الفنان التشكيلي محمد حرب
استحضار المكان خارج الدوائر الرمادية المغلقة بغزة
محمد حرب
ميرفت أبو جامع
ميرفت ابو جامع من غزة: أربع جدران، ألوان في الرماد، ملامح لم تكتمل،.... " معارض تضم لوحات تشكيلية وفيديو ارت للفنان التشكيلي الشاب محمد حرب من قطاع غزة، أخذت على عاتقها ان تتجاوز الحصار والاغلاق الضارب بقوة على اهل غزة وتتجول في عدة مدن فلسطينية وعربية، تصف ملامح سكان غزة الرمادية بين اربع جدران، وتحكي للمدن قصص الحصار التراجيدية التي تشبه قصص الف ليله وليله، فيما يقيم صاحبها الفنان في غزة اقامة جبرية، رهن الحصار، الى صف مليون ونصف، ينفث دخان القلق والانتظار في ان تحمل اعقاب سيجارته بعض الامل، عله يتسلم جوائزه التي تنتظر خارج دوائر غزة الرمادية، وينحني مقبلا جمهور مل التصفيق في انتظار صعود البطل خشبة المسرح.
"كم هو أحساس غريب عندما تخرج أعمالك إلى الخارج، وأنت بعيد عنها، شعور مؤلم كالمولود الجديد الذي لم يشاهد أمه " بهذه الكلمات يصف الفنان حرب مشاعره وهو بعيد عن المعارض التي شارك فيها ويسميها مجازا ب"عائلته".ويضيف:" لحظات فرح الفنان حين يشاهد تأملات الجمهور بأعماله، وهي تنتقل من لوحة إلى أخري، تلك هي لحظات التي تبعث بالفنان طاقة وفكر جديدين خارج حدود الرماد".
لوحات مسافرة وفنان مقيم
ويشير حرب انه يودع لوحاته المسافرة دونه كما يودع افراد عائلته، ويتحسر في انها تستطيع السفر عبر الكابلات الالكترونية او البريد السريع، فيما لا يستطيع هو مرافقتها عبر ايا من المعابر المغلقة، ورغم ذلك يشعر بانه كان يتننفس في ثنايا اللوحة ويعيش فيها، يحدث الجمهور العابر اليها عن الالوان والحالة التي رسم فيها لوحته وعن غزة التي يحبها رغم قساوتها، وعن ملامح اهلها الملونة.
يقول حرب لايلاف:" في العام الحالي 2009 لقد انجزت ما يقارب 7 معارض دوليه وأنا بغزة ولم احضر أي معرض منهم، معرض جاب مدن الضفة الغربية واخر بالمغرب وافتتاح اخر بالاسكندرية وسلسلة معارض تجول في ألمانيا واخري في ايطاليا وأخري في سوريا والشارقة وابو ظبي" ويعلق بايقاع صاخب حزين:" اللوحات تتجول ومسموح لها الخروج خارج إطار الجدران الأربعة، وصاحب اللوحات لم يتمكن من اجتيازه.
و حصد حرب العديد من الجوائز هذا العام، منها الجائزة الفضية والجائزة التقديرية في ألمانيا، إلا انه لم يغادر غزة لحضور حفل تسلم الجوائز والمهرجان الذي اقيم لذلك ويكتفي بمتابعة اخبار معارضه عبر الفضائيات ".
ويضيف": كم هو مؤلم ان تشاهد الحفل بعينيك على التلفاز، وأنت توضع خارج الأشياء وعندما يذكر اسمك تلقى هذه الشهادة على جنب لانك ليس موجود".
من هو محمد حرب؟
محمد حرب فنان تشكيلي من مواليد مدينة غزة عام ١٩٧٩، درس الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس، و تخرج منها عام ٢٠٠١، حيث حصل علي عضوية رابطة الفنانين التشكيلين الفلسطينيين في رام الله.شارك بالعديد من الدورات الدولية، وفي المهرجانات منها مهرجان القاهرة لفن الفيديو آرت، و مهرجان “ الأفلام المستقلة المركز الثقافي الروسي،هو حاليا يعمل مخرج للأفلام والبرامج ا لتلفزيونية.ومدير أكاديمية الفنون بغزة
غزة بلون رمادي!!
ب"لون رمادي" هكذا يرى الفنان محمد حرب غزة، التي صبغها غبار الحرب والحصار بالوان قاتمة وما كانت لوحاته في معرضه "الوان في الرماد" الا انعكاس لذلك عنها يقول ": اللون الأسود والرمادي هو الغالب على ملامح الناس في غزة تلك الملامح الممزوجة بطعم أخر لعلها تشبعت بالسواد وألوانه الرمادية القاتمة"،ويضيف "الفنان دائما هو الأقرب إلى مجتمعه ويسعى لتجسد حالة مجتمعه من خلال الأعمال الفنية وإضافة الألوان إلى هذه البقعة الرمادية، لتعطي عمق أخر للحياة".
ولأن الكرسي هو الذي أوصل الفلسطنيين لما هم عليه اليوم، فان الكرسي احتل مركز السيادة في معرضه الأخير،" اربع جدران " فحاول تشكيله من خلال الخطوط والآلون المتشاكسة القوية وإعادة صياغة هذا الكائن في محاولة منه تجسيد الصراع القائم بين الآنسان والكرسي في فلسطين والذي تعيش فترة عصيبة من حب السيطرة على السيادة وحب البقاء و اتخذ منه رمز مهم في حياة الفلسطينيين.
وعن بدايات حرب يقول:" بداياتي عبارة عن تجارب عفوية بألوان وخطوط ساذجة، وقد شعرت باهتمام وتشجيع الأهل في تلك الفترة،كانت أول اعمالى هي عبارة عن رسومات من واقع غزة الذي نعيشه، فقد تفتحت عيناي على مشاهد الانتفاضة، وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي، فعبرت بلوحاتي عن المشاهد اليومية للاحتلال الإسرائيلي. ويكمل:"فمنذ العام 1995 وانا اعمل بحقل الفنون التشكيلية وحتى عام 2005 ومنها انطلقت للتصوير الفوتوغرافي، وفن الفيديو ارت، وهذا ليس بعيدا عن الفن التشكيلي، ولكنني أضفت اداه جديده للتعبير عن الذات، وربطت الفن بالتكنولوجيا الحديثة والكومبيوتر.
الحصار والاغلاق وكبت الحريات من اصعب المشاكل التي يعاني منها فنانو قطاع غزة التشكيليين، وويوضح حرب ان الظروف السياسية والأوضاع المتردية والمتوترة تؤثر على الفنانين فيعانون من الضغط والحصار، وقلة اهتمام المؤسسات الأهلية والرسمية بالفنانين من اجل تبني أفكاره وطموحاتهم ويستدرك بالقول:" ان هذه الظروف هي التي تصنع الفنان الحقيقي وتفجر طاقاته نحو الابداع، وهذا ما جعلهم بفضل اصرارهم وبمساعدة التكنولوجيا ان يتواصلوا رغم كل هذه القيود بالعالم، ويكسروا حصارهم ويحققوا نجاحات عدة ويحصدوا جوائز وشهادات تقدير.