خطورة الأفلام القادمة
خطورة الأفلام القادمة
ونموذج فيلم (عمارة يعقوبيان)
نجدت لاطة
كم شعرتُ بالأسى واليأس والإحباط وأنا أشاهد فيلم ( عمارة يعقوبيان ) للممثلَين عادل إمام ونور الشريف ، وكنت أقول لنفسي وأنا أشاهد بعض اللقطات الساخنة والوقحة : كيف سيتسنى للإسلاميين أن يزيلوا آثار هذا الفيلم من نفوس الملايين التي ستشاهد الفيلم والتي هي ـ حتماً ـ ستتأثر بأفكاره ومَشاهده ؟ حقاً إن اليأس لَيسيطر على الواحد منا من كل جانب حتى يقول في نفسه ضارعاً لله رب المستغيثين : ليس لها من دون الله كاشفة .
وكيف لا ييأس الواحد منا وهو يرى أقطاب الشر تجتمع على حرب الإسلام من كل جهة ، وجانب الفن أهمها ، ولكن أكثر الإسلاميين لا يعلمون ؟ وكيف لا نيأس ونحن نرى عشرات الأفلام وعشرات المسلسلات سنوياً وهي تمسخ شباب وفتيات الأمة ؟ وكيف لا نيأس ونحن لا نرى فيلماً واحداً منتَجاً من قِبل الإسلاميين ؟ ولا نرى أدنى اهتمام منهم بالفن السينمائي ، حتى يشعر المراقب لحال الأمة أن الإسلاميين ليس هدفهم انتشال الأمة من وحل الجاهلية الحديثة .. وفي المقابل نجد للإسلاميين ـ فقط ـ محاضرات باهتة ليس لها أي أثر في واقع الناس ، ونجد برامج تلفزيونية لا يشـاهدها إلا المتديّنون الذين هم قلة في المجتمع ، فعدد المتديّنين لا يتجاوز الخمسة بالمائة .. أما الغالبية من الناس فهم تحت تأثير الأفلام والمسلسلات وسائر البرامج الفنية التي تبثها القنوات الفضائية المختلفة والتي ليس لها من تعاليم ديننا شيء .
وقبل أن يعترض علي أحد الإسلاميين ويقول لي : لا يجوز للمسلم أن ييأس ، لأن الله تعالى يقول ( ولا ييأس مـن روح الله إلا القوم الكافرون ) . فأقول : إن هذا القول خرج من أب ملتاع على أبنائه الضائعين الذي هو نبي الله يعقوب حين بعث أبناءه ليبحثوا عن إخوتهم الضائعين فقال لهم ( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) .. أي أن القرآن نقل ما قاله النبي الوالد الملتاع على أبنائه ، ولم يكن القول لله ، ولكن هناك آية أخرى هي من كلام الله وهي ( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذّبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يُردّ بأسنا عن القوم المجرمين ) فالرسل عليهم الصلاة والسلام قد استيأسوا حين وجدوا الأمور قد انسدت في وجوههم ، وحين وجدوا ـ أيضاً ـ أنه ليس لها من دون الله كاشفة ، فكان النصر من الله وحده .
وسـبب هذا اليأس الذي يصيب الواحد منا أننا نرى الحركات الإسلامية والدعاة الجدد والعلماء والمشـايخ لا يعرفون كيف يخاطبون الناس في هذا العصر ، ولا يعرفون كيف يُنزلون من تعاليم الإسلام ما يناسب هذا العصر ، وبالتالي هم يخاطبون الناس ليس على قدر عقولهم ولا على حجم إيمانهم ، وإنما يخاطبونهم بأشياء فوق طاقتهم ، وبالتالي ينفر الناس من الإسلاميين ومن التديّن ومن المشايخ ومن العلماء .. ومن هنا كان معظم الناس غير متديّنين .
