رشيد مشهراوي يصور
رشيد مشهراوي يصور
أيام فلسطين العادية في "عيد ميلاد ليلى"
*يصور المخرج الفلسطيني رشيد مشهرواي في فيلمه الروائي الرابع "عيد ميلاد ليلى" الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولي في ابو ظبي الخلية العائلية كملجأ آمن بعيد عن العنف والضغط والحصار الذي يتعرض له اي مواطن فلسطيني.
ويؤدي الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري في الفيلم دور سائق اجرة فلسطيني هو في الاصل "قاض سابق" كما يعرف عن نفسه عمل مدة عشر سنوات في بلد عربي كقاض واستدعي الى بلده ليقوم بواجبه تجاهه لكنه سرعان ما يكتشف استحالة تطبيق العدل والقانون في فلسطين التي تعاني عواقب الاحتلال.
ونتيجة ضيق الحال يضطر القاضي للعمل على سيارة اجرة يملكها اخ زوجته في رام الله المقفلة والتي تلتف على نفسها الى درجة الاختناق الذي صوره مشهراوي من خلال متابعة هذا الرجل في يوم عمل عادي "عادي وبس".
وبدل ان يضع السائق على سيارته كالمعتاد شارة تنبه الراكب الى عدم التدخين وضع واحدة تمنع حمل السلاح في اشارة الى ما يرد في الفيلم من انتقادات للسلاح الفلسطيني وحرب الاخوة.
والفيلم بسيط في لغته وفي طرحه ويحمل روحا وثائقية "سرقت من الحياة وادخلت في الفيلم" يقول المخرج الذي يتشرب عمله ملامح الامكنة واسرارها. وقد عرف مشهراوي كيف يأخذ من الواقع الفلسطيني عبثه وقسوته ليسبغها على اليومي.
وتساهم ملابسات وتعارضات وضعية القاضي الذي يسوق التاكسي في كشف الكثير من السلوكيات المجتمعية الفلسطينة التي ينتقدها الفيلم ويسلط الضوء عليها خاصة في ظل الفساد والفوضى العارمة المحيطة التي تجعل الالتزام بالتفاصيل الحياتية الصغيرة امرا صعبا بسبب الاحتلال.
وقال رشيد مشهراوي خلال المؤتمر الصحافي الذي اعقب عرض الفيلم مساء الاثنين انه من خلال هذا الفيلم الذي يصور قلب المدينة بعيدا عن الحواجز والجدار والنار حاول صنع "بعض الامل بالقاء الضوء على العناصر الايجابية التي تبشر بمستقبل افضل وان اعطي الجمهور فرصة ان يشعر كيف نجح الاحتلال في شقنا ايديولوجيا وجغرافيا في هذه الحقبة من حياتنا".
حكايات صغيرة يرويها الفيلم كلما تغيرت هوية الراكب فهناك السجين السابق او زوجة الشهيد او العاشقان الشابان اللذان لا يجدان مكانا يلتقيان فيه فيقرران استقلال سيارة الاجرة ... وتركب هذه الحكايات مجتمعة صورة ساخرة للحياة في المكان لا تخلو من الكوميديا السوداء التي كانت افادت الفيلم اكثر لو صعد المخرج وكاتب السيناريو من درجتها.
ويبدو "عيد ميلاد ليلى" قريبا من اعمال مشهراوي السابقة ابتداء من فيلمه الاول "حظر تجول" الذي اخرجه الى العلن وشارك في الكثير من المهرجانات ونال الجوائز. فالعمل الجديد يحمل نفس روحية تلك الاعمال التي تريد ان تكون واقعية وملتصقة بالهم الفلسطيني.
وبعد تصويره الحصار والمخيم والانتظار صور مشهراوي محاولات الاستمرار في الحياة حين يتحول كل شيء الى عبث وسلبية من حول الانسان الفلسطيني.
ويقول مشهرواي حول هذه النقطة ان فيلمه "محاولة بنيت فيها على افلامي السابقة كي ابقى وفيا لجمهوري وحتى وان كنت انجزت عدة افلام فان المحاولة تكون بالنسبة لي دائما كانها المحاولة الاولى".
وياتي هذا الفيلم من دون ادعاء ليقدم سينما عن فلسطين اليومية لكن تكرار الحكايات يجعل الفيلم يسير نوعا ما على وتيرة واحدة لا تنمو وربما تشفع لها النهاية الرائعة التي تختتم الفيلم وتفتحه على شيء من الامل.
وعمل مشهراوي مجددا هنا مع الفنان محمد بكري الموجود في معظم افلامه والذي "كان شريكا في الهم الفلسطيني وساعد على انجاز الفيلم" كما اوضح المخرج.
وتم التصوير بالفيديو الرقمي ونقل بعدها الى فيلم 35 ملم بفضل مساعدة المركز السينمائي المغربي كما شارك في الانتاج محمد عطية من تونس وبيتر فن فوجلبويل من هولندا.
ويكافح رشيد مشهراوي دائما من اجل انتاج عربي- عربي مشترك وهو حاليا بصدد المشاركة في انتاج اكثر من فيلم عربي وبين الاعمال التي يشارك في انتاجها فيلم لبناني اوشك على الانتهاء لديغول عيد.
وقدم "عيد ميلاد ليلى" لاول مرة في الشرق الاوسط بعدما عرض قبل ايام في مهرجان سان سباستيان السينمائي الاسباني وسيشارك الفيلم في مهرجان مراكش الشهر المقبل.
(وكالة فرانس برس © 2008)