عرس أحلام
أبو محمد خليل
تعرفت عليه من خلال الموقع الاجتماعي على النت وأطلعها انه طبيب جراح يقطن بإحدى الدول الأوربية. تهللت أساريرها معتقدة أنها صادت صيدا ثمينا. فبدأت تتقرب وتتودد إليه. توطدت علاقتهما وأحست بتماس كهربائي يسري في عروقها والدم يفور على غير عادته في شرايينها. وأخيرا طرق الحب باب قلبها. توالت الأحداث عاصفة وهو يفحمها بالكلام المعسول وكثرة الوعود، إلى درجة تعطل فيها عقلها وأحست كأن الزمن توقف عن المسير.
تيقنت أن الرجل سقط في حبالها، خصوصا وقد مكنته من مشاهدتها كيوم ولدتها أمها. أقحمها في موضوع الزواج، فقالت في نفسها ذاك ما أبغي. لكن كيف تقنع محيطها وبيئتها بمثل هذه الزيجة؟ إذن عليها أن تلقن له الشهادتين لأنهما من شروط الزواج المختلط. طلع تلميذا نجيبا في الحفظ واستعجل مراسيم الزواج على أساس أن يحجز غرفة في أقرب فندق يطل على البحر الأبيض المتوسط. لم تر مانعا في ذلك.
أعدت الأسرة مراسيم الزواج، فاستدعت الأقارب والأحباب والأصدقاء. حضر العريس في اليوم المحدد، انبسط الضيوف من خلال سهرة رائعة امتزجت فيها الأغنية العربية بالأهازيج الشعبية و الفلكلورية والأغنية الأجنبية على شرف العريس، مرت الاحتفال على ما يرام. وانطلق موكب العرس نحو الفندق المعلوم، ودلف العريسان إلى غرفتهما بينما انصرف الجميع كل إلى وجهته. لم تصدق نفسها وهي ترى بأم أعينها حلمها يتحقق، لطالما انتظرت هذه اللحظة التي تحلم بها كل فتاة عربية، بل إنها بهذه الزيجة ضربت عصفورين بحجرة واحدة، كيف لا وهي ستطير إلى الفردوس المنشود وتتنقل بين معالم أوربا من برج إيفل إلى ساعة بيكبن و... بدا يغازلها و يهيئها لتدخل عالم النسوة، فما هي إلا دقائق وتغادر عالم العزوبية العنوسة. بدت خائفة شأن كل فتاة في هذه الليلة، فأقنعها أن يعطيها حقنة على شكل مسكن لتهدئة أعصابها المتوترة. ترددت لكنها رضخت لطلبه مادام من كبار الجراحين.
تمت العملية بنجاح ونال مبتغاه ثم اخذ حقيبته الصغيرة فغادر الغرفة في لمحة بصر، تاركا الزوجة تغظ في سبات عميق. بعد ساعات استفاقت أحلام شبه مشلولة و حاولت القيام من الفراش لكنها لم تقو على ذلك. نادت زوجها بصوت مبحوح وخافت: ح..بي..بي...ج ..ا...ك ج..ا...ك جاك. لكن لا حياة لمن تنادي ولا من مجيب. وفجأة أحست بألم فتحسست ما بين فخديها وسحبت يدها فوجدتها ناصعة بيضاء للناظرين، بينما الألم يزداد ويشتد. فضغطت على جرس الغرفة، وبعد ثوان وصل عامل الفندق لتلبية طلباتهما، لكن بمجرد أن رآها طلب على التو الإسعاف وتدخلت على الخط الشرطة العلمية، وأخذت أقوالها بعد التحريات خلصت إلى كون الطبيب دخل إلى البلد بهوية مزورة، ويعمل ضمن شبكة منظمة في تجارة الأعضاء البشرية. وقفلت المحضر ضد مجهول.