لقاء مع المطربة والفنانة الرومانية رالوكا اوبري
أجرى الحوار منير مزيد
يعتبر الغناء الاوبرالي أحد الأشكال الموسيقية المتميزة والذي يجمع بين الغناء والشعر والقصة والاداء المسرحي معبراً عن الفن الموسيقي الشامل ، المطربة والفنانة الرومانية رالوكا اوبري واحدة من نجوم الغناء الأوبرالي في رومانيا ، حين تستمع إلى صوتها فانها تخترق أسوار نفسك وتصل إلى أعماق روحك وقلبك وتسحرك فتسمع غناء الطبيعة ، هدير البحر وشوشة الريح وهمس الماء للرمل وترى البرق يلمع في سماء المسرح وهي واقفة على خشبته تصدح بصوتها المعادل للحلم بأشكاله الراقية ..
شاركت في العديد من المهرجانات الغنائية والعروض المسرحية في وطنها رومانيا وفي مهرجانات في دول اوروبية منها فرقة الشباب العالمية ومهرجان جورج اينسكو للموسيقى في بوخارست والذي يعد واحد من أهم مهرجانات الموسيقى في اوروبا وتغني باللغة الايطالية والانجليزية والفرنسية واللاتينية والروسية والتشيكية بجانب لغتها الرومانية وتعمل حاليا في المسرح الوطني الروماني.
ما هي أهم الأحداث التي أثرت في حياتك العامة والمهنية ؟
أود بداية أن أشير إلى أهم حدث في حياتي وهو وقوفي أول مرة على المسرح وامام الجمهور وأنا ما زلت طفلة صغيرة واذكر تفاصيل هذا الحدث حينها شعرت وكأنني فراشة منتشية . اذكر وقتها تصفيق الجماهير ودموع ابي وامي تقطر من عيناهما فرحا . بالطبع هذه الحادثة جعلتني أرسم مستقبل حياتي وما اريد أن أكون وبعد ذلك بدأت المشاركة في مسرح الاطفال وهكذا ترعرعت في المسرح وكأنه حياتي بكل تفاصيلها وذكرياتها.
خلال هذه المراحل بدأت تنضج موهبتي واكتشفت بان الموسيقى الكلاسيكية وخاصة " الاوبرا " يوفر لي إحساساً وشعوراً فنياً ، اشعر وكأنني ادخل إلى فردوس من الأحلام والخيال .. كثيرا ما اتصور نفسي مثل فراشة في تلك الفردوس وأنا على المسرح أغني وارقص وامثل وتحت الاضواء ، مرتديلا تلك الملابس الانيقة والملونة.
هذه المشاعر والاحاسيس تبقى موجودة في داخلي حتى حين انتهاء العرض واحيانا يستمر هذا الاحساس لفترة لهذا اراني متناسيا ومتجاهلا الحياة اليومية الواقعية .. لهذا لا استطيع ان افصل حياتي عن المسرح ..
اما الاحداث الاخرى التي اترت في حياتي هما حدثان : الاول الثورة الرومانية عام 1990 والتي اطاحت بالديكتاتورية والتي كان للشعراء والمثقفين الرومان دورا كبيرا في تحقيقها لان المبدع الحقيقي دوما يتطلع إلى الحرية ، حتى تصبح الحرية اشبه بدين يتبناه المثقف وكان عام 1990 لحظة مفصلية في تاريخ رومانيا والشعب الروماني الا انه اجتاز هذه المرحلة نحو الحرية والتحرر من الاستبداد والقمع ، اما الحدث الثاني ، وفاة والدي .
ماذا يعني لك الغناء ولماذا اخترت تحديدا " الاوبرا " ؟
الغناء جزء كبير من حياتي ، ببساطة اكثر هو الحياة بتكويناتها الجمالية ، ولا يمكن ان اتخيل نفسي غير مطربة اما اختياري اـ الاوبرا كان في بدايات حياتي الفنية لانني اعبر عن مشاعري اكثر من خلال الغناء والرقص والتمثيل وهناك سحر خاص وعالم اخر في كل قصة
تعرض على المسرح، ببساطة عالم متكامل من الالوان والرقص والغناء والتمثيل..
ما هي الخصائص والسمات التي يتميز بها الغناء الاوبرالي عن بقية انواع الغناء ؟
الغناء الاوبرالي يتطلب مهارات صوتية خاصة وليس كل مطرب يمكن له ببساطة ان يكون مطربا اوبراليا ، بالإضافة إلى المهارات الصوتية يتطلب معرفة واسعة في الموسيقى والقدرة على التمثيل والرقص وهذه السمات تتطلب الكثير من التدريب والعمل..