وشيء آخر .. لا بد للدعاة من استخدام كافة الوسائل الإعلامية بصيغة تتناسب والحالة التي عليها الناس ، وأضرب مثالاً لذلك حتى لا يظن القارئ أني أتجنى على الدعاة الجدد : قضية البرامج في القنوات الفضائية ، فنجد أن القنوات الفضائية غير الملتزمة تختار لسهرة يوم الخميس البرامج الفنية التي تستضيف فيها المطربين والمطربات والممثلين والممثلات ونانسي عجرم وهيفاء وهبي وأضرابهما ، فتكون هذه السهرات رائعة وممتعة ومشوّقة بالنسبة إلى الجمهور غير الملتزم ، وهي بذلك تجتذب جمهوراً كبيراً إليها .. في حين نجد القنوات الفضائية الإسلامية تختار لسهرة يوم الخميس برامج مثل ( طبيبك ) أو ( فتاوى ) أو ما شابه ذلك من البرامج الجادة والجافة والناشفة ، وكم من مرة فتحت التلفاز على إحدى القنوات الإسلامية في مساء يوم الخميس في الساعة التاسعة أو العاشرة فأجد برنامج ( طبيبك ) فأقول في نفسي : وهل الذي يريد أن يسهر في مساء يوم الخميس سيسهر على برنامج ( طبيبك ) ؟؟ ما هذا الجهل الإعلامي الذي فيه الإسلاميون ؟ فكنت أشعر بالأسى تجاه هذا الإسلام الذي يقدمه القائمون على القنوات الإسلامية . وكنت أدير على القنوات الفضائية غير الملتزمة فأجد المطربات وهن مشعللين الجمهور الموجود في قاعة البرنامج ، وهذا يعني أن الجمهور المشاهد لهذه القناة هم أيضاً على آخر بسط .. أما الجمهور المتديّن فهو مجبور أن يسهر في يوم الخميس مع برنامج ( طبيبك ) أو يسهر مع شيخ يفتي فتاوى خيالية ليس لها صلة في واقع الناس .
حقاً إن الواحد ليشعر باليأس وهو يرى أساليب الإسلاميين في الدعوة في هذا العصر ، وبالتالي يقول في نفسه : ليس لها من دون الله كاشفة ، فحاشا لله أن ينصر دعاةً لا يعرفون كيف يخاطبون شعوبهم .
أعود إلى موضوعنا الخاص بالسينما والأفلام ..
إن فيلم ( عمارة يعقوبيان ) سوف يؤرخ للسينما المصرية ببدء المسخ الحقيقي للمُشاهد العربي ، لأن الفيلم هـو نوع من الضرب تحت الحزام كما يقولون ، ولأن هذا الفيلم يتعرّض للمرة الأولى في تاريخ السينما العربية إلى الشذوذ الجنسي بشكل وقح وبشكل صريح لا مواربة فيه أبداً ، وأنا أشعر بالخجل من وصف هذه المَشاهد ، ولكن مخرج الفيلم لم يخجل من عرض هذه المشاهد جهاراً دون أدنى حياء ، وكأن هذا المخرج خرّيج جامعات بني صهيون وليس خرّيج جامعات القاهرة .
وخطورة فيلم ( عمارة يعقوبيان ) أنه سيفتح الباب واسعاً أمام الأفلام ذات الشذوذ الجنسي ، وخصوصاً أنه رافق الفيلم فيلم آخر لا يقل سـوءاً عنه وهو فيلم ( ما تيجي نرقص ) للمخرجة ذات الصيت السيء جداً إيناس الدغيدي صاحبة أسوء الأفلام المصرية مثل ( مذكرات مراهقة ) و( الباحثات عن الحرية ) وغيرهما .. وأظن أن هذه المخرجة لديها مرض نفسي وشبق جنسي تحاول أن تفرغه في أفلامها ، لأن المتابع لأفلامها يشعر شعوراً واضحاً أن المخرجة فنانة جداً في إخراج المشاهد الجنسية ..
وفيلم ( ما تيجي نرقص ) كذلك يعرض للشذوذ الجنسي ، بل ويقدم الشذوذ الجنسي من خلال زواج المثليين ، أي زواج الرجل بالرجل وزواج المرأة بالمرأة بعقد زواج رسمي ..
ويزداد الطين بلةً وعفونةً أن أصحاب فيلم ( عمارة يعقوبيان ) قرروا مؤخراً تحويل قصة الفيلم إلى مسلسل ، وذلك لكي تشاهده العائلات في البيوت ، ويشاهده الأبناء والبنات الذين لا يستطيعون الذهاب إلى السينما لمشاهدة الفيلم ، أما المسلسل فسوف يراه كل العائلات في البيوت ، فيكون المسخ على أصوله ، ويكون المسخ في معظم الناس ، أطفالاً وشباباً وفتياتٍ ورجالاً ونساءً .
