حديث في طريق الحياة
محمد عميرة – القدس
التقى رجلان عابران في طريق فتعارفا وتحادثا فقال الأول :
لنا جارٌ خلط عملا صالحا وآخر سيئا . فقال له : نكاد نكون كلنا مثله ، فما قصته ؟
فقال : له جيران يزعجهم بصراخه وتصرفاته فقال له شيخ الحارة : أتعرف ما هو الإحسان إلى الجيران ؟ قال : بلى ؛ أن أحسن إليهم . قال الشيخ : بل أن تصبر على أذاهم أيضا ، وقد أمرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام أن نستعيذ من جيران السوء في دار المُقامة .
فقال الرجل : أعوذ بالله أن أكون ممن استعاذ منهم رسول الله عليه الصلاة والسلام .
فعرف رسالة الشيخ والتزم .
فقال الرجل الثاني : وما عمله الصالح ؟ أجابه الأول : كان يقرأ القرآن في بيته وكانت يمامة قد وضعت عشها على النافذة المقابلة له ورقدت فكأنها استأنست به ، وكلما أراد أن يفتح النافذة وجدها راقدة فيتلطف في إغلاق النافذة ويتأمل في هذه اليمامة هل تفهم وهل تشعر ، فتأملُ ساعة كعبادة سنة .
ثم فتح النافذة الأخرى ليلقي نظرة على السماء الدنيا فقال : سبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثمّ هدى ، ودعا : ربّ زدني علما وافتح نوافذ قلبي وعقلي .
فتبسم الرجل الثاني وقال : كدنا نعبر ، وإن شاء الله الملتقى حيث يتوقف الزمن في مكان الفائزين .