أساطير أنثى
أساطير أنثى
أشرف أحمد غنيم
أدخلتنا الحجرة وأغلقت الباب بالدوبارة التى تلفها حول المسمار الغليظ المثبت فى حلق الباب ، ولم تتركهما إلا وهى تشدد بقوة وإنتباه على وثوقها كدوبارة بالمسمار .
- ها عقلتك جيدا ليتك لا تنفك .
كأنما كل شيء يسير هنا بالنيه التى يلتحم قدرها أو يتدثر رغما عنه بشفافيتها ، لكننى لا أدرى لما تصر وتغصبنا على عدم إكمال اللعب فى هذا النهار الرائع الطقس .
*************
لا توجد أبوابا فى البيت خلف هذا المغلق والمربوط لتوه ، إلا الباب الكبير ، حيث خلفه ركن شكائر أسمنت الجيران حتى لا تسرق من مبناهم الغير معروش والعديم الأبواب .
الم يتسلقوا الباب منذ إسبوعين وأنا خارج البيت ، صرخوا فى الولدين وهددوهما بكسر الباب وفض القفل الذى ننام خلف أمانه ، وقتلوا العنبة التى إشتراها أبو الولدين ، ليكسوا ظليل خضارها (ولولب تسلقها الطموح) المدخل وسدادات بوص سقف حجرتنا الوحيدة هذه ، ورفعوا شكائر الأسمنت ، ورأوا غضبنا ، قالوا : إنه أسمنتنا وأخذناه .
*************
أنامتنا كلماتها المعجونة بفحيح القهر على جنبينا ووجهينا ناحية الحائط ، ورسمت تكشيرة أنيابها الناعمة فى وجهها الأنثوى الشاب ، لكنها مخيفة كأنها تكيل لنا الرعب أكثر من الخوف المرسوم على ظلمة الليل .
- أياكما تنظران هنا .
سحبت طبق السكر المغلى بالليمون المتحول إلى عجينه مطاطية بين إصبعى كلتا يديها ، لا أدرى متى فعلتها ، أم لماذا تصر على الزج بنا فى حبسة ظلمة النوم ، نظرت ناحيتى الكبير.
- نم يولد أنت وهو ، وإلا هذه ، وإلا هذه العصا .
وإتجهت دقاتها مع النظر إلى الجدار حول ألواح خشب الباب هل بهم ثقوب ، ووضعت خلفها كرسى خشب وعود قصير من الحديد يقوى صمود الباب .
- ليس بالخارج إلا زير المياه ، والحمام بابه ستارة سوداء .
قلبت نومنا بأصابعها ، تقعد خلفها الطشت الصاج المستعد للملأ بالماء المسخن فى "البستله" على الوابور الصارخة ناره.
**************
تحجب رغوة الصابون كالسحب وجهها بعد أن وضع حجر تنعيم خشونة القدم على مكان علي ، تحس أن شيئا يقفز فوق جسدها ، يجسم عليها الفزع ، تصب الكثير من الماء على وجهها ، فرأته مازال يقفز ، تحولت وحشا يصارع أمامه تغطية إصفرار وجله بالهدوء حينما لمحته .
- ضفدعه .
يوجسها صوت بالخارج ، لكنها تصر إكمال طقوس التجميل هذه .
- مواء قطه ، نقيق ضفدع ذكر يعيش فى رطوبة المياه المتقطرة فى العلبة من قاع الزير.
ونست فراغ المنازل الكثيرة والخاوية إبنيتها وسط الأراضى الزراعية خارج القاهرة من صريخ.
**************
تشعر كإمرأة ببوصلة عينيها ليست إلا على مشارف بشيرة أساطير يقظتها الدائمة الإنتظار والتكرار ، (رغم قدرتها على التخلى عن أثاث حجرة زيجتها وذهبها) الداعى لها فى الخروج من السكن المشاع ، النعمة بالكاد وجوده ، وقسوة شراكته مع العديد من العائلات فى حى الشرابية ، وأن هذه الطقوس الأبدية ما رأت سوى أمها تفعلها فى قريتها إرثا عن جدتها ، وتحيك فى صدرها السؤال ، كيف تعلمتها حتى صارت تحترفها ، وألفت على شفتيها أنغام أغنية .
لكن أم الطفلين .............
- لا أستطيع فعل هذه المتعة ، أن أشعر مرة أنى أنثى .
فدوما تقفز البنات والنسوة وتضج بهم حجرتنا ، والحمام هنا مشترك ، وفى نفس الآن يستخدم كدورة مياه للرجال والنساء والشباب .
تمت