نهاية شبيح
نهاية شبيح
د. هشام الشامي
كنت أغطّ في نومي داخل فراشي الدافئ ، و كان الوقت باكراً من صباح يوم من أيام كوانين الصقيعيّة ، عندما سمعت طرقات متتالية تهز باب شقتي ، أزحت الغطاء عني بصعوبة ، و قمت متثاقلاً و أنا أقول : خيراً إن شاء الله ؛ من الطارق يا ترى ؟ ، و بدأت أسير نحو باب الشقة بخطى بطيئة ، و كأنني لا أريد أن أصل إلى الباب و أفتحه ، حتى لا أفاجأ بخبر لا أحب سماعه ، و رغم صغر شقتي لكنني استغرقت دقائق عديدة و أنا أحبو كالسلحفاة بين سريري و باب شقتي ، كانت تدور خلالها أسئلة كثيرة في ذهني من مثل :
- هل أصاب والدي أو والدتي أو أحداً من أهلي مكروهاً لا قدّر الله ؛ و هناك من جاء ليبلغني ؟ .
- هل من خبر عن أخي أحمد طالب الجامعة الذي اعتقل من كليته قبل أربع سنوات و لم نسمع عنه أي خبر منذ ذلك اليوم ؟.
- هل من خبر عن عمي الذي غادر الوطن في تلك الفترة و لم يعد أبداً ، و لم نره من يومها ؟ .
- هل هم خفافيش الليل و كوابيس الظلام جاؤوا ليعتقلوني كما اعتقلوا الكثيرين من شباب حيّنا و بلدتنا ؟ .
و بينما كانت هذه الأسئلة تقلقني ، قلت بصوت خافت متردد خائف : من بالباب ؟ .
فسمعت صوت أخي بسام يقول بصوت مطمئن : أنا ، افتح .
ففتحت الباب ، و شاهدت أخي بسام وحيداً خلف الباب و يحمل في يديه خبزاً ساخناً يتصاعد منه في هذا الجو الصعيقي دخاناً كثيفاً ، و تفوح منه رائحة زكية ، فقلت : خيراً إن شاء الله تفضل بالدخول .
فأغلق الباب و دخل و جلس على الكنب و وضع الخبز الحار على الطاولة و قال : احذِر ماذا رأيت و أنا عائد من الفرن الآن ؛ بعد أن خضت معركة الحصول على الخبز هناك بنجاح ؟.
- و ماذا رأيت ؟ . خيراً إن شاء الله .
- رأيت دوريات المخابرات تحاصر البناية ، و قد انتشرت العناصر المدججة بالسلاح في كل مكان و كانت تمنعنا من الاقتراب منها .
- لا حول و لا قوة إلا بالله ، و ماذا بعد ؟
- هل تدري من اعتقلوا ؟ هل تحذِر من رأيته مكبّل اليدين ؛ معصوب العينين ؛ مطأطئ الرأس ؛ يسحب بعنف و لؤم و حقد إلى داخل سيارة الجيب ؟ .
- لا ، فكل مواطن معرض للاعتقال في هذا البلد ، الذي لا قانون فيه إلى قوانين المخابرات و الاعتقالات .
- حسناً ، احذِر إذاً .
- لا أستطيع ، فكل أبناء هذه البناية ذات الشقق الصغيرة – كعلب الكبريت – و التي نسكن فيها منذ سنين ، من الطبقة الفقيرة المسحوقة – و الغير مدعومة !! – و المستباحة في دولة قوانين الطوارئ المزمنة ؛ ربما ما عدا شخص واحد فقط ، تعرفه كما أعرفه و كما يعرفه كل أبناء البناية و الحي ، هذا الشخص المخبر المريض الذي يقتات على عذابات الناس و آلامهم لاشك لدي أنه هو من وشى بالمسكين الذي جاء دوره و اعتقل هذا الصباح كما وشى بالعشرات من قبل .
