للأديب أكتب
طه أبو حسين
على حافة الكرسي المعكوف ، وتحت سقيفة عنوان لا يحمل من اسمه إلا تجردات الحروف ، وفي موطن الرأس ساعة الغروب حُدِّثْتُ عن خنجر سيطول قلبي باسم الشرف ويروح .
مثقلة وصلتني السهام وفي داخلي صنعت الجروح ، ركنت لزاوية تخفيني عن العيون ، فكنت كطائر ينتظر حدّ السكين وعن رقبتي يمرّ لترحل الروح ، صامتا ، وفي داخلي حروبا حامية الوطيس ، ضرب سيوف ، نزاع أرواح ، احتكاك دروع ، تحطيم قلاع ، ثم هزيمة لا تعلمها إلا الروح .
صمت وصمت في انتظار الموت ، وكمن يُطلب منه آخر أمنية قبل الإعدام سألت عن صوتي فأجبت بالصمت ، ثم أعيد تكرارها حتى تبرر ذمة القاضي حينها ، فأقبلت بحديثي قائلا : لنلتزم جميعا بالعهد الذي عاهدنا ، ثم نرحل " .
الصمت كالشمس لم يأت عبثا ، يحرق ولا يحرق ، ويومها كان لأجل نار تأججت بفعل حرف كالحطب وضع في موقدي والبنزين عليه سُكِبْ . ثمّ إنّي تناسيت وقت نوديت باسم الجنّة إنهاء العذاب .
غضبت لكني ضحكت حينها ، وقلت لنلتزم قواعد الحياة ولا نخرج عن ملّتها فتصيبنا اللعنة ونخسرها .
بعد الرجاء أقفلت مع الغروب ، فحلّ الليل وصحوت على لعنة الحياة ، فكان لزاما مني امتناعا عن اللقاء ، حتى لا تجرح بأنين صوتي ، وتحرق بجمرات عيني ، رحمة بك ورأفة بنار أوقدت بأمر منك تنحيت منازل الجنان وتركت لك سلّما إن شئت اطلعت فيها على ركن من أركان الوداع .