عادل أبو ريا، مدير مسرح الجوال في سخنين
عادل أبو ريا، مدير مسرح الجوال في سخنين:
مسارح الكبار تتدهور وفي طريقها إلى الزوال!!
حاورته: ميسون أسدي
***نحن مسرح متواضع نقوم بواجبنا الفني تجاه جمهورنا الفلسطيني داخل البلاد***مسرح الجوال هوبالنسبة لي مشروع حياة اكثر من كونه مكان عمل وطريقه مؤمنة بسبب وضوح الرؤيا***أنا مع أن يكون لفنانين بيت دائم في مسرح يحمي حقوقهم ويطور إبداعهم***عندنا مجموعة من المسرحيين على مستوى عال جدا ولكن هناك تضخم من ناحية عدد المسارح وهناك منافسة غير شريفة، في بعض الأحيان***
*ليست هذه المرة الأولى التي نلتقي فيها المسرحي عادل أبو ريا، مدير مسرح "الجوال" في سخنين، ولكن هذه المرة بدى مختلفا، ساخطا مما أل اليه وضع المسارح في البلاد وخاصة مسرح الكبار، ويقول: "هناك استياء مما يحدث لمسرح الكبار، هناك توجه نحو"مسوقة" المسارح اي جعلها سوقا لجني الأرباح دون الاكتراث بالمستوى الفني، واللوم لا يقع على عاتق المسارح وحدها فقسم كبير من المسارح يلجاء إلى انتاج اعمال مسرحية "يسهل تسويقها" كجزء من جهوده لاستمرار كينونته وتماشيا مع المقاييس التي صودق عليها من قبل وزارة الثقافة والتي جاءت لكي تضع حدا للوضع القائم وهذا تحول جيد جدا ولكنه بحاجة لإعادة النظر في بعض الفقرات الهامة ومن ضمنها الفقرات التي التي لا تأخذ بعين ألأعتبار إشكاليات مسرح الكبار وهي عديدة مثل الافتقار لقاعات مناسبة لإقامة عروض مسرحية مع كل العناصر والتقنيات اللازمة كالإضاءة والمنصة والجو السمعي الملائم هذا بألأضافة الى حاجته الى مصممي إضاءة وديكور وملابس وممثلين مهنيين الأمر الذي يتطلب موارد مادية كبيرة وكذالك يجب الأخذ بعين الاعتبار ان جمهور الكبار في الوسط العربي خاصة غير مستهلك للفنون عامة والفن المسرحي خاصة بينما جمهور الطلاب ملزم بمشاهدة عدة عروض على مدار السنة بحسب قوانين وزارة المعارف فإذا اخذت هذه الأمور بعين الاعتبار بالإضافة الى امور اخرى
نرى انه من شبه المستحيل ان تكون هناك اية مقارنة منصفة بين مسارح الكبار وبين مسرح الأطفال وليكن من الواضح انني لا انتقص من اهمية مسارح الأطفال فالبعض يعمل بمهنية لافتة للنظر ولكن من المهم وضع الأمور في نصابها الصحيح ,وبرأيي يجب على المسئولين ان يأخذوا هذا الأمر على محمل الجد وأن يكون هنالك رعاية خاصة وتمييز لصالح مسرح الكبار ومن المهم ان يكون هنالك تعاون بناء بين لجنة مسارح الكبار وبين المجلس الشعبي للثقافة والفنون من اجل ايجاد الأفق المناسب لمنع تحول كل مسارحنا الى مسارح اطفال وأن لم تتخذ الإجراءات السريعة لتلافي ذالك فأن مسرح الكبار في طريقها الى الزوال.
اما على صعيد مسرح الأطفال فمن المهم ان تكون هنالك رقابة اكثر على مستوى وظروف العمل في هذه المسارح فالمنافسة القوية في هذا المجال اصبحت لا تطاق فهنالك البعض يبيع العروض بثمن بخس ويأتي ذالك بالطبع على حساب الفنانين الذين يعرضون حتى اربعة عروض في نفس اليوم دون ان يحظوا بالمقابل المادي الملائم ودون ابسط الحقوق , والمهم هو زيادة عدد العروض تماشيا مع المقاييس, وكذالك يجب إعادة النظر في اجازة الأعمال المسرحية من قبل "السلة الثقافية" وغيرها ومن المهم الوقوف عند كل صغيرة وكبيرة عند اجازة اي عمل مسرحي الأمر الذي قد يرفع من المستوى العام .