فبعد هذا العرض لصورة الأفلام والمسلسلات الحالية والمستقبلية .. هل هناك عذر للإسلاميين في عدم إيجاد البديل الإسلامي من الأفلام والمسلسلات ؟؟؟ هل يظن الإسلاميون أن الله لن يسألهم عن هذا التقصير المتعمّد تجاه الأفلام والمسلسلات الملتزمة ؟ وهل يظن الإسلاميون والدعاة الجدد أن محاضراتهم وبرامجهم الجافة في القنوات الفضائية ومهرجاناتهم الخطابية التي يقيمونها هنا وهناك ستنتشل الناس من واقعهم المزري إلى حالة التديّن ؟ هذا أمل إبليس في الجنة كما يقول المثل ..
وأضرب مثالاً آخر عن تخلّف الإسلاميين عن فهم العصر الذي نعيشه : في عَمان وفي هذا الصيف لم نجد مهرجاناً واحداً للنشيد الإسلامي ، ولم نجد مسرحية إسلامية واحدة ، ولم نجد أي شيء آخر .. لم نجد إلا مهرجانات خطابية يتبارى فيها المشايخ وقادة العمل الإسلامي ودعاة آخر زمن ، وذلك من خلال خطب نارية يشعر البعض منهم أنه حرر فيها فلسطين ، ولكن بعد الخطبة النارية ينتبه الخطيب الناري إلى أن فلسطين لم تتحرر بعدُ بخطبته ، فيعزم في نفسه أنه سيحررها في خطبة أخرى في مهرجان خطابي آخر ..
وفي المقابل نجد أنه بدأ ـ الآن ـ مهرجان ( جرش ) والذي سيحيي لياليه كبار المطربين والمطربات ، كالمطرب عاصي الحلاني وهاني شاكر وأظن أن أصالة ستأتي وأظن أن ماجدة الرومي ستأتي أيضاً ، أما بطلة المهرجان فهي المطربة نانسي عجرم ، فأظن أنها ستأتي هذة السنة ، لأنها تأتي في كل سنة إلى هذا المهرجان ، وتحيي ليلتين من أيام المهرجان .. ولا بأس بأن أذكر لك عزيزي القارئ ماذا يحدث في الأردن حين ليلة نانسي عجرم ، أولاً تكون الحفلة مذاعة على البث المباشر ، على التلفزيون الأرضي وعلى القناة الفضائية ، فالجمهور الذي يشاهد الحفلة من خلال التلفزيون سيشاهد نفس ما يشاهده الموجود على مدرجات المهرجان .. وتظهر فنانتنا العظيمة صاحبة الإغراء كله وهي تلبس فستاناً فوق الركبة بعشرين سنتيمتر ، ولكن مع ميلانها يميناً وشمالاً يرتفع الفستان إلى ثلاثين سنتيمتر فوق الركبة ، أما الصدر فمعظمه بارز ، ولكن مع مَيلانها إلى الأمام خلال تحيّتها للجمهور يكاد يظهر الصدر كله .. وتبقى المطربة ساعتين أو ثلاث تهز الجمهور بصوتها وخصرها وغير ذلك ، وبصراحة هي تهز الذي لا يهتز ..
وبالمناسبة ضمن فعاليات المهرجان مسرحية لعادل إمام ( بودي جارد ) ، يعني هذه السنة مشعللة على الآخر ..
طبعاً سيسألني القارئ : وهل أنت تشاهد حفلة نانسي عجرم ؟ وهل يجوز مشاهدة مثل هذه الحفلات ؟ فأقول : أنا لا أشاهد مثل هذه الحفلات لأنه لا يجوز ، ولكن أفتح قليلاً جداً بين الحين والآخر على القناة فأجد أن الجمهور هايص على الآخر .. فأقول في نفسي : كيف سيتسنى للإسلاميين وللدعاة الجدد أن يزيلوا آثار ما تتركه نانسي عجرم وأضرابها ؟؟ ثم أقول : ليس لها من دون الله كاشفة ...