الحديقة المغتصَبة

أ.د. الجيلالي الغرابي

د. الجيلالي الغرابي

[email protected]

في حديقة من أجمل الحدائق التي بَرَأها البارئُ تعالى على وجه الأرض، كانت تعيش أسرابٌ من البلابل والعنادل... كانت تعيش في أمن وسلام، تراودها مجموعة أحلام...

تقضِّي نهارَها مغردة فوق الأغصان، وشادية بين الأفنان... وحين يرخي الليلُ سدوله عليها، تتأوَّى قافلة إلى وُكناتها... لا أحدَ ينغص عيشها، ولا شيءَ يكدر صفوَ مياهها...

توالت الأيامُ والأعوامُ والبلابلُ والعنادلُ على حالها، تعتني بحديقتها، وتسهر على حماية ورودها وأزهارها، وتشذب أشجارَها، وتجني ثمارَها...

ذاتَ مساء، وبَيْنَا هي كذلك، فإذا بأسراب من الخفافيش والغِربان تهاجم الحديقة، وتأتي على الأخضر واليابس فيها، وتطرد بلابلها وعنادلها منها...

ولقد هَدَمَت صورتها هدمًا، ولم تبقي لها أمارة ولا رسمًا، واستحدثت لها اعتقادا ووهمًا...

رُحِّلت البلابلُ والعنادلُ من حديقتها مكرهة مرغمة... وما تزال كل يوم تحلق فُوَيْقَ سمائها متحينة الفرصة المناسبة لتعود إليها... وما تزال تشتاق إليها اشتياقا، وما يزال الحنين يؤرقها تأريقا...

*_الحديقة:رمز أرض فلسطين الضائعة المغتصبة...

*_البلابل والعنادل:رمز الفلسطينيين الأبرياء العزل...

*_الخفافيش والغربان:رمز الصهاينة المغتصبين...