قصص من الحصار
قصص من الحصار...
وأعينهم تفيض من الدمع
وليد فارس
عند بوابة الدخول كان المسؤول عن الأمر يسمح للمقاتلين بالمشاركة في العملية ضمن مجموعات مقسمة إلى عشرة أقسام كل قسم مؤلف من عشرة أشخاص فقط, كان ملتزم كثيراً بقضية عدم تجاوز العدد المحدد ولم يسمح لكثير من الشباب بالدخول فالمائة رجل المطلوبة أصبحوا في الداخل, عند المدخل كان عامر يبكي بكاءاً شديداً ورفاقه حوله مجتمعين وأعينهم تفيض من الدمع, توقعت أن شخصاً ما استشهد أو أصيب لكنني عرفت أنه لم يسمح لهم بالدخول فغالبهم البكاء لأنهم لم يشاركوا في المعركة.
سحبت عامر نحو الخلف ورحت أتجول معه مواسياً له ومحدثه بأشياء مفرحة لكي أجنبه الحزن الذي أصابه, كان حديثه يغلبني وكلماته كانت أقوى من كل المحاولات التي كنت أجربها معه لتصبيره, لقد كان كلامه البسيط أقوى من كل الخطب التي حفظتها ومن أبيات الشعر التي أعرفها ومن كل الكلمات المنطقية والمحاولات العقلية لإدخال فكرة تقنعه بأن الأمر بسيط ولا يحتاج لكل هذه الدموع, بعد حديث لمدة ربع ساعة تقريباً تحسن الوضع وخرجنا من الأمر وصرنا نتكلم عن أمور فرعية بسيطة واقتنع عامر أنه قد يشارك في المعركة التالية أو في مكان أخر, بعد أن خرجت من المكان وجدت مجموعة تزيد عن عشرين شخصاً عند المدخل يبكون لأنه لم يسمح لهم بالمشاركة, عندها أيقنت أن هؤلاء الشباب تحركهم قوى داخلية مستمدة من إيمانهم بالقضية التي يقاتلون من أجلها وعرفت سبب قدرة تحمل الدموع للمسؤول عن الإدخال وهو أن جميع من يمنعه تدمع عيناه لأنه لم يتمكن من أن ينال هذا الشرف العظيم وهذا الأجر الكبير.