أحلام الزمان ....
الكتابة عن واحد مثل الشاعر هاشم صديق أمر صعب ، أن تكتب عن شخص تحس بأنفاسه كل لحظة يبدو لي هو التطاول بعينه ، هاشم صديق نموذج للإنسان السوداني المتصالح مع نفسه بصدق ، صادقته وعاشرته ولازمته وحفظت عن ظهر قلب جميع
قصائده ،والدته آمنه وشقيقه حسن يعرفان ذلك ، بكيت عندما أسمعني الراحل المقيم مصطفى سيداحمد " حاجة فيك تقطع نفس خيل القصائد .... مسرحيا أعتبره فارس المسرح السوداني ، ومن أفضل كتاب المسرح ، وهذا ما قلته وكتبته بمجلة الإذاعة والتلفزيون والمسرح قبل نحو أربعين عاما تقريبا في مقالي الشهير جدا عن مسرحيته " نبته حبيبتي " ومسرحيته " أحلام الزمان "
هاشم صديق ليس شاعرا فقط ، ولا كاتبا مسرحيا أو إذاعيا أو تلفزيونيا فقط ، بل هو ممثل ، يجيد فن التمثيل " نوع من اليسير أن تمثل ومن العسيرجدا أن تمثل " ، أستاذ ومكتبة مسرحية متحركة ، وأشد ما يؤلمني إخفاقي كي ينضم لأسرة قناة راديو وتلفزيون العرب ART رغم محاولاتي المضنية مع الفنانة المصرية صفاء أبو السعود زوجة صاحب المحطة آنذاك الشيخ صالح عبدالله كامل .
حتى ولو بعد – ألف عام – سأظل أذكر موقفه النبيل الشجاع عندما أدان خطاب فصلي من الخدمة عام 1975 رافضا المنحة الدراسية الحكومية وهو يدرس في أهم كلية للمسرح في بريطانيا “ EAST 15 “مع ذلك الممثل النجم يحي الحاج إبراهيم ، فتساقطت دموع الفنان التشكيلي محمد عمر بشارة كما عرفت .
هاشم لم يكتف بالإدانة ورفض المنحة الدراسية بل لحق بي في بغداد التي كنت أزورها في ذلك الوقت ، وأعلن تضامنه معي وأهداني ديوانيه " جواب مسجل للبلد وأذن الآذان " وقد قلت للفنان " أبو عركي البخيت عندما جاء إلى كندا مؤخرا " هاشم هذا يسكن في جميع مسامي ! "
رفض تماما الإنضمام لأي حزب سياسي ، فحزبه هو
السودان ، وإيمانه وتعلقه المدهش بالوطن و الشعب
السوداني ، وحبه العميق للمسرح والشعر والفن ، واهم ما يميزه شجاعته وصراحته .
وسوم: العدد 677