الإسلاميون.. هل هم بشر مثلنا؟!
علاء سعد حسن حميده
باحث مصري مقيم بالسعودية
تحسسّت شعرها كأنها تختبر ثباته فوق رأسها وقالت لصديقتها قبل أن تدخل الأستوديو لتطل على المشاهدين على الهواء مباشرة:
ربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يظهر فيها شعري هذا على الشاشة..
اغتصبت صديقتها ابتسامة باهتة وأجابت: باقي من الزمن شهرين على الأقل.. يمكن لخصلات شعرك الملونة أن تستعرض جمالها الفائق عدة مرات أخرى!
في المدرسة قالت الطالبة لزميلتها: لم أعد أستطيع المذاكرة.. لم تعد عندي شهية ولا إقبال.. لماذا نُجهد أنفسنا؟ يقولون سيلغون تعليم البنات!!
أبنائي – الذين ولدوا وتربوا في معقل السلفية العالمية- يجيئونني مصابين بالهلع من حكم الإسلاميين المنتظر!!
قالت لي ابنتي ذات الاثنى عشر ربيعا والخوف يطل من عينيها الواسعتين فيزيدهما بريق الرعب جاذبية وتأثيرا.. سيقطعون رقاب البنات الذين يمشون مع الأولاد إلى الدروس، وسيجلدون البنات غير المحجبات، وسيقتصر التعليم في المدارس على القرآن الكريم والسنة..
تخيلت اقتصاد مصر المسروقة من دون دخل السياحة.. أصلا اقتصاد مصر بزراعتها وصناعتها وتصدير غازها الطبيعي ودخل القناة ومواردها المائية وعوائد الضرائب على ( الغلابة ) مع السياحة لم يكن كافيا لإشباع السادة ( الحرامية ).. فما بالك لو ألغينا السياحة.. اللصوص ماذا سيسرقون إذن؟، سيضطرون إلى رهننا نحن الشعب لدى إسرائيل وأمريكا وغيرهما ليشبعوا نهمهم الطبيعي للنهب!!
مفارقات عجيبة تحدث تحت هالة هستيرية تصيب النخبة المتصدرة للمشهد الإعلامي.. حتى الشارع الذي يصدّر هذه الشائعات – أو ربما الحقائق الله أعلم - هو نفسه الذي يصيبه الرعب والهلع أمام صناديق الانتخاب فيصوّتون لهؤلاء الإسلاميين – أو اللهو الخفي- أظن – وإنّ بعض الظن إثم – أنه كلما ابتعد مندوبي الدعاية وأعضاء الأحزاب الإسلامية عن اللجان الانتخابية ولم يلحوا على الناخب بالتصويت لمرشحيه، كلما شعر الناخب باللهو الخفي أو الشبح يراقبه أمام الصندوق وخلف الستائر داخل اللجان، فيضطر رغماً عن إرادته أن يصوّت لقائمة حزب الحرية والعدالة، أو إلى مرشحي حزب النور..
شخصياً لا أستبعد هذا الأمر.. فموجة العلاج بالقرآن والترويج لظاهرة تلبّس الإنس بالجن، واشتغال بعض الإسلاميين – ولو القليل منهم بالعلاج بالقرآن – تجعل احتمالية الاستعانة بالجن – أظن الجن المسلم الملتزم فقط- ممكنة جدا!!
لقد راقبت العملية الانتخابية بنفسي أمام اللجان الفرعية بمحافظة الإسكندرية، ولم أجد سوى شباب مصري عادي من الذين نراهم في كل مكان يجلسون وأمامهم أجهزة ( اللاب توب ) يستخرجون منها أرقام وعناوين اللجان لبعض المواطنين.. لم أشهد طوال اليوم الجلابيب البيضاء، وتوارت اللحى الطويلة.. حتى تأكدت ظنوني أن الإسلاميين يستخدمون فعلا تقنية اللهو الخفي والأشباح وتسخير الجان في عملية أسلمة مصر..
يا خلق هو أصابنا الهلع والرعب وحدث لنا الخوف القاتل.. نشعر أننا نسير في طريق سينتهي بأن يحكمنا المماليك.. هل سنرى قريبا (حرفوش بن برقوق الراكب دار) يحمل إلينا رسالة من أمير المؤمنين أو الخليفة العثمانلي أو حتى من الحاكم بأمر الله؟ وهل سنرى زمانا يُحرَّم علينا فيه أكل الملوخية وشرب المياه الغازية؟!
أصابه الضيق من نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات لكن لم يصل به الاختناق إلى حد الهلع العام الذي أصاب الناس.. دخل على ابنته الطالبة الجامعية وجدها تشهق في بكائها الحار.. ضمها إلى صدره وهو يمسح على شعرها ويقول مهدهدا:
لا تقلقي بنيتي.. الأمر ليس على هذا القدر من السوء.. أنا أعرف عددا من أعضاء حزب الحرية والعدالة، وأعرف زملاء لنا في العمل من أعضاء حزب النور.. صدقيني يا ابنتي هم بشر مثلنا.. هم محترمون تماما .. تخيلي.. بعضهم يلقي النكات ويضحك.. منهم زميل..
قاطعه توقف ابنته عن البكاء وقد تورد وجهها، قالت وقد أطرقت إلى الأرض: لي زميل سلفي يقول أنه يحبني ويريد أن .. أن .. أن يقابلك..
في لمح البصر انتفض الأب واقفا، التقط مسطرة ( حرف تي ) معلقة على الحائط.. وهبّت البنت تجري من أمامه وهو ورائها يصرخ: سلفي لأ.. سلفي لأ..