الديك

حيدر الحدراوي

[email protected]

قبل ان تتوفى امي , اوصتني بالدجاجات والديك خيرا , وحذرتني من بيعهما او ذبحهما , وقد صنت الوصية , حافظت على الدجاجات والديك , لم اذبح منها ولم ابعها , بل اكتفيت ببيع البيض , لاشتري لوازمي الاخرى , فقد كنت عاطلا عن العمل .

سارت الامور في مجرياتها  الطبيعية , حتى فاز جاري بالانتخابات وصار مديرا , وفي مدة وجيزة , بنى قصرا مهيبا , على خربة بيته السابق , وقطع جانبي الشارع بكتل كونكريتية , ووقف في كل جانب عدة رجال مدججين بالسلاح , والمصيبة الاكبر , وضعوا الكتل الكونكريتية في مكان قريب جدا من باب بيتي , فيصعب عليّ الدخول و الخروج من والى البيت , لم استطع الكلام , فلم تكن هناك جهة تستقبل شكواي ! .

لكن ديكي المشاغب قد تولى الامر , ففي كل ليلة , وفي وقت متأخر جدا , يتسلق القصر , ليصيح بصوت عال , فيوقظ اصحاب القصر , ويقض عليهم مضاجعهم , بينما قد تعود السيد المدير على السهر , بعد ان كان ينام في اول الليل , واعتاد النوم متأخرا هذه الايام , فبمجرد خلوده للفراش , يبدأ الديك بتسلق القصر , والصياح بصوته العذب , فيقفز المدير من فراشه , مستيغثا بحراسه , بل وحتى اهل بيته , فيعجزوا عن اسكاته ! .

لم يكلمني المدير كجار يحاور جاره , بل استدعاني للحضور بشكل رسمي , الى مقره , فذهبت , فأستمعت لخطب رنانة , وشكاوى لا تنتهي , لعدة ساعات , وكنت واقفا , لم يشر اليّ ايا من الحاضرين بالجلوس , وختموا كلامهم بالتهديد والوعيد , فتكلمت اخيرا , عندما سنحت لي الفرصة , حيث قد تعبوا من كثرة الكلام , واخبرتهم بأنه ديك , لا يفهم الكلام ولا يعي النصح او التهديد ! .

استمر الديك بالصياح في كل ليلة , ولم يعبأ بتهديدات المدير , واسترسل بصياحه , وكأنه يخاطب المدير وادارته :

-         اين التعيينات يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين الخدمات  يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين الكهرباء يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين الحصة التموينية يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين الامن و الامان يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         الا تنظر الى أذية الجار يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين الفقراء في خطتك لهذا العام  يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين انت من الارامل والايتام يا مديـــــــــــــر ؟ .

-         اين انت من الجياع والمحتاجين يا مديـــــــــــــر ؟ .

وغير ذلك الكثير , لكن المدير لم يعجبه هذا الكلام , فطلب من احد الحراس اطلاق النار , فصوب هذا بندقيته نحو الديك , فارداه قتيلا !! .