- نعم أنه أبو باسل . قالها أخي و هو يبتسم .
- هذا صحيح ، فكل أبناء الحي يعرفون من هو أبو باسل هذا ، حتى أخوته و أهله و أبناؤه و زوجته يكرهونه ، و يدارونه اتقاء شره ، و لكن لماذا أنت سعيد هكذا ؟ من الذي خرب أبو باسل بيته هذا الصباح ؟.
- لا يا أخي ، لم تفهم علي بعد ، لقد اعتقلوا أبا باسل نفسه .
- لا تمزح .
- و الله العظيم ، لقد رأيته بعينيّ هاتين اللتين سيأكلهما الدود ، و هو يساق إلى السيارة بعنف ، و بعد أن سار ركب الجنود البواسل !! المدججين بالسلاح ؛ و دخلت البناية ، رأيت باب شقته مفتوحاً و زوجته و أطفاله الصغار على الباب يبكون .
- غريب هذا الأمر ، فقد توقعت أن يعتقلوا كل من في البناية إلا هو ، هل هي تمثيلية ؟ هل هو صراع بين فروع الأمن الكثيرة في هذا البلد ؟ هل تاب أبو باسل و صحا ضميره الميت بعد كل ما فعله بأهله و أبناء حيّه ؟ فعلاً الأمر محيّر و لا يُصدّق ، سوف أتصل بأخيه نبيل ، فهو صديقي و لا يداري سراً عني .
و رفعت سماعة الهاتف ، و أدرت قرص الأرقام ، و طلبت رقم صديق طفولتي و زميل دراستي – نبيل - منذ كنا في حيننا الشعبي القديم ، الذي خضع للتنظيم و هدم ، و عوضتنا دولتها المصونة !! ، علب الكبريت هذه التي سكناها مكرهين ، و عشنا في نكد و ضيق ، بعد أن كنا في بحبوبة و رخاء ، و عزاؤنا الوحيد أننا بقينا متجاورين في هذه البنايات الضخمة ، بل أصبحت بيوتنا أقرب إلى بعضها من قبل .
و توقعت أن يكون نبيل نائماً و يتأخر في الرد ، فالوقت ما زال باكراً ، لكن نبيل رد علي قبل أن تكمل رنة الهاتف الأولى نغمتها ، فقلت :
- صباح الخير .
- أهلاً هشام ، يبدو أنك علمت بالأمر .
- نعم ، تعال و افطر معنا ، فالخبز الساخن جاهز .
- أعطني خمس دقائق ، أغيّر ملابسي و أطمئن على أولاد أخي أبي باسل و آتيك .
- أنا و أخي بسام في انتظارك .
و أغلقت سماعة الهاتف ، و قلت لبسام : أترك بضعة أرغفة لفطورنا ، و خذ الباقي لأهلك ، و لا تتأخر بالعودة ، فأنا سأحضّر الفطور .
و قبل أن انتهي من تحضير الفطور كان نبيل و بسام قد وصلا ، فجلسنا نتناول الفطور و نتبادل الحديث :
قلت : عجباً يا نبيل ، ما الذي دفعهم لاعتقال أخيك بعد كل الخدمات الدنيئة التي قدمها للمخابرات ؟ .
نبيل : كنت أتوقع ذلك منذ فترة ؟.
بسام : كنت أتوقع أن يعتقلوا كل من في البناية إلا أخاك .
نبيل : لقد أسرّ لي منذ شهر أنه يخشى من الاغتيال ؛ و عندما سألته من سيغتالك ؟ أجابني : المخابرات .
قلت : و لماذا كان يخاف من الاغتيال ؟ هل أصبح ورقة محروقة لا حاجة لها و أحبوا أن يتخلصوا منها ؟ .
نبيل : ليس تماماً ؛ دعوني أشرح لكم و لا تقاطعوني بأسئلتكم و تلهفكم .
قلت : تفضل .