الاوبرا عمل فني فريد ومن الطراز الراقي بحيث يعرض قصص الحب الرومانسية ،الاساطير ، احداث درامية ، التراجدية منها والملهاة، كل هذه العروض تقدم على المسرح امام الجمهور من قبل مطربين..
بالنسبة لي الاوبرا تمثل لي تحديا دائما لاكتشاف عوالمي الذاتية وطاقاتي الكامنة في نفسي في كلّ تجليّاتها النفسية والفنية لتقمص الشخصية التي اريد توصيلها من خلال الحركة والصوت معا للجمهور ، بالإضافة إلى منح الجمهور الفرصة للخروج من الواقع المعيشي ولو لساعات ومنحهم الاحساس بالدهشة وتحسس مكامن الجمال من اجل السمو والارتقاء بالانسان..
ما هي الرسالة التي تحاولين تأديتها وتودين توصيلها من خلال عملك ؟
دوري كمطربة وممثلة توصيل رسالة الشخصية التي اقوم باداء دورها وكذلك اظهار نوازعه النفسية وتجسيدها، وبنفس الوقت ، المهمة الاصعب ، ترك الشخصية تتكلم عني وعن شخصيتي فنيا وانسانيا ..
من هم أهم الفنانين الذين أثروا في مشوارك الفني؟
طبعا ،الفنانون الذين ينتمون لفن الاوبرا مثل المطربة الامريكية من اصول يونانية ماريا كالاس ، المطرب الايطالي لوتشيان بافاروتي، المطربة الامريكية رينيه فلمينغ، المطربة البريطانية من اصول رومانية نيللي ميرتشيو .. اما الفنانون غير العاملين في الاوبرا ، الرسامين الانطباعيين الفرنسيين من امثال بيار أوغست رينوار ، إدجار ديجا ، ألفرد سيسلي وكلود موني .. اما الممثلون جيرمي ايرونز ،و البتشينو ،والممثلة بيتي دايفاس
من أول من اكتشف موهبتك الغنائية ؟
هذا الاكتشاف تم من تلقاء نفسي بالكامل حين كنت طفلة تتملكها الرغبة في الغناء على المسرح وامام الجمهور.. وجاءت المفاجئة حين تم قبولي كطالبة في معهد الموسيقى الوطني لجامعة بوخارست حيث درست الموسيقى والغناء ومنها انطلقت كمطربة..
ماذا تعرفين عن الغناء العربي ؟
كما تعرف ، رومانيا دولة متعددة الثقافات والاديان والاعراف والاجناس فهذه حقيقة لا مراء فيها؛ وبنفس الوقت نموذج رائع في التعايش السلمي بين تلك الاعراف والاجناس وتقبل الآخر ، ولكن للأسف لا نعرف الكثير عن الثقافة العربية بقدر ما نعرفه عن الاتراك ، البعض منا يتخيل الشرق من خلال الثقافة التركية والسبب بوجود رومان من اصول تركية تقيم هنا منذ عدة قرون.. لهذا نجد الرقص الشرقي التركي مدهش للغاية والغناء التركي كذلك وحتى انك تجد العائلات الرومانية تجلس لمشاهدة الدراما التركية على التلفاز بشغف واهتمام .. اما عن الثقافة العربية اقولها للاسف هناك تصحر الا من قطرات نتلقاه من وقت إلى آخر ..
انا تعرفت عن الغناء العربي من خلال الاقراص التي اهديتني اياه وقد اعحبني صوت ام كلثوم ، صوت قوي ويمتلك خامات الغناء الاوبرالي .. وحتى لا تغضب فقد اعجبني صوت
فانا اعرف مدى اعجابك بالمطرب ، وقرات قصيدتك عنه ، فعلا مطرب يمتلك حس الكلمة واداء سلس وعفوية دون تعقيد، صوت يدخل القلب مباشرة بلا استأذن.. عبد الحليم حافظ ،
اما المفاجئة حين عرفت بان الرقص الشرقي من اصول عربية وان الاتراك تعلموا هذا النوع بعد دخول العرب الاسلامي الى تركيا ، وراقصات مصر ولبنان يتربعن عرش هذا النوع من الرقص.
بماذا تحلمين وتودين تحقيقه ..؟
كل ما اتمناه دوما توصيل رسالتي الفنية بصدق وبدون تملق او خداع ، فرسالة الفن هي رسالة خالدة ولا احد يستطيع توصيل تلك الرسالة الا الفنان الصادق والمؤمن والمخلص لها ، لاننا في هذا الزمن اختلطت فيها المصالح والصراعات مما افرز شخصيات اقتحمت الفن لاغراض ومصالح اخرى بعيدة كل البعد عن الفن ورسالته ، منها اقتصادية ، أو سياسية ، أو ايديولوجية ..