وأصابني الصغار!!
وأصابني الصغار!!
علاء سعد حسن حميده
باحث مصري مقيم بالسعودية
ولم أكن أعرف قبل الآن أن الصغار مرض عضوي يفتك بالجسد بعدما يأكل الروح حتى اكتويت به.. كنت مغتبطا فأعلامنا ترفرف في سماء اولمبياد لندن.. عصرا فريق الكرة يهزم بيلاروسيا ويتأهل للدور التالي من المنافسات.. وعند الإفطار كان علاء أبو القاسم يصعد للمباراة النهائية ليلعب على الذهب.. وبعد التراويح كان قد حقق أول ميدالية لمصر!!
ومنتشيا فسألتقي رفاقي أسمع منهم أدبا وفنا يرتقي بالوجدان وأعرض عليهم آخر ما نشر لي ( الخذلان).. رجل عمل عام أنا تجدني حيث الرأي والنصيحة والمشورة.. وتجدني عند الهتاف والرفض والثورة.. وتجدني عند الإبداع والفن والأدب.. فلم لا أنتشي؟!
وفي قلب اللقاء حضر محمد شاب لم يتخطَ عمره عشرين عاما،في نصف عمري أو أقل، وجذبني بشدة مما أنا فيه وألقى بي على قارعة الخواء..
كل ما أنا فيه خواء.. وأصابني الصغار.. فمرضت..
محمد لم يقتحم علينا اللقاء، وإنما اقتحم حياتي.. اقتحمني أنا..
في مقتبل العمر أحلامه كلها أمامه.. العمل والمستقبل وشريكة الحياة، حرية، كرامة، عدالة اجتماعية، وطن يحبه وينتمي له ويفخر به بين الأوطان، وطن هو وطنه ليس مقتصرا على الطبقة المخملية فحسب..
دعته أحلامه البريئة للنزول للميدان في جمعة الغضب، صارت عيناه هدفا لنيشان الغدر ففقدهما في الحال، ولم يفقد بصيص أمل أن تبصر إحداهما النور إذا أجريت لها جراحة بألمانيا..
تخلت عنه كل الأكليشيهات التي تغنى بها راكبي الثورة..
يتسول حقه على الوطن!!
محمد أكبر من أن يتسول!
محمد أكبر من كل الذين يطالبهم بحقه!
أمامه أصابني الصغار.. قيمة الحروف، الكلمات، القصص، المقالات، الإبداع،الهتاف..
تقزَمَت تلقفتها عينا محمد!!
وتقزمْتُ وغلبني الصغار.. اجتاحتني الحمى ولا أظنني أبرأ حتى ترى عينه النور!