فرحة في بيت مساكين

مصطفى علوي

[email protected]

همس الليل يوقظ المكروبين؛ ويحلق بالشعراء إلى حيث الجمال المبثوث بين حنايا الكون الصامت السابح.

زار الليل كل بيوت المدينة الثلجية من غير استئذان سوى أنه؛ أطال المقام ببيت لا يعمره سوى أطفال يتامى ترعاهم جدة رسمت الأيام على وجهها تفاصيل قصة إنسان.

***

إذن الليلة ليلة عيد؛ وأنت أيها الحزن لم تستحي من كل البركات التي تنزل في ليلة صبحها مولد أعظم رسول في العالم: محمد رسول الله ص.

وانت ايها الفقر! بالله عليك دعهم يفرحون!دعهم يمرحون ولو لليلة واحدة!

(طاق...طاق) أحدهم يطرق الباب،افتحوا يا أولاد!تنادي الجدة.

يفتح أحد الأطفال ليجد نفسه قبالة طفلة صغيرة؛ يعرفها -طبعا- وتعرفه؛ تسلمه علبة شموع كبيرة وتقفل راجعة بعد أن ودعته بابتسامة،يغلق الباب خلفها ليعود إلى الظلام الدامس الذي لازال يخيم على بيتهم الصغير، يخطو بحذر شديد خوفا من أن يرتطم بشيء.

الجدة: من كان الطارق؟

إنها روان جارتنا؛ جلبت لنا علبة من الشموع.

الجدة: باركها الله! لقد جاءت في الوقت المناسب، سنشعل كل الشموع.

عاد الطفل إلى المائدة الخشبية المستطيلة حيث لا زال إخوته السبعة يتحلقون حولها في ظلام دامس.

***

طفقت الجدة تشعل كل الشموع؛ الواحدة تلو الأخرى؛ وبدأ النور ينتشر رويدا رويدا ليشمل كل الحجرة حيث كانوا يجلسون وليكتشف الأطفال أن الهدايا كانت تحفهم من كل مكان.

تبادل الأطفال نظرات الاستغراب: من فكر في أن يفرح قلوبنا هاته الليلة؟

كانت دهشتهم أكبر من كل شيء، لم يتمالكوا أنفسهم من الفرح، فانطلقوا مسرعين نحو الجدة يعانقونها في سرور ممزوج بالدموع.

أكيد أنها دموع الفرح