الفنّانة كلستان برور
الفنّاناتُ الكرديات شموعٌ احترقتْ لتنيرَ دروب الفنّ الكردي
الشّمعة الخامسة :
نارين عمر
[email protected]
سئلتْ الفنّانة كلستان برور يوماً في
أحد لقاءاتها التّلفزيونية:
( ...لو لم تهاجري إلى خارج الوطن, ولو
لم تكوني سياسية ومطربة وفنّانة, كيف تتصوّرين حياتكِ, وكيف كنتِ ستعيشين )؟!
أجابتْ بعد أن أطلقتْ زفراتٍ مجبولة
بآهاتٍ وحسراتٍ طويلة المدى:
" أتوقعُ أنّني لكنتُ الآن سيّدة بيتٍ,
وأمّاً لأولادٍ, وزوجة مسؤولة عن عائلة, وربّما كنتُ أمارسُ السّياسة بشكلٍ أو
بآخر, ولكنتُ أشعرُ بالاستقرار والأمان " .
ثمّ أضافتْ : "...ولكنّني لا أتوقعُ
مطلقاً أنّني لكنتُ مطربة وفنّانة , لأنّني من أسرةٍ متديّنةٍ ومحافظةٍ .....).
ربّما نستشفّ من خلال هذه الإجابة مدى
المعاناة التي كابدتها وتكابدها كلستان كامرأة فنّانة وسياسية ومثقفة , وما تكابده
غيرها من النّساءِ اللاتي عملن ويعملن في المجالات المذكورة .
ولدتْ كلستان في عام /1962م/ في "رها"
بكردستان تركيا, وعاشتْ فيها حتى السّادسة من عمرها, لتهاجرَ أسرتها فيما بعد إلى /
ويران شهر / لتعيشَ فيها كلستان حتى السّادسة عشرة من عمرها, ولتغادرَ الوطن كلّه
وتتوجّه إلى ديار الغربةِ والبعدِ والهجران, ولتبدأ مرحلة جديدة حاسمة من حياتها
بدخولها عالم السّياسةِ والفنّ والثقافة.
اقترنت كلستان بالفنّان الكردي / شفان
برور/ , وعملا معاً في مجالي السّياسة والفنّ لفترةٍ طويلة, وشكلا ثنائياً فنيّاً
متميّزاً بإصدارهما لعدّةِ أشرطةٍ غنائيةٍ ولأغان فنيّة رائعة ما زال صدى نجاحهما
وعطائهما يلقي بظلاله على مسامع الجماهير الكردية أنّى تواجدتْ , وأنجبا " سرخبون"
الذي يعيشُ ربيع عمره اليانع الآن , ولكنّ ظروفاً خارجة عن إرادتهما أو كانت بمحض
إرادتهما فرّقتْ بينهما كزوجين كانا قد أصبحا مثلين لرجال ونساءِ الكردِ عموماً ,
وزيّنتْ صورهما بيوت وأفئدة وعقولَ الكرد لفتراتٍ طويلة, ما شكّل صدمة كبيرة
للجماهير الكردية التي تلقتْ النّبأ بحزن وألم عميقين, وما زالتْ هذه الجماهير
تتساءلُ وتستفسرُ عن الأسبابِ التي حدتْ بهما إلى الانفصال, وما زالتْ تحاول إيجاد
صيغ للتّفاهم بينهما ليعودا زوجين ناجحين متحابين, وكان من أبرز الذين حاولوا رأب
الصّدع بينهما الرّئيس " مسعودِ البرزاني" لدى زيارة كلستان إلى كردستان العراق في
فترةٍ سابقةٍ, وقد تفاءلتِ الجماهير الكردية خيراً بهذا الّلقاء ولكن حتى اليوم ما
زالت بانتظار اليوم الذي سيشهدُ على شراكتهما الرّوحية والإنسانية من جديد.
