المخاض

ناديا مظفر سلطان

دمعة متمردة لم أوفق إلى كبحها فرت من عيني هتفت به متوسلة : إنها أمي ألا تفهم ! أنا لا أحتمل أن أفقدها.

أجاب بهدوء وهو يصلح نظارته الطبية فوق أرنبة أنفه :أمر طبيعي أن يكون مخاضها عسيرا ، فقد تجاوزت مدة حملها الحد المسموح .أربعون عاما من الحمل ، لابد له من مخاض طويل.

تهالكت على المقعد الجلدي وأنا أشهق بالدمع :يا إلهي ! ، لقد نزفت كثيرا ، هل ستنج؟

بالتأكيد .... أجاب محافظا على هدوء استفزني بعض الشيء.

إنك لا تفهم !... هي تتألم، وألمها يؤلمني.

أجاب بحزم لا يخل من غضب وهو يختفي وراء الباب الأبيض الملطخ بالدماء :" إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين".90-12

ضاع الكلام من شفتي ، وتلاشت الأفكار من رأسي ، وتاهت نفسي عني ، فلم يبق إلا ذكر الله يردده وجيب قلبي.

شقت أرجاء الفضاء صرخة عالية ، أعقبها صمت ثقيل ، تسمرت أنظاري حيث اختفى الطبيب ، أطل متورد الوجه ، يضرجه الانفعال :أبشري ولدت أمك طفلة رائعة ...هل اخترت لها اسما؟

خرت جوارحي تسجد شكرا لله ، هتفت بين دمعي وضحكي: "حرية".