الجني "أمرخان" والجزار "غسان" ...

الجني "أمرخان" والجزار "غسان" ...

قصة للأطفال

رضا سالم الصامت

كان يا ما كان في قديم الزمان، و سالف العصر و الأوان ثلاثة أخوة ، اكبرهم مرجان ، صغيرهم لقمان، وأوسطهم غسان، يعيشون في سعادة لا توصف ، الصغير يعمل خضارا و الكبير يعمل نجارا و الأوسط يعمل جزارا

في إحدى الأيام جاء الجني امرخان للخضار و قال له

أغلق دكانك و لا تبيع الخضر

غضب لقمان و قال للجني : ابتعد عني و اذهب في حال سبيلك

غضب الجني و نفخ نفخة واحدة طير الدكان بمن فيه في السماء بعيدا ، في مكان لا طير فيها يطير، ولا وحش فيها يسير.

في اليوم الموالي جاء الجني أمرخان للنجار، وقال: اغلق دكانك و لا تصنع أبوابا و لا شبابيك

غضب مرجان النجار و قال للجني ابتعد عني و اذهب في حال سبيلك .

غضب الجني و نفخ نفخة واحدة طير الدكان بمن فيه في السماء بعيدا، لا طير فيها يطير، ولا وحش فيهايسير.

في اليوم الثالث جاء الجني للجزار غسان و قال له : اغلق دكانك و لا تبيع اللحوم

ضحك غسان الجزار و قال للجني أمرخان لا تقدر على شيء فلدي بالدكان سكاكين

نفخ الجني مرة و لم يتحرك الدكان و عاود النفخ إلى أن تعب و احتار في أمره ، فضحك عليه غسان كثيرا مستهزئا بالجني و اطرده

الجني أمرخان رجع لبيته حزينا كئيبا ، ونام على الأرض و هو من شدة القهر مريض، وبقي يفكر طول الليل بطريقة ينتقم فيها من غسان الجزار.

وبعد أيام استيقظ الجني من سباته و ذهب ثانية إلى دكان الجزار ، وقدم الجني لغسان التحية ثم قال له :نريد أن نصبح أصدقاء و لكي أثبت لك صداقتي أدعوك لحضور حفلة عشاء عند الملك سعفان، لنأكل ما لذ وطاب ؟ .

أجاب غسان: عندي شغل كتير بالدكان، و سو ف أذبح سبعة خرفان ، فاسبقني أنت و عندما أكمل عملي سألحق بك أيها الجني أمرخان .

ذهب الجني من طريق طويل. أما الجزار غسان فغيّر ثيابه وأغلق دكانه ، و ذهب الى حفل العشاء منطريق قصير، فوصل الجزار قبل الجني و جلس مع الأشراف على الطاولة الملأنة بكل أشهى انواعالطعام من اللحم والفواكه والحلويات و المشروبات

وصل الجني متأخراو عندما رآى غسان الجزار قد سبقه و وصل قبله استشاط غضبا ، جلس بآخر الحفلة بين الناس العاديين ، و لم يتمكن من الوصول إلى طاولة الطعام ، رآى الجني أمرخان الجزار غسان وهو يأكل اللحم ، فأخذ غسان يرمي له العظام ، وصار كل الذين يأكلون معه يرمون بالعظام للجني أمرخان و هم يقهقهون ، صار الجني ياكل العظم بنهم الى أن شبع و أصبح يتوجع حتى تورّم فمه منشدة الألم ، و انتهت الحفلة وقام الناس، ورجع غسان الى بيته فرحا مسرورا ، ورجع الجني مريضاحتى وصل بيته ، ونام بالفراش مقهورا .

تاني يوم مرّ غسان على الجني حتى يرى ما جرى له ، فوجده مريضا يئن من شدة الأوجاع ونائمبالفراش، و رأسه معصب بمنديل، سألهماذا جرى لك في الحفلة ؟.

تنهد ثم قال: لقد كانت حفلة رائعة لم أرى مثلها ، وقد أكلت حتى شبعت من أطيب وألذ المأكولات.

 ضحك غسان عليه وقال: واضح أنها حفلة رائعة ، و أنت في هذه الحال مريضا و مقهورا .

