مستر H.F والقضية السورية

مستر H.F والقضية السورية

جمال المعاند -إسبانيا

[email protected]

في كل أمسية يوم أحد، يخيم على المدن الغربية هدوء يبدأ من الأصيل حتى ساعات فجر الأثنين، فلا يشق فضاء السكينة إلا أنين محركات السيارات، كأنين مريض يتناوبه الألم، تشكو بعد المسافات التي قطعتها قافلة بمن يستقلونها إلى بيوتهم، ليخلد جميع الغربيين ومقلديهم، للراحة بعد يـــوم استنفذت أجسامهم كل طاقاتها الجسدية .

عادة ما استغل ذلكم الهدوء، لإنجاز ما تركته للنظر، بعضه رؤوس أقلام أزمع استثمارها مشاريع كتابة، أو فقرة من كتاب تصفحته على عجل، وتركت علامة على ذلك، وجل المؤجل رسائل الالكترونية أريد التمعن فيها، فنحن في الغرب أشبه بالسارقين في التعامل مع الوقت؛ فعجلة الحياة تسير لا تلوي على تمهل مهما كان الحدث .

مربع نص: H.F.

استدرج نفسي أولاً عبر النت؛ أقاوم رغبتها في النوم، أولى الرسائل المؤجلة في بريدي الالكتروني، كانت من - - يبدو أني تعاملت مع رسائله من قبل بأسلوبي مع المجاهيل؛ حيث مكانها سلة المهملات ؛ فما دعني لترك رسالته هذه، قوله في العنوان :

" لو قرأتَ ما كتبتُ، ما كانت ألا مبالاة هي ردك، هذه رسالتي العاشرة، ولن أكلَّ أو أمل، ووقع بالمخلص .

والدافع وراء تركها للقراءة، تخميني أنه من معرفة قديمة لا أذكرها، أو احتمال ممن توسم أني قادر على مساعدته في أمر ما، فعادة لا أبخل بجهد مع من أعرف ومن لا أعرف، وفتحت الرسالة، كانت مقدمتها تمزج بين العتاب والحسرة، و تفاجأت أن المحتوى المفيد سؤال يقول فيه :

" لماذا لا تصدقوني أن القضية السورية لها بعدٌ لا تعرفونه ؟ . "

ثم أردف معللاً؛ إن التعاطي الظاهري مع الأحداث في العالم العربي يعتمد كلياً، على ردة الفعل؛ تابعت جل من استطعت حول سورية، فما زادوا على هاوٍ في التحليل السياسي؛ ومن ثم التعامل بسطحية؛ مع خطب فادح، مثلما يحصل الآن، يا سادة الدماء تنزف، بل تجري كل يوم، وما لم تعرفوا الأسباب لن تسيروا في طريق الحل، فالحكم على شيء فرع من تصوره، كما يقول أهل المنطق .

فكتبت له الرد على مقاله، حاولت الدفاع عن أبناء بلدي من المعارضة، وأنهم من أرقى الكفاءات العلمية والخبرات الحياتية، وانقضت أيام أظنها عشرة كاملة، لم يرسل لي شيئاً، فقلت: لعله شبيح أراد اختراق المعارضة، فأخطأ العنوان ثم استدرك بغيري .

ثم فوجئت برسالة منه، هذه المرة قرأتها على عجل، يقول فيها :

" أحمد الله أنك اقتنعت أخيراً، بفتح نقاش معي، جوابي على رسالتك، أني لم أقصد المعارضة السورية أو العربية، ما أردت قوله يمكن أن ينسحب على كل سياسي العالم الثالث .

وليتسع صدرك فلا تعجل علي، كل المثقفين يعلمون أن ما من حرب إلا ويستخدم الغرب فيها أسلحة تحت التجربة، بيد أنهم لا يلتفتون إلا للأسلحة المادية !، وما سأخبرك عنه سلاح من نوع أخر .

لكني أدع لعقلك فرصة التخمين حول نوع السلاح، وسوف أساعدك في مسارات التفكير حتى لا تذهب بعيداً .

الغرب من قبل كان يقيم الدنيا ولا يقعدها، إن حصل قتل رهط من الناس في مجاهيل إفريقيا، مع أن الضحايا والمرتكبين لتلك الجرائم ينتمون لنفس العقيدة والأثنية والثقافة، وكل منهما كان يحرص على الفعلة ذاتها ؟ فما بال الغرب يمنح بشار الفرصة تلو الأخرى ؟؟ ؟،!!! .

