في مقهى الشابندر 2

د. عمر عبد العزيز العاني

في مقهى الشابندر

ومض ذكريات ولمح صور

( 2 )

د. عمر عبد العزيز العاني

[email protected]

تتصل بمقعدك الخشبي أجيال متلاحقة من الأدب والفن والتنوير .. كل أسبوع يولد في محيط المقهى كتاب، فنهنّيء الثقافة بمولود جديد

*** = ***

كان يترسّم الوجوه من غير أن يهتدي إلى مطابقتها مع أسمائها .. ربما يفاجأ ببعضها .. ودّعته الذكرى ولم يتعرّف على أكثرهم

*** = ***

يُرفع أذان الظهر في جامع الملك المجاور للمقهى .. لم يكن أذانًا تقليديًا .. كان نجوى .. الحمائم تبكي .. أما هو فيخرج من المقهى ولا يعود، لا أتذكر اسمه

*** = ***

تفصلك عن نظامية بغداد خطوات .. هنا يرقد جلال التاريخ .. تتربع على رأس شارع المتنبي .. تحوطك الملذّات من الكتاب وحتى الكباب

*** = ***

كان يمرّ بهدوء، يلتفت للجالسين في المقهى .. افتقدته زمنًا .. ثم علمت أنه هاجر إلى مدن الصمت، رحم الله الأديب محمود العبطة

*** = ***

قرأ ديوان ديك الجن. عرف اللوعة وهو يتلمّظ من الأسى بتذكار زوجته التي قتلها .. ثم أكل الندم ما بقي من فتات كبده،

 *** = ***

كانت شمس الضحى تزحف ببطء نحو الواجهة الزجاجية .. يتسلّل الدفء .. فينسى الفتى حوار الليلة الماضية من آلام مرثية الشاعر غراي

*** = ***

كان لا يميز بين الجوزة والسنطور، ولا الناي والعود، إلا أن صدّيقة الملّاية بمقاماتها كانت تهدهد من وجعه اللذيذ.. ومرّ آخرون

*** = ***

قرأ رواية ماجدولين للمنفلوطي .. ضاع بين أشجار السرو الكثيفة .. حاول العودة لكن دون جدوى .. انتهى الوقت يابني .. صحوت من سرحاني وأنا في الصف الثاني من المقاعد الخشبية، في مقهى الشابندر

*** = ***

هناك قرأ كتاب الرافعي ( أوراق الورد ) فلم يجدها .. ولم يجد الورد .. ترك أوراقه وخرج .. لم يعد إليها منذ عام 1984 م .. ومرّ آخرون