المعلّقون في الفراغ 

لطفي بن إبراهيم حتيرة

المعلّقون في الفراغ 

لطفي بن إبراهيم حتيرة

[email protected]

عيوني معلّقة في فراغ رهيب, أطرافي لا تستقرّ ولا تهدأ أحاول التماسك فلا أستطيع.. أجاهد حتّى أتلاحم فلا أقدر.. وقع أقدام تقترب منّي ثمّ تبتعد, ثمّ تقترب وتدنو أكثر و أكثر..

.. همس وكلام خفيّ..

" هو..

هو نحن نراقبه منذ زمان"..

" كلّ التّهم

ضدّك يا مسكين"..

" الآن

وقعت يا غبيّ"..

وقال أحدهم..

" هاتوا

الملف وافتحوا الجلسة"..

 وساد صمت رهيب فترة طالت كثيرا وقصرت كثيرا..

 ـ أنت..

وهزّني

الصّوت.. كان مرعبا.. مربكا وقع في أذ ني فتفجّر في أعماقي بركانا.. الصّوت يأتي

من كلّ ناحية..التفت هنا وهناك لا شيء غير السواد القاتم العميق..

 ـ أنت!..

فقلت دون

وعي..

 ـ أنا؟!..

 ـ نعم أنت.. هل يوجد أحد غيرك؟..

 ـ عفوا..

 ـ هل أنت أنت؟..

ارتبكت وتراكبت.. انفصلت وتمفصلت.. تفكّكت وتميّعت فسحت في الأرض سائحا لا

يحمل هويّة ولا بندقيّة ولا حقيبة جلديّة..

 ـ ولماذا أنت؟!..

وزادني تمزّقا

و تمزيقا وتشريحا..

قلت وكان عليّ

أن أقول شيئا..

 ـ أنا لا أعرف.. أنت تعرف..

 ـ ها أنت تعترف..

فتساقط بعض

منّي وقلت..

 ـ أعترف.. لا أنا.. أنا عارف..

 ـ ها.. أنت عارف..الأوراق تقول هذا أوراقنا لا

تكذب..

 ـ أنا قصدي أعني أنا..

 ـ قصدك تعترف يعني.. هذا جميل هذا جيّد..

حاولت الوقوف..

تحسّست وجهك وأطرافك المبتعدة.. نظرت إلى نصفك الأسفل فلم تجده لقد خانك وتخلّى

عنك "إنّه زمن الخيانة " قلت في نفسك..

وخيّم الصّمت

وغيّبك الظلام وامتلأ المكان وحشة وتصاعدت روائح كريهة وهبّت رياح منتنة..

 قلت لصاحبك..

 ـ هذا المسلخ البلدي؟..

 ـ المسبح الأولمبي.

 ـ المسلخ البلدي المس...لخ..

 ـ آ.. المسرح البلدي..

 ـ أقول لك المسلخ البلدي تقول لي المسبح

والمسرح..

 ـ طالت السقيفة يا صاحبي فلا تؤاخذني ولا

ترهقني.. فالكلّ سوى.. من المسرح إلى المسبح ثمّ إلى المسلخ حيث الذ ّبح والتشريح

والسّلخ والقطع و التكسير و..

 ـ لا يضرّ الشاة سلخها بعد ذبحها..

 ـ واللّي غرق ما يخاف البلل...

 ـ أنت قلت هذا..

 ـ كنّا نخوض ونلعب..

 ـ تلعب.. كنت تلعب.. الآن ستشبع لعبا..

 وحملوك وطافوا بك ومرجحوك وأرجحوك وعلّقوك ساعة

وغيبوك ساعة أخرى ثمّ تركوك مغشيّا مرميّا وسط المسرح تتخبّط متألّما..

والجمهور

يصفـّق ويصفـّر راضيا متمتّعا ومنتشيا..