الكيس المزدوج
محمد عميرة – القدس
عندما يأتي المساء يذهبُ سعيد ٌ كالعادة إلى صلاة العشاء مـُـسبـّحا ً ومتفكرا وحاملا كيسا ً مزدوجا من النـّــفايات والزّلات فيلقيه في إحدى حاويات القرية المتناثرة فيها ؛ هذا الكيس هو لمم ٌ ماديّ ومعنوي ّ .
وبعدما يصلي العشاء يعرّج على إحدى البقالات ويشتري من نعم الله ما يتقوّت به وعياله ، ثم يتأمل ُ في نقائص الدنيا ، فكل ما يراه من نقص يذكره بالجنة وكمالها ، فإذا دخل الخلاء تذكر أنّ الدار الآخرة ليس بها هذا الشيء ، وإذا تذكر المرض والضجة والفوضى تذكر الآخرة التي ليس بها صخبٌ ولا وصبٌ ولا نصبٌ ولا حقدٌ ولا حسد ، وإذا تذكر الجيران الطيبين علم أن في الآخرة جيرانا وأهلا خيرا من الدنيا ، وإذا تذكر الموت والفناء في الدنيا تذكر أن الآخرة هي الدار الباقية الخالدة وإذا رأى زينة الدنيا تذكر الأزواج المطهرة وإذا تذكر الظلم في الدنيا تذكر العدل في الآخرة .
يذهب سعيد ٌ حاملا ويعود حاملا ومتأملا ومـُقارنا ً حالته هذه وبما وراءها من معنى .
قليلا ما ينجو الإنسان من فلتة لسان أو غضبة ٍ أو مزحة أو ما شابه ذلك ، وكأنه لا بد أن يضع شيئاً في الكيس عن جهل أو غير عمد وهو قد استعمل ما أنعم الله به عليه من نِعـَـم .
فجمع لمَمـَاً كما اشترى بما أنعم الله به عليه من البقالة .
لكن الحق أقوى وأبقى والحسنات يذهبن السيئات .
فسبحان الله الواسع المغفرة والرحمة والعلم .