نبيل : منذ حوالي الشهر ؛ و بالتحديد في عيد الأضحى الأخير ، قمت بواجبي نحو أخي الكبير ، و زرته معايداً له بعد قطيعة دامت لسنوات ، رغم معارضة والدتي و أخوتي لهذه الزيارة ، فأنتم تعلمون أن والدتي قد غضبت عليه منذ أن تأسّد و تفرعن علينا جميعاً بعد وفاة والدي المرحوم ، و أكل كل حقوقنا في الإرث ، و جيّر محل المرحوم لحسابه الخاص ، و كشر عن أنيابه في وجه والدته و أخوته و كل أهله و جيرانه ، و كان يهدد الجميع بالمخابرات ، و لم يقتصر الأمر على التهديدات ، و إنما قام فعلاً بكتابة التقارير الكيدية بالجميع ، و لم يسلم منه أحد ؛ حتى أخوته و أعمامه و أخواله ، و تذكرون أنني اعتقلت بسببه قبل ثلاث سنوات ، و عذبت بكل أنواع و أساليب التعذيب الوحشية ، من الدولاب إلى بساط الريح إلى الكرسي الألماني ، و استخدموا معي لسعات الكهرباء و الجلد و الصفع ، و كل أساليب الترهيب التي تعرفونها و التي اشتهرت بها المخابرات في بلدنا ، و عندما لم يأخذوا مني اعترافاً بأنني أنتمي لتنظيم الأخوان كما كانوا يريدون ، و التي تعني نهايتي بالتأكيد ، استعملوا معي أساليب جديدة ، فطلبني المقدم رئيس قسم التحقيق ، و أدخلني إليه في مكتبه ، بعد أن شدوا يديّ إلى ظهري ، و عصبوا عينيّ بعصابة سوداء ، و بدأ بمحاورتي ، عن بعض توجهاتي السياسية ، و عن بعض التعليقات التي كنت أقولها في مجالسي الخاصة مع الأهل و الأصدقاء ، و التي كنت أطرح فيها آرائي بالأمور العامة ، و بدأت أتأكد شيئاً فشيئاً ، أن أخي حسن ( أبا باسل ) هو من وشى بي ، و لكني تأكدت مئة بالمائة أنه هو ، عندما خرج المقدم لبعض الوقت خارج الغرفة ، و تركني واقفاً أمام مكتبه ، فتجرأت و رفعت رأسي لأرى من تحت العصابة ملفي الذي كان أمامه على المكتب ، و الذي كان يقلب أوراقه و هو يحقق معي ، و رأيت ورقة كتبت بخط أخي حسن الذي أعرفه جيداً ، و قد ذيلت باسمه و توقيعه الصريحين ، و بعد ذلك ، بدأت أتشجع و أشرح للمحققين مشاكلنا العائلية ، و أن أخي قد ظلمنا جميعاً ، و أخذ حقوقنا كلها ، و يريدنا أن نسكت ، و عندما كنا نطالبه بحقوقنا التي سلبها ، كان يهددنا بأنه سيرسلنا إلى ما وراء الشمس ، و ها هو قد نفذ وعده ، و وشى بي عندكم زوراً وبهتاناً ، و يبدو أن المحققين قد صدقوني ، و كانوا يسمعون مني عن أفعاله الشنيعة ، فيشتمونه و يلعنونه ، ثم أفرجوا عني بعد خمسة أشهر رأيت فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ، و قصصت لأمي و أخوتي ما حصل معي ، فدعت عليه أن يرى أكثر مما رأيت ، و غضبت عليه إلى يوم الدين . و عندما زرت أخي حسن في عيد الأضحى الأخير بعد ثلاث سنين من القطيعة التامة ، و جلست ألاعب أطفاله الصغار- الذين حرمهم من زيارتنا - و عيني تدمعان ، شعرت أن حسن يريد أن يصارحني بأمور كثيرة تجول في خاطره ، و لكنه يتردد ، فحاولت أن أطمئنه ، و قلت له بلغة العتاب المصطنع :
- لقد ذقت الويل في سجني ، و لكنك تخليت عني ، و كنت أظنك ستدافع عني و أنت البعثي المعروف للجميع ، ثم فرّج الله عني ، و زارني كل الأهل و الأقارب مهنئين بسلامتي ، إلا أنت .
