الفنانة نسرين فاعور
فيلم أمريكا هو تذكرة دخولي للعالمية
ابتسام أنطون
القديرة نسرين فاعور التي طوعَت دورها في فيلم أمرييكا لصياغة أخرى تتماهى مع ملامحها وليس مع حقيقيتها .
بعد أن حازت الفنانة نسرين فاعور على جائزة إحدى الستة ممثلات الأفضل في مهرجان Sandansوذلك لإيدائها البارع في فيلم امريكا. ساهم تميزها في إنجاح مشروع تسويق الفيلم , ونشره عالميا .إبتدأً من مهرجان Cannالفرنسي , وصولا لمهرجانات السينما في الولايات المتحدة الامريكية .
في اليوم الثاني من أكتوبر تم إستضافة الفنانة نسرين فاعورفي مهرجان "نساء البحر الابيض المتوسط في مدينة مرسيليا الفرنسية ,حيث تم عرض الفيلم بحضورها ومن ثم أقيمت ندوة جدل حول مضامين الفيلم .
في الثامن من أكتوبر تم إفتتاح مهرجان القصبة للسينما بفيلم أمريكا حيث تم أستضافة المخرجة الفذة شيرين دعيبس وأبطال فيلم أمريكا الفنانة نسرين فاعور والشاب ملكار معلم ,في ذات المساء تم عرض الفيلم في مسرح الميدان حيفا ومن حيفا تابع فيلم أمريكا دورته في مهرجانات السينما حيث عرض في القدس-المسرح الفلسطيني وبيت لحم ونابلس ومهرجان السينما –حيفا وعمان في الخامس عشر من أكتوبر .
لكثرة ما قرأت عنه في المواقع الإلكترونية الأمريكية والفرنسية أنتظرته بفارغ الصبر ولم أُصاب بخيبة.
حالفني الحظ أن أكون ضمن جمهور مسرح الميدان و جمهور مهرجان السينما حيفا-سينماتك ,في كلتا القاعتيين أبدى الجمهور تفاعلا غريبا مع هوميركا الفيلم ,المزودة بآليات وطاقات فنية مدهشة من بطلة الفيلم, ومحوره الرئيسي الفنانة القديرة نسرين فاعور, التي طوعَت دورها لصياغة أخرى تتماهى مع ملامحها وليس مع حقيقيتها ,إضافة الى الروح الحميمية التي جمعت الممثلين ببعضهم البعض ,ومكنتهم في ربط صلتهم وكأنهم حقيقة أسرة واحدة, أبرز الممثلين الفنان القدير يوسف أبو وردة الذي أدى دوره بشكل رائع كطبيب وزوج أخت منى فرح بطلة القصة "نسرين فاعور" أما الفنانة القديرة عرقية الملامح هيام عباس كانت أيضا مدهشة بدور رغدة "أخت منى-بطلة القصة" , الشاب ملكار معلم "فادي " أبن منى ,شاب موهوب يتقن التمثيل , لكنه غير واضح في الكلام "اللفظ اللغوي"ولا أقصد اللغة ,الممثلة عليا شويكات رائعة جدا وقد أدت دورها ببراعة .
الفيلم من إخراج المخرجة الذكية شيرين دعيبس التي تعيش في أمريكا ,من أصل فلسطيني .
أمريكا فيلم جميل , تكمن جمالية الفيلم في مرونة الاحداث وسهولة وصولها الى المشاهد دون حبكات وعقد وأيضا دون توقعات !!!!
برزت ذروة الفيلم في البداية فقط ,حيث نقطة الانطلاق الأولى التي بدأت بها بطلة الفيلم نسرين فاعور داخل سيارة تبدو مثل قفص في أزمة سير , إزدحام سكان ,
في بقعة صغيرة من شوارع رام لله, وفي ذات المشهد تلتصق كاميرا المخرج بصورة الجدار وتقف برهة ثم نرى مشهدا مؤثرا جدا, "جدار وداخله كم بشري هائل متلاصق ببعضه البعض ومنى "نسرين فاعور" تبحث سبيل التحرر من حشرجة الضيق .
يفيض كيل أحمالها عندما ترى طليقها مع إمرأة أخرى , ذات قوام رفيع عكس وزنها الزائد , وريثما تصل منى بيتها بعد وقت يبلغ ساعات من التوتر والصخب في العمل والشارع , تنتظرها أمها , مواجهة من نوع آخر .. سئيمة , مستسلمة لطبخات يومية ,متذمرة وبإستمتاع ,تجالس وحدتها طيلة النهار وتنتظر "منى-نسرين فاعور" لتشكي منها ..إليها , دون أن تنتبه بأن منى أيضا وحيدة ومنهكة تعبا بعد نهار صاخب تحتاج , إسترخاء ومع مرور هذه الحالات في رأس منى يأتيها أبنها بالبريد اليومي , تستلم رسالة موافقة لتأشيرة خروج لأمريكا , تفرح ,لكن حنين البقاء يضعها في حالة تردد , وتكشف سر الرسالة لأبنها فادي ,يفرح يقنعها بالرحيل ليبدأن حياة أخرى .
