المائة بعد الألف
عبد الزهرة لازم شباري
مسرعاً إلى بيته دون أن ينبس بكلمة واحدة تعتريه نوبة من الرعدة في جسده ، يخيم عليه البؤس والاكتئاب والألم ، يدخل غرفته ويوصد الباب وراءه ، يلقي بجثته على السرير ويخلد إلى النوم !
يتقلب في فراشه كما الأسماك في بطون البحار والمسطحات المائية ، ينتابه قلق وبؤس ، يشعر أنه يحمل هم الدنيا ، الأشباح تتراقص أمام عينيه ، أعظمها شدة ما رآه في الطريق العام ( السريع ) !
سكنت ضوضاء نفسه واصطخاب الشارع والناس والمركبات عليه ، وبدء سلطان النوم يدب في أعضاءه ويغطي عينيه بغشاوة ظليلة ، لا يكاد يستطيع فتحهما ، زحف ظلام دامس على جسده ليغطي ما تبقى من شدو روحه سوى ما بقي من أنفاسه المتعالية ، يراوده منظر الشارع العام والحركات البهلوانية التي ما زالت تلهب رأسه وتفكيره المتعب ، يندلع في صدره لهيب الغصة ومرارة القسوة والظلم ، وجوه شاحبة خالية من الرحمة ، أستحكم عليها شعاع الفرعنة والغطرسة والجهل وقبح التحكم وظلال العقول !!
الهلع ينتابه ، لا يستطيع الترجل بسرعة والدفاع عن صاحبه الجالس بجانبه ، خلف مقود سيارته ، بسرعة مذهلة ، وخفة بهلوانية ، وأصوات نكرة ، تزعق كالوحوش الضارية :
توقف يا بن .........؟ !
ينزلق على يمين الشارع ويبقى جالساً في مركبته الصغيرة ، في حين تهجم عليه ذئاب العصر ، تسحبه بقوة وعنف ، دون سابقة كلام ويلقى على الرصيف وينهال عليه الأربعة بالضرب من كل مكان ، يتقلب على الشارع من شدة الضرب وقساوته !
تجمع الناس من كل مكان الرائح والغادي دون أن يجرء أحد بالتكلم أو أسعافه ، الكل مذهولون ، يسمعون كلامهم النابي وقبح أخلاقهم وتعسفهم الجاهل !
بطريقة بهلوانية يصفق كل منهم يديه ويعدل من هيئته ويذهب إلى محله ،
هكذا يجب أن تتأدبوا عندما ترون أحدنا ، ولا تتجاوزوا مركباتنا في الشارع ؟
حتى تكون للجميع عبرة ، فاعتبروا يا أولوا ابصار ؟
ملقى على الشارع ، تتجمع عليه الناس ، يحركه أحدهم ، ينهض مذهولاً ويصفق بيديه صارخاً ، لقد فارق الحياة !!!