وجوب العناية بالتربة
قصص من واقعنا
عثمان أيت مهدي
قلت لزميلي الفلاح: فرضا، لو قمت بنزع هذا الهراس بجذوره، وأعدت غرسه في تربة أخرى، هل سيتحول إلى ورود؟ قال: نعم. قلت: وكيف ذلك؟ قال: وكيف لهذا المواطن الكسول، الأمي، البليد، عندما يقتلع جذوره من وطنه ويستقر في بلد آخر يتحول إلى نشيط، مثقف، وفطن؟
بين أحمد شوقي وإبراهيم طوقان
سألت أستاذي للغة العربية وآدابها: لمَ اختلف إبراهيم طوقان عن أحمد شوقي في رؤيتهما للمعلم؟ فكلاهما شاعر، وكلاهما عاش تقريبا نفس الفترة، وكلاهما كتب عن المعلم قصيدة بنفس الوزن والقافية. ردّ أستاذي بعدما حدّق في وجهي مليا، كأنه يريد اكتشاف استفزازي له: أحمد شوقي كتب قصيدته لتدوّن في دساتيرنا ويتشدق بها وزراؤنا، أمّا إبراهيم طوقان فقد كتب قصيدته لتعلق على مداخل مدارسنا ويبكي من سوء حظهم معلمونا.
زهرة عباد الشمس
تعودت زهرة عبّاد الشمس أن تستقبل يومها بابتسامة لطيفة وتحية عطرة للشمس وهي تخرج من خدرها بأعماق البحر، كان ذلك منذ فترة طويلة، تتبادلان بعض أطراف الحديث بأجمل العبارات وأرقّ المعاني. بلغ مسامع الإعصار هذه الصداقة الحميمية بين الوردة والشمس، وأقسم أن يقتلعها من جذورها لتكون عبرة للآخرين، فالعلاقات لن تكون إلا معه وله وليس مع الآخرين. اكفهرت السماء بغيوم كثيفة وهبت ريح قمطرير وسقط وابل من المطر، إلا أنّ الزهرة انغلقت على نفسها وأخفت رأسها في الأرض وقاومت بإرادة قوية، وعندما فتحت عينيها بعد انقشاع الزوبعة، لاحظت غمامة سوداء تعلو السماء وتحول دون رؤيتها للشمس.
حزنت الزهرة حزنا شديدا لا سيّما وأنها قاومت لأكثر من مرّة هذا الإعصار الهمجي، ولم يعد يخيفها، ولم تستطع إزالة هذه السحابة الكئيبة من فوقها، وقد مرّت سنوات طويلة وهي مستقرة، ماكثة بمكانها. ترجتها وتوسّلت إليها دون جدوى. فتحت الزهرة أكمامها وراحت تدعو ربها: اللهمّ هذا الإعصار ولا هذه السحابة، اللهم اضرب الضالمين بالضالمين وأخرجنا بينهم سالمين.