منصور والديك الأخرس، صاحب الريشة الذهبية

منصور والديك الأخرس،

صاحب الريشة الذهبية

رضا سالم الصامت

منصور شاب عاش فقيرا، يتيم الأبوين، لكنه محبوب لدى كل من يعرفه، و في احد الأيام تأخر عن الذهاب إلى مقر عمله

بمتجر صنع الذهب، فأطرده صاحب المتجر و بقي بدون عمل يحفظ كرامته و لا يجد من أين ينفق على نفسه، فحزن حزنا شديدا و احتار في أمره. فقال في نفسه: علي بشراء ديك يؤذن ، حتى استيقظ كل صباح لأن المثل يقول "من ضاع صبحه، ضاع ربحه ". فلو كان عندي ديك يؤذن لاستيقظت باكرا من نومي و قصدت عملي ... انه تهاون مني

في الغد ذهب منصور إلى سوق الدواجن ليشتري ديكا فأعجبه واحدا كان جميل المنظر و ريشه ناعم وذهبي اللون، فأعجبه و قرر أن يشتريه

دفع النقود للبائع و أخذ الديك إلى بيته و مضت أيام و ليال ، و لكن الديك لم يؤذن، فتعجب و قال في نفسه : قد يكون مصابا بمكروه

أخذه إلى طبيب بيطري ليكشف عنه و يعرف حالته، و بعد فحص دقيق قال البيطري لمنصور: ديك سليم و صحته جيدة، لكنه أخرس

رد عليه منصور: ماذا؟ أخرس

قال : نعم، انه أخرس و لكن

قال منصور: و لكن ماذا؟

البيطري : هذا الديك نادر وجوده و فريد من نوعه وله ميزة لا يمكن ان تجدها لدى الديكة الأخرى

قال منصور : و ماهي ؟

رد عليه البيطري : ريشه

قال : ماذا ؟ و ما دخل ريشه ، أنا اشتريته لكي يؤذن لي كل صباح ،فأستيقظ من نومي و اذهب إلى عملي

رد عليه البيطري: هذا ديك ، سيجعل منك رجلا غنيا في المستقبل

قال منصور متعجبا : كيف هههههه أنا سأصبح غنيا بهذا الديك الأخرس

رد عليه البيطري : لو عرفت كيف ترعاه و تحافظ عليه ، فانه سيعطيك في كل عام ريشة من الذهب الخالص

فرح منصور فرحا شديدا و قال في نفسه: سوف لن أفرط في هذا الديك

أخذ ديكه و ذهب إلى بيته و مضت أيام و أشهر و مر عام، و الديك كما هو لم يتغير فيه شيء، فأخذه إلى البيطري و سأله عن الريشة الذهبية وبعد فحص دقيق قال له البيطري : انظر هذه هي الريشة الذهبية

انتظرها ثلاثة أيام و التقطها منه

بقي منصور ينتظر الأيام الثلاثة تمر و أسرع إلى الديك ، و أخذ الريشة الذهبية و التقطها منه ثم قال في نفسه : علي أن أبيعها لصاحب المتجر الذي أطردني من سنة عندما كنت أعمل معه 

و عندما رآه صاحب المتجر مقبلا عليه ، صاح في وجهه : عد إلى بيتك يا منصور، لست بحاجة لخدماتك ، فلقد أطردتك من العمل لأنك تتأخر كثيرا

رد عليه منصور قائلا: لا تقلق ، لم آت إليك لتعيدني إلى عملي ، و إنما جئت لأبيع لك ريشة ذهبية لأنك صاحب المتجر الوحيد لصنع الذهب

قال صاحب المتجر: ماذا قلت ؟

تريد ان تبيع لي ريشة من ذهب ههههه ؟

رد عليه منصور : نعم

نظر صاحب المتجر الريشة و قلبها ثم قال له: فعلا إنها من الذهب الخالص ، سأشتريها منك

و إن كان لديك ريشة أخرى فيمكنني شرائها

قال له منصور : كل عام سأبيع لك ريشة

تعجب صاحب المتجر و قال: و لكن من أين لك بهذه الريشة الذهبية ؟

قال : اشتريت ديكا ريشه من ذهب

عرف التاجر المخادع سر منصور

مرت الأيام و الأشهر و أصبح منصور غنيا، و أغنى حتى من مؤجره صاحب المتجر الذي أطرده

فاغتاظ صاحب المتجر و قرر أن يزور منصور في بيته، ليقدم له عرض شراكة.

ذهب صاحب المتجر إلى بيت منصور، و فور وصوله طرق على الباب ففتح له فقال منصور في نفسه : ما الذي أتى به يا ترى ؟ فمن عادته لا يزورني في البيت

أدخل منصور صاحب المتجر إلى بيته، مرحبا به ثم قال: جئت لأعتذر لك ، و قد أخطأت التصرف معك

رد عليه : لا عليك ، إني أحترم رغبتك

قال صاحب المتجر : الآن و قد أنعم الله عليك بديك يمنحك ريشة من ذهب في كل عام ، ما رأيك لو قبلت عرضي

قال: و ما هو؟

رد عليه صاحب المتجر: أن تدخل معي شريكا بالنصف

قال : امنحني بضعة أيام لأفكر في هذا العرض

و مضت أيام و لم يتلق صاحب المتجر جوابا على عرضه فقال في نفسه : سأذهب لأسرق له الديك

وبقي صاحب المتجر يراقب تحركات منصور أثناء غيابه عن البيت و في إحدى الأيام غاب منصور عن بيته، فاغتنم صاحب المتجر فرصة غيابه و ذهب إلى بيت منصور و سرق الديك و عند عودة منصور لبيته فوجئ بغياب ديكه صاحب الريشة الذهبية فحزن كثيرا على فقدانه 

مرت أشهر و لم يعد منصور كعادته ، و بدأت الخصاصة تدق بابه ، فأصبح يعيش في فقر مدقع و التاجر أصبح من أغنى الأغنياء

فقال في نفسه : علي بصاحب المتجر الذي قدم لي عرضا

و فور وصول منصور لصاحب المتجر قال: جئتك لأقبل عرضك ؟ فرد عليه صاحب المتجر : لقد فات الأوان يا منصور

لا يمكن أن أقبلك تعمل معي 

رجع منصور إلى بيته حزينا ، يجر أذيال الخيبة و هو شديد الندم لأنه لم يعرف كيف يكتم سره ،و تذكر البيطري الذي أوصاه بأن يحافظ على الديك ، لأنه ديك فريد من نوعه 

و هكذا يا أصدقاء تنتهي قصة منصور و الديك الأخرس صاحب الريشة الذهبية و التي نستنتج منها عبر . فلتكن صدورنا أوسع لحفظ أسرارنا و لا نفشيها لأي أحد .