الأغنية الشبابية بين الاستعراض والإثارة
الأغنية الشبابية بين الاستعراض والإثارة
حسن سلمان
في ظل هذا التسابق المحموم للفضائيات العربية لكسب أكبر عدد ممكن من المشاهدين عن طريق تقديم برامج منوعة ( إخبارية – اقتصادية – اجتماعية – غنائية ) تعبر بشكل أو بآخر عن اتجاهات هذه الفضائية أو تلك , نشهد بين حين وآخر ولادة فضائيات جديدة
وبشكل خاص تلك التي تعنى بالأغاني الحديثة أو ( الشبابية ) كما يسميها البعض .
وتلاقي هذه الفضائيات رواجا كبيرا بين جمهور المشاهدين و خاصة الشباب , لما تقدمه من برامج غنائية تلتقي خلالها أبرز المغنين الشباب و تعرض لأحدث ألبوماتهم الغنائية , والتي تخلو من الطابع الطربي للأغنية و تركز بالمقابل على الجوانب الغريزية لدى الجمهور , من خلال تقديم أغنيات ضمن قالب استعراضي يميل الى استخدام الأضواء الباهرة و العنصر النسائي بكثرة , إضافة إلى حركة الكاميرا التي تستثير المشاهد بالتركيز على مناطق معينة من الجسد , لتشكل هذه الأمور بمجموعها ما يسمى ظاهرة أل ( فيديو كليب ) التي تجعلك في النهاية تظن أنك أمام فيلم استعراضي لا يخلو من الإباحية في بعض جوانبه .
هذه الفضائيات التي تقدم الجنس بطريقة مبتذلة و رخيصة لجمهور متعطش , تكرس مجموعة من القيم والعادات السيئة , يأتي في أولويتها أنها تشاطر الإعلانات التجارية في إظهار المرأة بصورة سيئة عبر تقديمها كسلعة رخيصة أو مادة للإثارة و إغفال الجوانب الإنسانية الأخرى لديها , حيث تتضمن كل أغنية مجموعة من الفتيات اللاتي يرتدين ملابس تظهر مساحات كبيرة من الجسد و يقمن بأعمال استعراضية تجعلهن يبدون كبائعات هوى في إحدى الملاهي , وهذا بدوره يسيء للمرأة كقيمة و مضمون .
من جانب آخر فإنها تساهم في خلق جيل من الشباب ذو طابع استهلاكي تحكمه قيم السوق و تحتل لديه القيم الزائفة قائمة الأولويات , أضف إلى هذه الأمور أن الجمهور العربي أصبح يسمع بعينه لأن الذوق الفني عنده قد تعطل , وهذا ما نلاحظه في استطلاعات الرأي التي تجريها بعض وسائل الإعلام بين حين و آخر .
و نحن إذ نستعرض هذه الظاهرة فإننا نتساءل في النهاية هل هذه الفضائيات و ما تقدمه من برامج تخاطب الذوق الفني الحقيقي للشباب العربي أم أن الأمر يندرج ضمن سياسة معينة تسعى هذه الفضائيات لتحقيقها ؟
و إذا لم يكن الأمر كذلك فمن يقف وراء إنشاء مثل تلك الفضائيات ؟
و ما هي القوى التي تدعم هذا التوجه .
سؤال نترك الإجابة عليه للقارئ .
كاتب و صحفي سوري/ دمشق-المزة.