- سامحني يا أخي سامحني ، لقد قصّرت معك و مع أخوتك ، لكنكم جميعاً تكرهونني ، و تنظرون لي نظرة العدو اللدود ، رغم أنني مظلوم ، و أول من ظلمني أبوك ، الذي كان يقسو علي و يضربني ، و لا يفعل ذلك معكم ، و أجبرني على ترك المدرسة و أن أعمل معه في المحل ، و ترككم تدرسون ، و ما أخذته هو حقي و من جهدي و عرقي في المحل ، فغداً ستكونون جميعاً أطباء و مهندسين و محامين و أساتذة جامعات ، و سأبقى حداداً بسيطاً أعود كل يوم إلى بيتي منهك الجسم و متسخ اليدين و الثياب .
- لا أريد أن أفتح معك مواضيعاً تناقشنا فيها طويلاً من قبل دونما فائدة ، فالجدال معك لا يوصل لنتيجة ، و أريد أن تفتح مع أهلك و أخوتك و أمك العجوز المريضة بالتحديد صفحة جديدة .
- هل يمكن أن يتغاضوا عن أخطائي السابقة و ينسوها ؟، هل يمكن أن تسامحني أمي التي تدعوا علي كل يوم ؟.
- إذا أتيتها معتذراً نادماً صادقاً ؛ لا أظنها تردك ، فأنت ابنها الأكبر ، و الدم لا يتحول إلى ماء .
- أتمنى أن يحصل ذلك ، أتمنى أن أصبح محبوباً مثلكم من الأهل و الجيران ، فقد سئمت من نظرات الشك و الكراهية و الخوف و الشذر التي أراها في عيون الجميع ، حتى في عيون المخابرات الذين أخدمهم ، أحس أنهم ينظرون إليّ نظرة دونية و باحتقار ، رغم أنهم يطلبون مني المزيد المزيد من الأخبار و المعلومات .
- أنت من جنيت على نفسك ، و أنزلتها هذه المنزلة ، و ما عليك إلا أن تتدارك نفسك و توقفها عند هذا الحد من التمادي و الضلال .
- أشعر أنه قد فات الأوان .
- و لماذا تظن ذلك ؟.
- اسمع يا أخي جيداً إلى ما سأقوله ، فأنا معرض للاغتيال في كل لحظة ، ليس من المواطنين الذين وشيت بهم و ظلمتهم ، و إنما من قوى في المخابرات و الدولة ، و منذ فترة ، لا أخرج من منزلي إلا و أنا مدججاً بالسلاح و أضع يدي على الزناد ، و أشعر أنهم يراقبونني و يلاحقونني و يريدون تصفيتي ، و قد صفّوا بعض رفاقي فعلاً ؛ و ربما يأتي دوري قريباً ؛ لا تستغرب يا أخي و تنظر إلي هكذا ، فأنا صادق معك اليوم مثلما لم أصدق معك من قبل ، لأنك أخي الأصغر ، و الذي سيبقى من بعدي لأطفالي الصغار ، سأشرح لك وضعي تماماً ، حتى تصدقني ، فأنا من جماعة رفعت الأسد ، الذي التقيت به عندما خضعت لدورة المظليين ، و هداني مسدساً مذهباً ، و طلب مني أن أبقى على اتصال معه ، و فعلاً كنا نجتمع معه كل حين ، و كان يغدق علينا بالهدايا و الحوافز ، و يعدنا بأضعافها عندما يستتب الأمر له ، بعد أن يقضي على أعدائه في الحزب و الدولة ، الذين كان يتهمهم بالخيانة و النذالة و الجبن ، و يشتمهم بأقذع و أفظع الشتائم ، و كان