دردشة نضالية
فائز سالم بن عمرو
... حالة الطوارئ لا تفارق الأسرة بعد تلقيهم النبأ المفجع ..
تجتمع العائلة ـ على غير العادة ـ للحفاظ على سمعة الأسرة وتاريخها ...
.. تخرج المصيبة رب الأسرة عن وقاره ولا مبالاته ، ويصيح بأعلى صوته .. إخفاق في المواد الوطنية ... لا بدّ من علاج سريع لهذه الفضيحة ..
بعد التشاور وكثرة الرد والاختلاف ، تقترح الأم .. تلقي الأولاد دروسا خصوصية لتحسين مستوياتهم في المواد الوطنية ..
يعترض الأب بداعي الحفاظ على شرف وسمعة الأسرة العريقة ذات الأصول النضالية ، والأرومة الوطنية ... ويتكفل بالمهمة الجسيمة ؛ لترسيخ الثقافة الوطنية في نفوس أولاده ...
يصرّح الأولاد بالتناقض السافر الذي يعيشونه بين الواقع الوطني الزائف ، وديمقراطية الكتب ؟! ... ويصرخون قائلين : لم نستطع تقبل العلاقة المعقّدة والشائكة .. بين الرئاسة والحزب والحكومة والرقابة والوطن ؟! ...
يستبق الوالد ثورة الأولاد ، ويعمل على إخمادها قائلا : الأمر سهل .. لا عليكم ؟! ، فانا سأبسطها لكم ..
تركيبة الدولة ببساطه مثل أسرتنا .. فالأب في الأسرة يمثل الحزب أو الرئيس .. فالكلمة الأولى والأخيرة لي ، وأي اعتراض من قبل الشعب والمعارضة يحفظ في الأرشيف وسجلات الصحف ..
وأمكم : تمثل الحكومة ورئاسة الوزراء ... ويوكل لها تنفيذ أحكام الحزب والرئيس حرفيا ، وتتحمل نتائج الفشل .. ويطاح بها عند أي مشاكل ، أو تغيير سياسي ! ..
الرقابة والمجلس التشريعي تقوم به الجدة .. فهي تراقب من يخالف القانون ، وتبلغ الحكومة لاتخاذ الإجراءات ، ومحاسبة المخالفين .
أما جدكم الموقّر ، فهو يجسد الثقافة الوطنية في الأسرة ، ودائما يذكّر بالهوية الوطنية والثقافية .. وينقل تراث الأجداد والآباء إلى الجيل الجديد ! ...
والشعب والمعارضة ، فهي أنتم .. أيها الأبناء والبنات .. الذين تتأثرون مباشرة بأداء الحكومة ، وفساد الحزب .. وترتبطون بالحزب والرئيس في كل أمور حياكم ؟!
تمضي الأيام ، وكلام أبيهم راسخ في أذهانهم .. يبحثون عن تطبيق ما سمعوه بمادة التربية الوطنية ! ..
ذات يوم يعود الطلاب من المدرسة مرهقين جائعين منهكين .. فيجدون جدتهم نائمة على مدخل البيت ، لا تأبه لهم ولا تستجيب لطلباتهم .. بينما الأبوان يتشاجران ، وصوتهما المزعج يلف البيت بالكآبة ! ..
فيصرخ أحد الأبناء شاكيا : أي وطنية هذه التي نعيشها ؟! ، الشعب جائع ، ولا يجد أحدا يسمع له .. والحزب والحكومة يتشاجران ويختلفان .. والرقابة نائمة ! ...