وهي الآن تعيشُ في السّوي , وتؤكّد
أنّها تعيشُ حياتها 100%100 / كأيّةِ امرأةٍ كردية , (...في داخل البيت أعيشُ حياة
كردية, ولكن خارجَ البيتِ أعيشُ بحسبِ شروط وقيود أوروبا التي أعيشُ فيها حالياً,
وأتقن بعض لغاتهم....).
تؤكّدُ كلستان في أحد حواراتها أنّها
لم تلج عالم الفنّ والطّربِ كفنّانةٍ ومطربة, إنّما ولجتهما من خلال توجهاتها
السّياسيّة التي دفعتها لتركِ أهلها وأحبتها ووطنها واختيارِ بلادِ الغربةِ
والبعدِ كملاذٍ آمنٍ لممارسةِ توجهاتها السّياسيّة بحرّيةٍ وأمان, وفي ذلك تقولُ :
" ...لم أطأ أرض الموسيقا والفنّ
كفنّانة ومطربة, لأنّه كان لي توجهاتٌ سياسيّة ....شعبنا الكرديّ كان يمرّ بظروفٍ
صعبةٍ للغاية, وكنّا نودّ من خلال أغنياتنا وموسيقانا أن نظهرَ للشّعبِ الكرديّ
أنّهم كردٌ, وعليهم أن يطالبوا بحقوقهم المشروعة, وبالنّسبةِ إليّ كان كلّ ما
أقدّمه بمثابةِ انتفاضةٍ أو ثورة..." .
عملتْ كلستان كمذيعة ومقدّمة للبرامج
في فضائية /
Medya tv/
وفي فضائية /
Roj tv
/ وشاركت وما زالت تشاركُ في العديد من الحفلات والمهرجاناتِ التي تقام في عموم
أوروبا وفي أمريكا وغيرها من البلدان .
تفضّل كلستان الطّبلَ والمزمار والنّاي
والعربانة في موسيقانا على الآلاتِ الحديثة, على الرّغم أنّها لا تمانعُ إدخال
الآلاتِ الحديثة إلى الموسيقا الكردية, وتحبّ أداءِ الشّعبيّ والموروث من الغناءِ
أيضاً, وفي ذلك تقولُ :
" ....أساسُ غنائي شعبيّ, وعملتُ
موسيقا ثورية ولكن بموسيقا تراثية شعبية...ولكنّني على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ النّضال
الذي مارسته والذي أمارسه في مجال الموسيقا شعبيّ وتراثيّ , وأحاولُ أن تكونَ
الموسيقا الشّعبية التي أقدّمها أكثرَ تطوّراً, وأتمنّى أن يظلّ الفنّ الكرديّ
محافظاً على الّلحن كما هو حتى وإن أدّاها بآلاتٍ موسيقيةٍ حديثةٍ ..." .
عن علاقاتها الشّخصية والاجتماعية
بالفنّان شفان تؤكّد كلستان أنّ علاقاتهما الشّخصية والاجتماعية ما زالت طيّبة على
الرّغم من طلاقيهما, لأنّهما أصلاً أولاد عم , وحتى عائلتيهما لم تتأثّرا بهذا
الطّلاق, وما زالت علاقاتُ العائلتين ببعضها متينة وقويّة لأنّها أدركت أنّ
الطّلاقَ الذي حدثَ بيننا شأنٌ خاصّ يخصّ كلينا ولا علاقة لهما بنا, وتؤكّدُ أنّها
تكنّ كلّ المودة والاحترام والتّقدير للفنّان شفا , ولكن للفنّان شفان قولاً
مغايراً, حين قال وبحسب ما أورده موقع / عفرين نت/ في / 28-6-2006 : *
(أفاد الفنان الكردي المعروف شفان
برور في بيان أنه من أجل ألاّ تفهم
الأمور وتفسر بشكل خاطيء مجبر على توضيح بعض الامور، وهي أنه ومنذ أكثر من ثماني
سنوات لا توجد اي علاقة او اتصال بينه وبين زوجته السابقة
كلستان
برور التي طلقها منذ ذلك الحين، وليس
هناك حاجة للتواصل سواء لأمور فنية أو شخصية. وتابع
برور في بيانه الذي ارسلت نسخة منه
لعفرين – نت: الفنانة كلستان
برور حرة في حياتها وعلاقاتها الشخصية
وهي صاحبة القرار والمسؤولية في ذلك. وتمنى في ختام بيانه ان يطلع مستمعوه محبوه
على الامر ) .
