باسل زايد إبداع متجدّد
بين هذا ليل وآدم
زياد جيوسي
عضو لجنة العلاقات
الدولية في
اتحاد كتاب الانترنت العرب
باسل زايد فنّان فلسطينيّ شابّ متميّز، يمثّل ظاهرة مختلفة ومتميّزة في السّاحة الفلسطينيّة. فقد عرفته منفردًا ومع فرق مختلفة، مثل: فرقة سنابل وفرقة سريّة رام الله الأولى وفرقة يلالان، ثمّ فرقة تراب. فباسل نمط مختلف؛ يتناول الكلمة المغناة وما تحمله من بين ثناياها من رسالة.
وتبقى "تراب" تجربة مميّزة ومستمرّة حتى الآن في مسيرة الفنّان باسل زايد؛ مع فرقة تراب قدّم باسل مجموعته المميزّة "هذا ليل". وفي هذا الألبوم نجد التّميّز بالكلمة واللحن، فكلمات الأغاني تعبّر عن الهمّ اليوميّ للمواطن وأحلامه. وقد تمكّن باسل من أن يمزج بإبداع كبير الموسيقى العربيّة والغربيّة بمختلف أشكالها، وإن بقي العود هو الأساس في ألحانه مترافقًا مع الإيقاع.
في مجموعته "هذا ليل" تميّز باسل وشكّل انطلاقة جديدة. ولعلّ أقوى ما قدّمه في هذه المجموعة مقطوعته الموسيقيّة "جنين"، وفيها تحدّث من خلال اللحن المميّز عن معركة اجتياح مخيّم جنين على يد الاحتلال.. مَن يستمع للمقطوعة وتدرّج الموسيقى بين الطّبقات المختلفة، يعيش أجواء الصّمود الأسطوريّ للمخيم، ويستطيع أن يحلّق مع أرواح الشّهداء، وأن يستمع لجنون الآلة الحربيّة الإسرائيليّة، كلّ ذلك من خلال تناغم الآلات الموسيقيّة وقوة اللحن الّذي أبدعه باسل.
إلاّ أن باسل وطموحه لم يتوقّف عند "تراب" و"هذا ليل"، رغم الشّهرة المتميّزة الّتي نالها. فانطلق بعمل مميّز آخر فكانت مجموعة "آدم"، وهذه مجموعة تشكّل قفزة نوعيّة حقيقيّة في مسيرة باسل الفنّيّة. فهو عمل مكوّن من اثنتيّ عشرة مقطوعة- نصفها تقريبًا يغنيّها بصوته، والنّصف الآخر من تلحينه وعزفه مع مجموعته الفنّيّة. وكما في "هذا ليل" الّتي ارتبطت بالمُواطن وهمّه وألمه وأمله، ففي "آدم" لم يخرج عن خط الالتزام الّذي تميّز به. فآدم هو الرّمز للمواطن المسحوق بين سنديان الجوع ومطرقة الاحتلال؛ فهو طفل يعاني مِن أنّه ولد في زمان غير زمانه، ولد تحت الاحتلال ويعيش الجوع والمعاناة. وكان الفنان باسل قد التقطه وتابعه وتحدّث معه، ومن خلال تأثّره بهذه القصّة الّتي نُسجت مقطوعة موسيقيّة متميّزة، تحمل اسم المجموعة الكاملة. ومن يستمع إليها لا يمكنه إلاّ أن يعيش الأجواء الّتي عاشها ويعيشها الطّفل آدم من خلال اللحن والتّناغم الموسيقيّ، فكانت كما "جنين" مقطوعة موسيقيّة متميّزة وجميلة، تلامس شغاف القلب وتحلّق بالروح عاليًا.
وهذه المجموعة تتنقّل بين الهموم المختلفة؛ فمن معاناة الصّحافيّ وقمع حرّيّة الكلمة، إلى معاناة رام الله مابين الاحتلال والفلَتان الأمنيّ، إلى الرّغبة في التّغيير من المعاناة إلى الأمل، إضافة لأغاني فلسفيّة حول الحياة والأمل والرّغبة في الفجر القادم والصّباح الأجمل.
هو باسل زايد طاقة كبيرة من العطاء وقدرة فنّيّة هائلة ورسالة الهمّ الوطنيّ والإنسانيّ، وإصرار على المقاومة بالكلمة واللحن والأداء، فتشكلّت من خلال هذه المسيرة تجربة تحتاج إلى المزيد من البحث والمتابعة.