التي الأمر الذي من حيث حاجته لعناصر عديدة قد لا وقضية ابتعاد الجمهور عن مسرح الكبار ومسبباتها، مستوى الفني للعروض المسرحية.. نحن اليوم، ملزمين أن نتنازل، تماشيا مع مقاييس وزارة الثقافة مقارنة بمسر ح الأطفال وفي النهاية ستؤدي أما إلى زوال مسرح الكبار أو إلى تحويل كل مسارح الكبار للأطفال وستكون هناك منافسة قوية بين المسارح الموجودة اليوم، حيث يعرضون تحت ظروف سيئة وتدفع لهم أسعار باخسة واستغلال الممثلين، حيث يقدمون (3) إلى (4) عروض في اليوم، تقنيات متدنية وعدم وجود إضاءة وديكور وموسيقى، بالإضافة إلى أن الممثلين غير مهنيين وغير أكاديميين وتكلفتهم بسيطة وهذه الأشياء تسيء وتؤدي إلى تدهور مسرح الكبار"!
**نبكي على الجمهور وهذا ما زرعناه داخلهم!!
وعن الجمهور، يقول أبو ريا: اي جمهور مسرحي سيكون لدينا اذا استمر وضع مسرح الأطفال كما هو عليه اليوم؟ اي مشاهد سيكون ذالك الطالب الذي سيكون جمهور المستقبل اذا شاهد الكثير من العروض المسرحية المتدنية وتحت ظروف غير معقولة في اكثر الحالات, عروض الساحات تحت حر الشمس او في البرد وظروف سمعية سيئة وكذالك الزج بكل طلاب المدرسة والتي يصل عددهم أحيانا اكثر من 600 طالب فظروف كهذه قد تحول متعة الطالب الى نقمة على "ابو المسرح وابو الي جابو" ونحن سنحصد ما زرعناه داخلهم.
**الجوال مسرح مهني للكبار
ويضيف أبو ريا: انا لا أتكلم عنة مسرح "الجوال" فقط فالمشكلة تطال كل مسارح الكبار عامة وربما تؤثر على مسرح الجوال اكثر من غيره فأنني حتى الأن وجدت الحلول لكل الإشكالات التي واجهها المسرح وذالك بفضل التجربة الحياتية والمسرحية الغنية التي اتيت بها كمدير للمسرح وكذالك بفضل وضوح الرؤية وتحديد الهدف, والقضية التي اطرحها هي قضية عامة، من الطبيعي ان يهمني مستقبل مسرح الجوال الذي اشغل ادارته ولكن موضوع مسرح الكبار عامة يشغلني بشكل لا يقل عن مسرح الجوال فقد واكبت الحركة المسرحية منذ زمن طويل وغيرتي على هذه الحركة يرافقها قلق واهتمام دائمين ، فانا أشاهد واحضر كل عمل مسرحي ادعى إليه وذالك من اجل الدعم ولتعلم من تجارب الغير، وأنا صديق المسرح والمسرحيين، وصديق لكل الفنانين, مسرح الجوال لا ينافس احد، نحن مسرح متواضع نقوم بواجبنا الفني تجاه جمهورنا الفلسطيني داخل البلاد.
السنة الماضية، كانت سنة مميزة بالنسبة لمسرح "الجوال" وقد تعودنا على هذه المقولة فكل سنة مميزة عن سابقتها من ناحية الانتاجات وعدد العروض وعدد الحضور في العروض المسرحية المختلفة هذا بالإضافة إلى المشاريع المميزة التي يبادر اليها مسرحنا , في الفترة الخيرة أنتجنا اعمالا مسرحية للأطفال مرغمين على ذالك من اجل زيادة عدد العروض تماشيا مع مقاييس وزارة الثقافة , بالطبع انا لا انتقص من قيمة مسرح الاطفال وانما القضية هي محض اختيار لا اكثر ,حيث منذ زمن بعيد خططنا طريقنا في اتجاه مسرح مهني للكبار وهكذا نهجنا على طول الطريق.
**برنامج 2008 - 2009
عن برنامج المسرح يقول أبو ريا: هناك 4 مشاريع أساسية، مشروع "الحكمة"- مسرح الأشخاص المتخلفين عقليا ومن خلاله أنتجت مسرحية "ميكس" وهي مشاهد متنوعة بالإضافة إلى إنتاجه الأول مسرحية "الأمير الذي ضحك" والتي جابت البلاد بعروضها.. ومشروع "مهرجان مسرح الأطفال" والذي نقوم به للسنة التاسعة على التوالي من دون ميزانية خاصة من وزارة الثقافة وهو غير معترف به رسميا وهذا العام كان مستوى العروض المسرحية عالية والفعاليات على الهامش رائعة والبرامج على مستوى مهني عالي واستمر (4) أيام وقدمنا فيه (33) عرض مسرحي.. بالإضافة إلى دورة الدراما للمتخلفين عقليا وهي يومين في الأسبوع، كما أنتجنا، مسرحية "مؤنس"، وإنتاج مشترك مع مسرح "افيغانيا" اليوناني في إطار التبادل الثقافي مع ثقافات أخرى وكان لنا جولة في ألمانيا في 2008 وجولة عروض في اليونان لمدة 40 يوم وعرضت 16 عرض في اليونان.. كما أننا مستمرين في تقديم المشاريع القديمة
ويضيف أبو ريا: من خلال شهر رمضان نعرض في كل سنة عروض مسرحية وفنية من إنتاج الجوال وعروض ضيفة.
