أحْلامٌ

أحْلامٌ

مصطفى حمزة

[email protected]

سألني أبي في تلك الجلسة ، والحرفُ يُسابق الحرفَ إلى قلبي :

- حدثني عن أحلامك يا بُنيّ ، بمَ تُناجيها وتُناجيكَ ؟

نهضتُ أجيبُهُ وأنا أرسم بيديّ في الهواء :

- بالسياحة يا بابا ، سأحضنُ العالَم ، وأعانق الغابات ، وأقبّلُ قمم الجبال ! وأتعرّفُ إلى آثار البلدان ، وستعرفني كلّ وسائط النقل في البرّ والبحر والجوّ ..

اختلسَ نظرة إلى أمي الكئيبة ، وقد رسمتْ شفتاهُ الرقيقتان ابتسامة مريرة ، وقال لي :

- أسْألُ الله أن تُهرَعَ إليكَ أمانيك وأحلامُك ، ولكن اعلمْ يا بنيّ أنّ مناط البهجة في السياحة ليسَ بالمكان الذي تزوره ، بل بمن يَصْحَبُكَ إليه ..

نحن الآن على ارتفاع ثمانمئة متر عن سطح البحر ، في مقهىً راقٍ يُحلّقُ فوقَ وادٍ سحيق مديد ، وغُيومٌ بيضٌ شفيفة تسبح بجانب نافذتنا ، والطاولة بيني وبينها عامرة بما لذّ وطاب من خيرات الرحمن . أنا ساهمٌ بنظري عبر المدى ، أتذكر تلك الجلسة مع أبي منذ أكثر من ثلاثة عقود  وهي مكفهرّةُ الوجه ، قرديّة الملامح .. لسببٍ ، والله العظيم لا أعرفه !!