بعد أيام شفي الجني ، وذهب إلى دكان الجزار غسان و سلم عليه ثم قال له : إنا أعرف بستانا قريبا فيه شجرة تين طيب متل العسل، وطلب مرافقته لأكل التين . رد عليه الجزار غسان قائلا : الوقت الحاضر أنا مشغول بالدكان، وطلب منه أن يسبقه إلى البستان و سوف يلحقه بعد ذلك .

ذهب الجني من الطريق الطويل كعادته على مهل ، و ذهب غسان الجزار من الطريق القصير، و وصل قبله وصعد فوق أغصان شجرة التين و أكل كل ثمارها إلى أن وصل الجني أمرخان، فلم يجد التين و مكث جالسا و هو مقهورا تحت الشجرة ، يتوسل الجزار بأن يرمي له ثمرة واحدة من التين .

تأخّر الوقت على الجني فصار يقطف أوراق الشجرة عله يجد ثمرة تين فجن جنونه و مرض ، وصاريصرخ ويتوجع من الألم الذي أصابه نتيجة الإحباط .

لما رآه غسان الجزار هكذا ، صار يقطف له بعض الثمرات المتعفنة من التين ويشقّها ويرمي فيه وسخا ، ويرمي بها للجني ، فيأكل بوسخه رغم رائحته الكريهة حتى انتفخ بطنه ، وأصابه مغص ورجع يجر أذيال الخيبة ، فهرب وهو نادم ، ورجع على بيته ونام بفراشه و هو مريض من القهر .

في يوم آخر مرّ عليه غسان الجزار وسأله عن طعم التين، ورائحته ؟

فانزعج كثيرا من سؤاله ...

بعد أيام شفي الجني و كعادته مر على غسان الجزار ، وقال له : في الغابة هناك حطب كثير، ما رأيك نذهب لنجمعه و نستعمله في الشتاء للتدفئة ؟

قال غسان : فكرة طيبة ، اسبقني أنت و سوف انهي عملي ثم ألحق بك .

أمرخان ذهب كعادته من الطريق الطويل و غسان أغلق دكانه و وصل قبله إلى الغابة من الطريق القصير وأخد ، حزمة الحطب، ولفّها واختبأ فيها وهو ماسك سكين بيديه.

وصل الجني فوجد حزمة الحطب جاهزة على الطريق، و لم يجد غسان الجزار، فرح كثيرا وحملها علىظهره ، ورجع من الطريق التي جاء منها بسرعة قبل أن يصل الجزار، بعد مسافة قصيرة أخذ غسان و هو داخل حزمة الحطب يدك بالسكين خاصرة الجني أمرخان ، و الدم يسيل منه ، فأخذ يصرخ من الألم.

التفت الجني حوله فلم يرى شيئا ، تابع سيره، وبعد لحظات نحره غسان الجزار نحرة أقوى، فصاح ورمى الحزمة والتفت حوله فلم يجد شيئا .

تعجب ولم يعرف ما سبب هذا الوخز المؤلم .

حمل الحزمة من جديد ، وسار بسرعة، لكن غسان الجزار نخر الغول هذه المرة نخرة قوية ، فرمىحزمة الحطب على الأرض و ولى هاربا كالمجنون وهو يصيح و يستغيث ، والدم يسيل من خاصرته .

و بعد أن وصل إلى بيته ، و في الصباح الباكر مر عليه غسان الجزار و سأله : ماذا جرى لك ؟ وقتها عرف الجني أن غسان هو الذي وخزه بالسكين باعتباره يعمل جزارا ، فلطم الجني خديه و جمع أدباشه و أقسم بيمين أن لا يعيش ببلد فيه " غسان الجزار" و هكذا انتقم غسان لأخوته و طلب من الجني جلبهما و إلا ذبحتك !

خاف الجني أمرخان من غسان الجزار و بيديه السكين .

فما كان على الجني أمرخان إلا أن نفخ نفختين و أتى بأخويه مرجان النجار و لقمان الخضار، ثم غادر المكان إلى الأبد و هو مهزوم ، و التقى شمل الأخوة الثلاثة من جديد وراح الجني بعيدا بعيدا في السماء ، حيث لا طير فيها يطير، ولا وحش فيها يسير.

و هكذا يا أصدقائي الصغار تنتهي قصتنا و حكايتنا و حابا حابا ، عام الجاي تجينا صابا .

مع تحيات رضا سالم الصامت و الراوي أبو أسامة