المشهد الآخر المؤثر والمقزز في نفس الوقت هي نقطة العبور الاسرائبية ,حيث تظهر بشاعة الجيش الإسرائيلي إتجاه الفلسطنين وأسلوبهم المألوف بالإذلال المقزز.
تكاملت صور الفيلم دون إبهار أو توقعات ,إنما متابعة عادية وعبثية بعض الشيء , مشاهد ساخرة ومضحكة للمشاهدين ..
أمريكا قصة حقيقية تناولتها المخرجة شيرين دعيبس من حيزها الشخصي وقامت بإعدادها وأخراجها ..هي ليست طرح جديدا, إنما أسلوب مغاير من ناحية تقنية , وتسلسل دون فجوات هي قصة غير مثيرة لكنها مؤثرة كونها تلامس قضية اللاجئين السياسين في بلاد الغرب ,لم يحتوي الفيلم صور إخراجية مدهشة .
الطرح المغاير هو إظهار الرموز الدينية والقومية بشفافية وسطحية وليست الى حد المبالغة , وهذا يعود ربما لبعد المخرجة الجغرافي والتربوي عن نمط الحياة هنا وعن أسلوبنا في تحليل الأمور الصغيرة بتفاصيل تكبر حجمها .
كان عبور تلك المؤشرات شفافا , مثل الصليب في عنق منى "نسرين فاعور" وإبراز صورة بن لادن في حانوت المشتريات , وجود الشخص اليهودي كإنسان ودود ومسالم تحول لصديق منى "الفلسطينية" نسرين فاعور ..
وانا بشكل شخصي كمشاهدة أتسائل طالما كان مرور هذه المؤشرات بشفافية لماذا ظهرت بالأساس؟ وهل كان من الضروري معرفة ديانة البطلة طالما القومية واضحة والطرح الاساسي في الفيلم واضح وهو معاناة العربي المغترب ؟
ثيما الفيلم :
تدور أحداث الفيلم وسط يوميات من الطحن المعنوي ..الإجتماعي والأمني في رام الله ونقاط التفتيش وظلال فشل الزواج تقرر منى فرح ("نسرين فاعور) أن تعيش..وتسعى من أجل ذلك .. ويحدث التغيير عندما تتلقى رسالة في البريد وتكون "Green Card ينتابها حزن على ترك المكان وفي نفس الوقت "طاقة فرج " لمستقبل جديد وآمن لها وابنها فادي "ملكار معلم" ..تتنازل عن وظيفتها في البنك وتعتزم الرحيل وابنها لامريكا حيث شقيقتها رغدة ("الفنانة القديرة هيام عباس) " وزوجها نبيل (الفنان القدير يوسف ابو وردة) ,لكن حلمها من أجل حياة أفضل, يكون مرهونا بصعوبات وتحديات تعيق من تحقيقه , وتكلفها تنازلات على المستوى الشخصي العائلي , والمجتمعي العام , والمقصود بذلك ..هي التي كانت تعمل موظفة في بنك وحاصلة على شهادة أكاديمية في اللقب الثاني، تضطر للعمل في بيع الهمبورغر، وأبنها البالغ من العمر الخامسة عشر يتم تصنيفه في خانة الارهابين من قبل أبناء صفه، كونه عربي وينعتوه الامريكان "بن لادن" ويتابعوا إستفزازه بملاحقة والدته وكشف سر عملها لعائلتها التي لم تكن على علم بأنها تبيع الهمبورغر .. يتورط الإبن بشجار مع الأمريكان في المدرسة .... بعد ذلك تفرض منى على ابنها شروط معيشة جديدة وحازمة لبناء مستقبل مستقر لهما .
لقد فازت المخرجة شيرين دعيبس على جائزة هيئة النقاد المحلفين في مهرجان كان الفرنسي ,وحاز الفيلم على إنتشارا عالمية من خلال شركة الانتاج والتسويق ناشيونال جيوغرافي ,يعود ذلك لثرائة من حيث الشخصيات المؤدية أدوار القصة ,خاصة دور منى ,المحور الرئيسي في الفيلم ومنه تشعبت الأدوار ,وميزة الشخصية إنها تطابقت في كل معطياتها مع الفنانة نسرين فاعور ,حيث استحوذت الشخصية من أطرافها حتى نخاعها ومنحتها صياغة جذرية بإيدائها الرائع المهني.
يعرض الفيلم حاليا في عمان , ومن ثم يتم عرضه في مهرجان القاهرة للسينما ,ثم مهرجان دبي للسينما ,والإمارات,وقطر .
وحال إنتهاء الفيلم من جولة المهرجان سيتم عرضه في روتانا سينما .
الفيلم من إنتاج ناشيونال جيوغرافي , شركات إنتاج كويتية,كندية.
إخراج الفنانة والمخرجة المغتربة فلسطنية الأصل ومقيمة في أمريكا شيرين دعيبس
باحترام ابتسام انطون.