عودة بسلام

عودة بسلام

انتصار عابد بكري

بعد صلاة الفجر كان مسافرا هذه المرة بسيارته،  تغامزه قطرات الماء من خلف الظلام على الزجاج وحرك المسّاحتان لجرد الماء. القدمين على الدواسة والعقل في  الفضاء خارج حدود المركبة .

اليوم سوف أتكلم معه، سأطلب منه أن يرفع لي المعاش الذي بالكاد يكفي لثلاثة أنفار ، أن يوقع لي على بوليصة تأمين حياة أو إصابات ، ولن أعمل ساعات إضافية ، أريد أن أصرخ بوجهه إذا تطلب الأمر  لكن مع ذلك سأغتاظ أكثر لأنه سيبقى هادئًا ، أشعر أن قوايّ وصبري باتا تحت الوسادة في البيت وان عدت إلى البيت تركتهما خارجا فأكون متهيجًا مثل الشرار. اثنان وعشرون عامًا  أعمل بالاسم عامل ، الشغل كلّه فوق رأسي  تحضير الطلبات وتنفيذها شيء بات قاسٍ لا يحتمل، أنا مذنب بحق نفسي وحق أولادي . لم أعوض حتى عن إصابةٍ واحدةٍ ولم أجمع القرش الأبيض لليوم الأسود !

 يا الله كيف يمكن أن يغير مكان عمله  فهو يسمع عن أصحاب عمل آخرين قاسيين وغير سهل التعامل معهم ومعلمه لطيف أحيانًا وغير مبالي كثيرًا.

لم يقطع مسافة القرية المجاورة المتصلة بقريته وكأن اللحظات التي حييها مرت ساعات .

رن هاتف البيت –

استيقظت عن دون هداية ربما كمال يريد أن يوقظها للصلاة ردت مسرعة حتى لا توقظ رنات الهاتف أطفالها- ألو ..

ــ وفاء حدثت حادثة واصطدمت المركبة  ..

ــ وأنت ؟!

ــ  وتابع .. السيارة على المفرق الغربي هناك .. أنا في سيارة الإسعاف ـ تعالي أنت وأبي لتأخذين  المركبة. 

وصلَت مكان الحادث في المفرق الذي كان باتجاه معاكس ، ركَضَت  وساعات البرد والمطر شديد .

سيارة بيضاء توقِفُها ، ربما ابن خالٍ أو قريب أراد المساعدة .

يا فتّاح يا عليم إنَّه حقير يريد السوء بها . شتمته وأسرعَت إلى شبه السيارة التي فقع عجلها الأمامي وسقطت فيها ملامح المراكب لتسير وكأنها في زفة عروس الكل ينظر إليها   ، الناس نيام  فقط العمال المتفرقون والمنزوون بجانب بيوتهم محتمون من المطر في انتظار من ينقلهم إلى أعمالهم،  هم ضيوف تلك الحفلة ، وبدلا من صفارات الفرح والتصفيق كانت أصوات مرعبة تخرج من السيارة محركةً إياها ببطء لتعود من الشوارع الداخلية للقرية المجاورة  إلى بلدها.

بالأمس كانوا يقولون هذا النوع من السيارات جيد وقوي .

بعدها علمنا أنه ضرب جسمًا غريبًا ربما كان حمار ميتا وفتلت السيارة لتضرب الحاجر وسيارة كبيرة تدفع به من خلف .

لا تدري كيف وصلًت البيت بسلام  وعاد هو بسلام .