قلت في جوابي: أن الغرب لا يضمر للأمة الإسلامية أي ود أو احترام، فتظهر أحياناً رغباته الدفينة، ويكون ثوب المجاملة أو ما يدعونها الدبلوماسية، أقصر وأصغر حتى من ستر عورته، فمن مصلحة الغرب خراب البلاد وهلاك العباد، لذلك يمنح المجرم بشار الفرصة وأختها وجارتها وصديقتها،... ، ونحن السوريين ندرك أنهم لن يساعدونا في المدى المنظور .

أجاب برسالة مقتضبة كادت أن تسبب في تحطم جهاز حاسوبي الوحيد، لولا تعقل في أقل من أجزاء الثانية، قال:

أنا اخترتك عن بحث ودراسة، وكان ظني - الذي خاب فيك- أن الفكر سمة في شخصك، يبدو ثمة مسافة بين الإنسان وكتاباته تطول أحياناً، وتنعدم أخرى .

مربع نص: RNAI

يا سيد، سوف أمد يدي لتساعد فكرك، أنا من فريق - - .

قررت ضبط أعصابي ليقني أن أملك لساناً كثيراً ما تبرأت واستغفرت من بعض أقواله، عندما تهدأ سورة غضبي، فكتبت له :

ليس من المستغرب على نظام استبدادي استخدام أسلحة محرمة دولياً، كما أنه أيضاً ليس من العسير مده بأسلحة جديدة بغيت تجريبها، لكن المعلوم يقيناً أن تسلح النظام السوري روسي بالدرجة الأولى، فما علاقة الغرب في الموضوع ؟ .

أجابني:

مربع نص: RNAI

لم تبذل جهداً في البحث عن معنى كلمة - - وأنت خريج كلية العلوم قسم الأحياء .

كنت في حيرة من أمري، من خشونة كلامه هذا، فأجبت :

مربع نص: RNAI

نعم أنا خريج كلية العلوم منذ حوالي العشرين عاماً، لكني في أوربة لا أعمل في تخصصي الجامعي، فالمعذرة إن غابت بعض المعلومات، لكني قبل كتابة هذه الرسالة لم أعثر على كلمة - - إلا في النت بمعلومات مقتضبة لا تشبع نهم مختص، وكل الذي عثرت عليه أنها تعني :

( التقانة الحيوية الجزئية، وتتعامل مع الكروموسومات- الصبغيات- وما له علاقة بتحسين الوراثة ) .

خطر لي بعد رسالتي هذه خاطر الربط بين اسمه الذي ظننته مستعاراً، وبين مكان عمله، فأتبعتها برسالة، استوضح فيها عن اسمه وعمله وبلده، ونوع المعلومات التي يريد تزويدي بها .

من جملة الخواطر التي نتجت من عصف وعصر ذهني، لعله أحد أذكياء مراكز البحوث التي تعج بها بلدان الغرب، يريد بأسلوب غير مباشر الحصول على معلومات، أو سبر توجهات، لكني استبعدت ذلك الخاطر، فلدى تلك المراكز صلات عديدة تغنيهم عن فعل مثل هذه الأمور .

انتظرت رسالته بفارغ الصبر، حتى هممت بمراسلته من جديد، من ثم وصلني منه جواب، قال فيه :

لا أظن أن شخصي مهم في موضوع النقاش، المهم هو ما سأقول، ولكي أرضي فضولك، سأكشف لك من أكون، في نهاية جولات مع شخص الظن أنه إسلامي، وعلى الأقل يروق لي نَفَسَهُ في العرض .

المهم أن تراجع بعض معلومات تخصصك الدراسي، حتى يتسنى لنا التفاهم، ماذا تعرف عن التهجين بين الأحياء؟ ، أنا أدرك أن ثمة موقف شرعي منه، سؤالي عن الواقع .

التهجين وبحوثه، له صلة بالأسلحة الكيمائية والجرثومية، وأنا أفكر بأقواله، نشر في وسائل الإعلام، أن القوات السورية تلقي بمواد بيضاء في سماء بعض المدن السورية، دخلت الشبكة العنكبوتية وجمعت الكثير عن استخدام قوات الحلفاء الأسلحة من هذا النوع، في الحرب الأخيرة على العراق، وما قيل، وما فسر، وخلصت إلى معلومات، أرسلتها إليه، مع الاحتفاظ بنسخة منها .

فأجاب خذلتني مرة أخرى، استخدام بعض أنواع الجراثيم والغازات، وإن كان له صلة بالتهجين الأحيائي، لكنه وبحوثه قديم وجر على مستخدميه سخط التاريخ البشري، ورغم محاولة صناعه تطويره أكثر ليوائم الأسس الأخلاقية، إلا أن توجيهات خاصة حرفت البحوث وجهة أخرى .

