من وسائل مستحدثة، وأساليب جديدة، لصد السيل الجارف لأساليب التيار المقابل الذي يكاد يودي بمبادئ وأخلاق الأمة، وبالأخص شبابها المسلم .
ومع ظهور الفيديو كليب الإنشادي ، بدأت مجموعة من المهتمين تكرس جهودها، وتبذل طاقاتها في سبيل إنجاح هذه الظاهرة ونشرها على أوسع نطاق ممكن، ولا زالت الجهود تتضافر ، والأعمال تتكاثر، وكفاءة الفيديو كليب تتزايد من نواح ِ عدة. وإن من الجميل الذي نراه اليوم ، هو مشاهدة منشدينا القدامى يأخذون بهذا النهج، ويشاركون بهذا الزخم، لأني أرى فيه تحدياً للمنشدين الجدد، وسيكون هذا حافزاً كبيراً لهم.
بيد أن ما يهمنا هو تسليط الضوء على الأخطاء التي تقع ، والتي لا بد لطاقم العمل الفني ـ ومنهم المنشد ـ أخذها بعين الاعتبار، ليصل الفيديو كليب الإنشادي إلى أقرب نقاط الكمال الممكنة.
فأولاً : هناك إحساس بعدم تفاعل المنشد وانسجامه مع ما يقدم ، أعني بهذا عدم إجادته تمثيل المعاني التي ينشدها ، فنلحظ في بعض المنشدين الجمود في حركاتهم ، فهي لا تمتّ للمعاني بصلة ، أو لنقل ليست طبيعية ، مما يوحي بأن المنشد ليست لديه الخبرة في التمثيل ، ويوحي أيضاً أن صاحب الصورة ليس بصاحب ذلك الصوت! ليدفع أحدنا لأن يكذّب أذنه! وهذا يحتاج من المنشد التدربَ على التمثيل ، لأن الفيديو كليب يحتاج إلى موهبة التمثيل ، وإذا لم تكن هناك موهبة فلا بد من التدرب عليه والإلمام بما يعينه على تأدية الدور بأفضل الصور.
فمثلاً لاحظت مؤخراً أن المنشدَين : عبد الفتاح عوينات في الفيديو كليب الخاص بالحج ( لبيك ) ، و يحيى حوى في الفيديو كليب ( حياتي كلها لله ) لاحظت أن أيديهما لا تتحركان تحركاً طبيعياً ، وكأن لديهما عقدة في الأيدي ، وبالتالي أيديهما لا تتلاءمان مع المشاهد ، ولا تتجاوبان مع المعاني ، ولا تتناغمان مع اللحن.
وثانياً ـ هناك الحبكة الغامضة إن صح التعبير ، فقصص بعض ( الكليبات ) غامضة على المشاهدين ، كما هو حاصل في كليب ( الأمنيات ) لمنشد الشباب موسى مصطفى ، أو لعل المنشد وصحبه قد كوّنوا رؤية ألبسوها للعمل الفني شقّ على من يراها أن يدرك الرابط والمغزى منها . وإننا في أعمالنا لا نطلب من المشاهد أن يحل لغزاً أو يفك شيفرة! وإنما المهم هو إيصال فكرة، ونشر عبرة ، ورفع همة، وما تجود به القريحة. فإن كان العمل سيتم ، فلماذا لا نتمه بأحسن الصور ، وبأعمق النظر ، وبأوسع الفكر؟ وإن كان العمل سيتم ، فلماذا لا نحاول أن نرسل القدر الأكبر من الرسائل للمتلقي بدل الرسالة الواحدة؟ فكثير من الكليبات تركز على فكرة واحدة أو نموذج واحد، أما حين نرسل رسائل عدة عبر الكليب الواحد فإن ذلك أسرع في التأثير وأوسع، وللمتلقي ـ بعدها ـ إدراك كنه وجوهر ما تلقى.
وثالثاً ـ قضية ظهور المرأة ، فلا بد أن نضع أُطراً خاصة بظهورها كي لا يكون كل منشد يعمل على هواه ، فهذا يرضى بظهور امرأة نامصة الحاجبين ، وذاك ينتقده ، وهذا يعترض على المنشد والمقرئ يحيى حوى في ظهور المرأة معه وذاك يقف في صفه ، وثالث يحذفها نهائياً من كليبه ، مع أنه قد يكون وجودها فيه بالشكل المنضبط ضروري جداً ، فمثلاً وجود الأم ضروري في كليب ( بعدي متذكر همساتك ) لموسى مصطفى ، لأن المصاب يقع على الوالدين ، فأين ذهبت الأم ؟ مما يعني أن اللوحة ناقصة في هذا الكليب ، وظهورها في كليب – محمد صلى الله عليه وسلم- لأحمد الهاجري كان من الممكن الإستغناء عنه، خاصة بأنها ظهرت بتلك الصورة التي كانت عليها، والتي لا تعكس بتاتاً ما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة.
فظهور المرأة حساس جداً ، وإذا لم نضبطه من الآن فلا نعلم أين سيصل بنا المقام ؟ وبصراحة شديدة، لا أحد يأمن أن يترك الحبل على الغارب للمنشدين ، فالمنشدون خيالهم واسع ، وطموحاتهم أوسع ، وتبريراتهم كثيرة ، وإذا لم تضبطهم فتاوى علمائنا الكبار فقد يخرجون على الحد الشرعي، لذا فإني أرى ضرورة وضع ضوابط لهذا الظهور، ويبقى الأمر لأهل الفتوى، فلسنا من أهلها. ولعل عبء وضع هذه الضوابط يقع على رابطة الفن الإسلامي ، فتعمل على أخذ وجمع آراء علمائنا الأفاضل، فهل تستجيب الرابطة لهذا المطلب ؟ أم أن المسؤولين فيها يضعون رجلاً على رجل منتظرين ـ فقط ـ القنوات الفضائية أو المجلات أن تقيم معهم حوارات باعتبارهم مسؤولين فيها؟!
ورابعاً ـ ضرورة التنويع في لون إخراج الفيديو كليب، أعني بذلك عمل نسخ بأشكال متعددة، بموسيقا ، وبدف ، وبدون أي مؤثر. فما نلحظه في أغلب ما يصدر هو اللون الثابت، لذلك لا نرى الفيديو كليب إلا في قنوات محددة، فلا نرى الكليب بشكله الموسيقي في القنوات التي لا تنهج هذا النهج ، والعكس صحيح في القنوات التي تحبذ الشكل الموسيقي، وبهذا تُحرم فئة كبيرة من الناس من إبداع وجمال كاد يكون لأعينها وآذانها نصيب منه.
وخامساً ـ بعض المظاهر التي يظهر المنشدون بها لا توحي بأن أصحابها ملتزمون ، مثال ذلك : النظارة السوداء التي كان يلبسها منشد الشباب موسى مصطفى في فيديو كليب ( الأمنيات ) ، والنظارة الملونة التي كان يلبسها المنشد فهد الكبيسي في كليب ( الجروح ) ، فبصراحة لم أستسغ هذه النظارات ، لأن الذي يستخدم هذا النوع من النظارات هم الشباب غير الملتزم ، فأنا لم أجد إنساناً ملتزماً يلبسهما ، وفي الوقت نفسه رأيت كثيراً من الشباب غير الملتزم يلبسهما ، لذا حبذا من المنشدين أن يكونوا قدوة للشباب الملتزم وليس العكس .
وإننا لنشد على أيدي المنشدين، وندعم أعمالهم، ونبارك سعيهم، وندعو لهم، فما يصوغون من جوهر، سيكون لنفوسنا نصيب كبير منه.