رأس الماعز
رأس الماعز
حيدر الحدراوي
اشترى صاحب المطعم ثلاثة عشر راس ماعز , الا انه تشاءم من احدهما , لقد كان رأس ماعز اسود , فشاهد شيخا طاعنا في السن , يتوكأ على عصا , يستجدي الناس , فأعطاه اياه , دبّ الفرح والسرور في خلد الشيخ , طالما احب هذا النوع من الطعام , الذي فارقه منذ سنين طويلة , حمله وعاد به الى البيت .
لم يكن الشيخ يجيد الطهي , ولم يكن يطهو الطعام لنفسه , بل كان يعتمد على ما تجود به موائد الجيران واغنياء المنطقة , فرمق رأس الماعز بنظرة عميقة , ثم حمله وقصد بيوت الجيران , وطلب منهم مساعدته في طهيه , اعتذر الجميع كون طهيه يستغرق فترة طويلة , لذا حمله ومضى قدما بحثا عن المساعدة .
مرّ بمجموعة طباخين , يعدون وليمة كبيرة لعرس او لمراسم عزاء , فطلب من كبيرهم ان يضع رأس الماعز في قدر اللحم , اعتذر كبير الطباخين , واحتج من انه سوف يغير النكهة ما يعرضه للتوبيخ من قبل مستأجريه .
شارفت الشمس على المغيب , فقصد السوق , جلس في زاوية ما , وصاح بصوت مسموع , حزينا ومنكسر , ( ايها الناس .. يشهد الله اني لا املك عشاءا لهذه الليلة سوى رأس الماعز هذا , الذي لم اجد من يعنيني على طهيه , وها هي الشمس شارفت على المغيب ) , أثر ذلك في الناس , فهرعوا للتبرع , هذا بمال , وذاك بنوع من انواع الطعام , حتى تكدست امامه مختلف انواع الاطعمة , خبز , فواكه , خضراوات , وتبرع احدهم بأيصاله الى البيت مع كل ما لديه بسيارته .
جلس الشيخ يحدق في انواع الطعام المختلفة , واخذ يلملم ويعيد ترتيب الاوراق النقدية , ويخاطب رأس الماعز , ( حللت في داري ... وحلّت البركة ) , وشرع بالتهام الطعام , حتى تناول ما يفوق عادته , و شعر بألم في معدته , فأستلقى ليستريح , وغط في نوم عميق , نسي باب الغرفة مفتوحا , فدخلت القطط لتعبث بالطعام وبرأس الماعز .
هجمت الكوابيس عليه , هجوم عدو لدود , من كثرة تناول الطعام , فأستيقظ مرعوبا , فزعا , فشاهد رأس الماعز الاسود جاثما على بطنه , ازداد فزعا , وتوقف قلبه عن العمل ومات ! .