دخلتْ كلستان عالمَ السّينما من خلال
فيلم سينمائيّ لعبتْ بطولته في عام / 1985/ ولكن وبحسبِ رأيها أنّ التّجربة لم
تستمرّ وأنّ مشروعها وغيرها من الفنّانين الكرد في عالم السّينما لم يكتب له
النّجاح على الرّغم من أنّهم حاولوا التّأسيس لعالم سينمائيّ كرديّ متميّز.
أكدتْ كلستان على تأثّرها بكبار
الفنّاناتِ الكرديات / مريم خان, عيششان, نسرين شيروان , كلبهار ...وغيرهنّ / ودعت
إلى إعادة موروثهنّ الغنائيّ ولكن شرط الحفاظِ عليه وذكر أسمائهنّ وتنسيبِ الأغاني
إليهنّ, وقالت في الذكرى السّنوية لرحيل الخالد محمد شيخو:
" الحمدُ لله على أنّني عشتُ في العصر
الذي ولدَ فيه محمد شيخو وعاشَ فيه وغنّى فيه , والحمدُ لله على أنّي استمعتُ إلى
صوته الذي ما زال يطربني ويبعثُ النّشوة والأملَ إلى نفسي وروحي ", وفي رحيل
الخالدة / مرزية فريقي / بكت كثيراً وأكدت أنّها فقدتْ صديقة عزيزة وأختاً وفيّة,
وطالبت الأوساطِ الفنيّة والمسؤولة ( الكردية ) إلى احترام الفنّان وتقديره قبل
رحيله لكي يشعرَ بالمسرّة التي ستنسيه ما عاناه وآلمه إثر ولوجه عالم الفنّ
والموسيقا الصّعب والمرير.
تقول عن الهجرة أنّها تأخذ منّا كلّ
شيءٍ ولا تمنحنا شيئاً .
تجيبُ عن سؤالٍ فيما إذا كان ابنها (
سرخبون) يستمعُ إلى صوتها وغنائها : نعم هو يستمعُ إلى صوتي وينتقدني ويقولُ رأيه
فيما أغنّي, ولكنّه لا يعملُ لي موسيقا, وهو خريج الأكاديمية الموسيقية في لندن,
ويحبّ الموسيقا الكردية كثيراً, ويهتم بالموسيقا الحديثة والغربية لأنّه يعيشُ في
أوروبا ولكنّه يصغي إلى الموسيقا الكردية التّراثية والكلاسيكية أيضاً لأنّه عاشَ
الحياة الكردية وفي بيئةٍ كرديةٍ خالصة . وعن وضعه العائلي بعد انفصالها وشفان تقول
إنّه يعيشُ عندي أحياناً, وأحياناً أخرى عند والده, ولكنّه حتى الآن لم يتعوّد على
فكرةِ انفصالنا بعد.
أصدرتْ كلستان حتى الآن أكثر من سبعة
كاسيتاتٍ غنائية, بالإضافة إلى كاسيتين مع شفان برور .
المقرّبون منها يصفونها بالصّدق
والاتزان وخفة الظّلّ والوداد والمرح, إلى جانب الشّخصيّة القويّة والإرادةِ
الصّلبة والرّأي السّديد.
*- أحببتُ أن أقتبسَ الخبرَ حرفياً
ومستنسخاً من موقع عفرين-نت , وذلك حفاظاً على صحة الخبر الواردِ عنه.