أصابني الإحباط من رده، كنت أظن أني على وشك الانتهاء من مداخلاته، التي ملكت علي تفكيري، ها هو أعادني للنقطة صفر، فعمدت إلى مراجعة كل ما له علاقة بالتهجين .

استفز كلامه الأخير شخصي العلمي، فقرأت الكثير عن الوراثة، والتهجين، وعثرت على كلام عن ما يسمى بالذئب البشري، وهو نوع من الخلل يلد فيه الأنسان زائداً كروموسوم- صبغي- عن الطبيعي، وكدت أصرخ على مبدأ أرخميدس، عندما قال: وجدتها وجدتها، وأرسلت له ما حصلت عليه .

كان جوابه بعد الحوقلة، ما علاقة الخلل الجيني بالتهجين؟ عجبي من ضحالة معلوماتك العلمية!!، وكتبَ أقول له تهجين ويقول لي خلل، وأحدثه عن بحوث، ويجيبني عن أرشيف، كدت أن أزهق من سطحية تفكيرك .

نفسي مجبولة على قبول التحدي، قرأت كل ما كتب عن النعجة دوللي، وبحوثها، فأردت استفزازه بالمعلومات التالية :

التهجين :

1-   سلالتين مختلفتين مثال نمر سيبري مع نمر بنغالي .

2-    نوعان من جنس واحد ، أسد مع ذئب .

3-    بين جنسين خروف مع كلب، ويجهض بالمراحل الجنينية .

 أجاب :

الحمد لله، نحن في بداية طريق التفاهم، فكر في الصنف الثالث مما ذكرت .

ساعات من البحث، وأيام اشركت بعض الإخوة المختصين في الطب والأحياء والكيمياء، لكننا لم نصل إلى معلومة ذات قيمة .

أخبرته وطلبت منه قول ما يحب قوله .

أجاب :

هل فاتكم أنتم السوريون، أن معظم زوجات الرؤساء، يقضون في الغرب أكثر مما يعيشون في بلادكم ؟ .

استنكرت تحويله وجهة الكلام، فقلت: دعنا، في المهم، السلاح الجديد، وعلاقة التهجين، وصلة الغرب به .

مربع نص: RNAI

قال: مما اكتشفته في شخصك العجلة، لكني لا أزال مؤمن بمقدرتك على التفكير، لذلك سأقول لك من أنا، وعليك الاستنتاج :

أنا رقم في مركز البحوث- - نتجت من تخصيب بيوضة مع حيوان منوي، عبر الأنابيب، فأنا طفل أنبوبي، بعد عملية التخصيب، استخدمت تقنية- - فأدخل كروموسومات ثعلب على حامضي النووي، ثم زرعت في رحم امرأة عقيم، فحملتني، وعند الولادة، استبدلت بطفل لقيط، وأخذتُ للمختبر- لا تخف شكلي العام إنسان- تلقيت أفضل أنواع التعليم، بما فيها تعلم اللغات، وأنت ترى لغتي العربية تتيح لي التواصل، في إحدى الجلسات مع المشرفين الذين كانوا يأتون في أوقات متباعدة، لمحة رقماً على الاستمارة التي كان يدون فيها من أجيبه على الأسئلة، احتفظت بالرقم من دون أن يشعر، ثم تعلمت اختراق الشبكات، فقد أخبرتك أن المركز لا يبخل علينا بأي تعلم مهما كان غريباً، ابتعدت عن أجهزة المراقبة في هجيع الليل، وعرفت عن نفسي، ما كتبته لك أنفاً، ومن خلال متابعتي لقضية سورية، لدى شكوك حول بشار .

مربع نص: RNAI

أيام وليالي أفكر في كتابة ذلك، أحجم مرة وأتشجع أخرى، هل سيصدق الناس استنتاجي، أن أمه- بشار-، في زيارتها إلى أوربة، وعند إجراء فحوص روتينية، تدخل مجرموا البحوث، وعمدوا إلى تقنية - - وحقن بحامض نووي حيواني، فبشار أشبه بحيوان ضاري، يقتل أطفالاً ونساءً،....، بلا قلب، لكن السؤال الذي عجزت عن الإجابة عليه أن الكروموسومات تلك من أي جنس حيواني، أم هي الأخرى تنتمي لعالم المختبرات ؟! .

أما موقف الغرب الغريب حقاً، يعطي قرينة، أنهم يريدون رؤية ما يمكنه فعله للنهاية، وبالتأكيد سوف يتخلصون من بشار، بطريقة تخفي جميع الأدلة .