**شخص غير مرغوب به
عن العمل الأخير الذي يقوم به حاليا مسرح الجوال، يقول أبو ريا: نعمل حاليا مع المخرج نبيل عازر على مسرحيدية من أشعار سميح القاسم، بعنوان "شخص غير مرغوب فيه"، وأتوقع أن ينتهي العمل في نهاية شهر تموز الحالي لن اسهب في الحديث عن هذا العمل لكي نعطيه حقه عما قريب وعندما تتم كل الأستعدادات لعروضها الأولى.. كما أنتجنا قبل شهر، مسرحية كوميدية بعنوان "بدون زعل" كتبها سميون غولوكو وقام بترجمتها واعدادها الفنان أسامة مصري.. وضمن مهرجان مسرح الأطفال التاسع تم اعداد مسرحية جديدة بعنوان "حمص بليلة" كتبها واعدها احمد أبو سلعوم، وكذالك وبعد ان نفرغ من انتاج مسرحية "شخص غير مرغوب به" سنكمل انتاج مسرحية "حمدة" التي توقف انتاجها لأسباب مهنية ، ومن المتوقع ان تكون جاهزة في شهر آب وهذه المسرحية تندرج في اطار رفع مكانة الشخص المعاق وضمن مشروع مسرح "الحكمة" للمتخلفين عقليا.
بالإضافة لذلك، قدمنا مشروعا لوزارة الرفاه الاجتماعي وفي الإطار نفسه يتمثل في عمل مسرحي يتناول موضوع البيئة والتراث من خلال موسم الزيتون وهي مسرحية إيمائية موسيقية ورقص وستخرج للضوء في نهاية السنة وسنعمل على تسويقها خارج البلاد .
**مشروع حياة
ويعلق أبو ريا: ان مسرح الجوال بالنسبة لي ليس مكان عمل فحسب بل هو اكثر من ذالك بكثير انه وبكل ما في الكلمة من معنى مشروع حياة , اوظف جل وقتي وطاقاتي من اجل تقدمه وترسيخه كمؤسسة مسرحية وثقافية قابلتا للاستمرار تحت كل الظروف , تسلمت ادارة المسرح قبل (10) سنوات بداء من نقطة الصفر، عملت على مدى سنتين تطوعا ،كان واضحا منذ البداية ان المهمة ليست سهلة والتحدي كبير وللمفارقة هذا هو الأمر الذي شدني اكثر , لانني كذالك ,اكره الروتين ولا يمكنني ان اتعايش معه تحت اي ظرف من الظروف ,وقد مررت بحاتي بمحطات عدة وكلها تميزت بالتحدي والإصرار ,وكان المسرح مرافقا لي في جميع المراحل , ومسرح الجوال اليوم هو مؤسسة رسمية محترمة، ليست مؤسسة الشخص الواحد وهناك إدارة فعالة تتدخل بكل صغيرة وكبيرة ومهنية إلى بعد الحدود وليست صورية كالآخرين.
**معوقات
يقول أبو ريا: التغيير في المجتمع السخنيني ليس كافيا، هناك معوقات تحد من وصول المسرح لجميع الشرائح ولا اظن الوضع في المسارح الأخرى يختلف عما نعاني منه بل يمكن ان يكون اسواء من ذالك , قاعة المسرح صغيرة والمكان لا يتسع لأكثر من (80) شخص ومكان لوقوف السيارات شبه معدوم. قسما كبيرا من الأنتاجات لا نستطيع عرضه بسبب صغر المنصة ، وبعض العروض الاحتفالية نعرضها خارج سخنين.
هناك اتصالات مع البلدية لتحضير قاعة في ملعب كرة القدم تتسع لـ (300) شخص, وهنالك تفهم كامل من قبل البلدية وهم على استعداد لتخصيص والمساعدة في تحضير هذه القاعة وأمل ان يتم الأمر سريعا وأن نتفرغ فيما بعد لبذل الجهود لبناء قصر ثقافي يليق بسخنين والمنطقة.
**الطاقم الفني
وعن طاقم المسرح يقول أبو ريا: جميع الفنانين الذين يعملوا في المسرح هم خريجو اطر مهنية واكاديمية ويعدوا امن الصف الأول أمثال- محمود أبو جازي، نضال بدارنة، حسن طه، إياد شيتي، حنان حلو، وداد سرحان، بيان عنتير، وهناك (5) وظائف ثابتة في المسرح.
