الانتظار
د. خليل قطاطو
ليته يهل ، ليس لي الا الانتظار . أريد أن أكسر عقارب ساعة الحائط التي تلدغني ببطئها ، وهذه المرآه التي تحدق في وجهي بغباء وسخرية في آن . الظلام لون اكرهه، وأمقت أيضا لون الضوء الفضي الذي يلسع عيوني كما الريح الباردة المحملة بالاتربة . المكان فسيح ، جدا ، ويكاد يخنقني بضيقه كزنزانة تكاد تطبق على اضلاعي التي تحيط بصدري المنقبض منذ زمن
دوار، صداع ، غثيان ، ضبابية ، وأفكار متلاحقة تتسابق في رأسي ، فوضى في التركيز لا استطيع كبحها ، وهذا النعاس ليته يطل
هذا التلفون ليته ، أو لعله يخرس . أنه ينبح مرة كل عشر دقائق . أما في هذه الساعات العشر التي لا يشدو فيها فيقتلني الرعب . أليست هذه أوامري بأن يبقوني على اطلاع كامل بكل التفاصيل ؟ ولكنهم أغبياء حقا ، لا يحسنون التصرف بدوني ، وحجتهم اللعينة أن ألأمر جد خطير ، ولكن لا داعي للقلق !!! أبدا
ويحهم الشعراء ، أنهم يتغزلون بالسهد وحلاوته ، أنهم يكذبون . نوافذي مغلقة باحكام وتحرسها طبقات عدة من الستائر المخملية والحريرية الزاهية ألوانها . لا قمر ولا نجوم أبثها شكواي كما يفعل اولئك الشعراء الحمقى
عيناي جوعى للنوم الذي حرمته لأيام ، صوم لم أختره ، كطفل في السادسة خارت قواه قبل المغيبمنتظرا ساعة الافطار . ولكن النعاس قد يداهمني ، أتمنى أنتصاره وهزيمتي
لا داعي للتوتر ، ألامور ليست على ما يرام ولكن الخطط البديلة متنوعة . سلامتي هي محور اهتمامهم جميعا . لن يخذلوني . لن يجرأون
أين الملاذ ، بعيدا قد يكون ، وأموالي هناك ، هل سيمسّها أحد ؟ والقصور ، والمزارع ، واليخوت ، ومجوهراتها . ورجالاتي ؟ لا وقت للتفكير بهم ، الاجدر بهم أن يفكروا بأمري ، لا العكس ، هذا ليس منطقيا ، سيتدبرون أمرهم ، هذا أمرهم
لم أتعبد من قبل ، ولكنني مستعد الآن للصلاة من أجل قليل من النوم . لدي البلايين ولا أستطيع شراء ساعة نوم رخيصة ، حقيرة ! . تبا لهذا المال ما أغباه
مزقت أصوات متنوعة جدا -في جزء من الثانية - سكون هذا الليل الكئيب الطويل قبل الفجر
دخلوا عليه القصر من كل نافذة وباب . كانوا بالعشرات ، ربما مئات ، الآف ، أوأكثر ، لا يدري . عرفهم من وجوههم ، لا أسماء لهم . رآهم قبل أكثر من سنة ونصف داخل شاشات التلفاز يحدقون في عينيه ويقولون :آتون
جرّوه ، من جميع أطرافه ، ومن ناصيته . تعالت ألأصوات ، وفجأة غط في نوم عميق.