أنا لا أحتكر التأليف والإخراج في المسرح كما يقول بعض الأصدقاء ، فمن بين اكثر من 25 عمل مسرحي قدمت حتى الأن (5) أعمال فقط، ونحن نتعاون مع العديد من المؤلفين والمخرجين المسرحيين واستضفنا العديد من الممثلين في بعض أعمالنا، فنحن مسرح منفتح ونشجع الإبداع المحلي ومن عندنا ظهر العديد من المبدعين وعبر هذا اللقاء اتوجه لكل فنان ان يتقدم للمسرح بأي مشروع او مبادرة وسيلقى كل الدعم والمساعدة .
**فنان ومدير مسرح
يقول أبو ريا: انا كمسرحي وكوني نذرت جزاء كبيرا من حياتي لهذا الموضوع لا استطيع ان اقف مكتوف الأيدي لمجرد وجودي في رأس الهرم لهذه المؤسسة ,فعندي مبادات ومشاريع لاتنتهي فهل من المعقول ان اقبر اي مشروع وان كان مهما للأسباب التي ذكرتها سابقا ؟ أحاول أن أوفق بين مشروعين توأمين سياميين مكملان بعضهما للأخر ،مشروع الجوال ومشروعي الشخصي.
**كثافة في الاعمال السينمائية
ويضيف: كنت أتمنى أن أكون ممثلا بوظيفة كاملة ولكن الظروف لم تسمح بذالك في حينه وكذالك الأمر في الوضع الحالي ،اما في حالة رأيت عمل معين فيه تحد فمن الممكن ان افكر في الأمر, في الفترة الأخيرة لدي كثافة في الأعمال السينمائية في ادوار تتراوح بين الصغيرة والمتوسطة, انا لا اشترك في اي عمل سينمائي او غيره حتى لو كان مخرجه من اهم المخرجين وهذا ما حصل لي مع فيلم "ميونيخ" مع المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ وعدة افلام اخرى لم اشترك فيها بسبب مضمونها السياسي السيء حسب وجه نظري .
هجمة مسرحية تجتاح البلاد
وعن وضع المسرح في البلاد يقول أبو ريا: في الفترة الأخيرة هنالك طفرة كما ونوعا من حيث الممثلين والطواقم خريجي الجامعات والأطر الأكاديمية الأخرى،ولكن هناك تضخم من ناحية عدد المسارح وهناك منافسة غير شريفة، في بعض الأحيان.
**ورشات عمل مشتركة
هناك مشروع جديد اقامه المسرح قبل اسبوع وهو "مسرح الأرتجال"- يضيف أبو ريا- مجموعة فنانين من فرنسا عملوا مع مجموعة اطفال تزيد عن (60) طالبا خلال (4) أيام وأختاروا منهم (23) طالب وقاموا بعمل مسرحي عرض أمام الأهل في حفل اختتامي مميز وقد تم اختيار اربعة منهم للعمل في مسرح الارتجال للصغار والذي سيقام في الناصرة في شهر 8 وعلى مدى ثلاثة اسابيع ومن الجدير ذكره ان هذا المشروع ستكون له استمرارية في السنوات القادمة.
**نموت وتحيى أمريكا
حلمي أن أنهي العمل المسرحي "نموت وتحيى أمريكا"، والقصد هو الأحتجاج على موضوع تأليه الشعب الأمريكي كمحور وجودي بينما يجري نكران وجود وحق الأخرين في الحياة ,وأن الأنسانية والحرية خلقت يوم خلق الشعب الأمريكي , كل شئ مباح في سبيل حياة ورفاهية الشعب "السوبرمان" الأمريكي و "الشعوب الحرة" وليكن من بعدهم الطوفان.
**مشاركة دائمة في المسرح
وفي نهاية حديثه يقول: هناك جهود حثيثة لإرجاع الجمهور إلى المسرح فمن جهتنا نعكف منذ مدة ليست بقصيرة من اجل اعداد مشروع اشتراكات غني ومتنوع يضم في مراحله الاولى على (300) مشترك وهناك حاجة ماسة لإيجاد إطار للمؤسسات الفنية للتعاون والدراسة والبحث مع المجلس الشعبي للثقافة والفنون ومكتب الثقافة العربية من اجل تنظيم العمل المسرحي وإجراء دراسة مهنية معمقة قد تفضي اخيرا الى استعادة ثقة الجمهور في المسرح وحضوره بشكل مكثف للأعمال المسرحية.
اما طرح اسباب غير واقعية لعدم حضور الجمهور للأعمال المسرحية بسبب مضمونها الغير ملائم للجمهور فهذه غير صحيحة ومقولة "اعط الجمهور على قدو" فهو استخفاف بثقافة الجمهور واستسخفافا بقدراته .