يخص منهم عبد الحليم خدام و مصطفى طلاس بأبشع و أشنع ما سمعت من السباب و اللعنات ، و كانت فرصتنا الذهبية للوصول إلى الحكم بعد مرض الرئيس الأخير ، و دخوله المستشفى ، و بدأنا نتحرك بالفعل ، و نكثر من الاجتماعات و الترتيبات ، حتى وصلت الأوامر إلينا بتمزيق صور الرئيس و وضع صور القائد ( أبو دريد) مكانها ، و كنا نوزع صور رفعت في كل مكان ، و شعرنا أننا سنصل إلى الحكم قريباً ، و بدأ الرفاق البعثيون من الخصوم يحسبون لنا كل حساب ، و بدأوا بحزم حقائبهم و أمتعتهم مودعين الحزب و الدولة ، و لكن الأمور سارت كما لا نشتهي ، و شفي الرئيس ، و استطاع أن يقضي على قوة رفعت العسكرية ، و حل سرايا الدفاع ، و نفى رفعت و المقربين إليه إلى الإتحاد السوفيتي ، و بقينا نحن فقط في ساحة الصراع و المواجهة ، و بدأت تصفية الحسابات بيننا و بين الرفاق ، و في آخر انتخابات حزبية حصلت قبيل العيد ، قاموا بقطع الكهرباء أثناء فتح صناديق الاقتراع ، ثم بدّلوا الصناديق خشية أن ينجح أحد منا ، و عندما اعترضنا على ذلك ، أرسلوا لنا الكتائب الحزبية المسلحة ففرقتنا بقوة السلاح ، بعد أن أصابوا بعضنا و اعتقلوا آخرين.
- بما أنك تخاف من التصفية أو الاعتقال ، لماذا لا تسافر خارج القطر ، و تنجو بنفسك ؟.
- حاولت الحصول على جواز سفر لكنهم رفضوا أن يصدروه لي ، و حذروني من السفر لأي مكان خارج القطر .
- و ماذا ستفعل الآن ؟ .
- لا أدري ، فأنا كمن ينتظر حتفه ، حتى جماعة رفعت تخلوا عني ، و لم أعد أستطيع الاتصال بأحد منهم .
- يبدو وضعك حرجاً فعلاً .
- الآن فقط عرفت معاناتك و معانات الآخرين الذين وشيت بهم و لوحقوا أو اعتقلوا ، و بدأت أشعر أن الله ينتقم مني و يسقيني من نفس الكأس الذين سقيتهم منه ، هل سيغفر الله لي ؟ هل سيسامحني أزواج و أمهات و أبناء أولئك الذين وشيت بهم ؟ لا أظن ذلك ؟ .
كان أخي حسن يشرح معاناته لي ، و هو ينفث سحابات كثيفة من الدخان ، و كان لا ينقطع أبداً عن التدخين ، و يشعل لفافة التبغ من سابقتها قبل أن تنتهي ، و قد أخبرتني زوجته أم باسل ، أنه أصبح عصبي المزاج و متوتر جداً منذ فترة ، و لم يعد يذهب إلى المحل ، و لا يخرج من البيت إلا للضرورة القصوى ، و عندما يخرج يودعنا كأنه لن يعود ، و يحمل سلاحه و كأنه ذاهب إلى معركة .
هنا قاطعت نبيل قائلاً :
- لا إله إلا الله ؛ إن الله يمهل و لا يهمل.
- نعم يا هشام ، و عندما خرجت من بيت أخي و عدت إلى والدتي و قصصت عليها ما حدثني به أخي حسن ، قالت لي بالحرف الواحد : الله ياخدوا ، إن شاء الله بيقطعوه شقف . فقلت لها : و لكني حزين على زوجته و أولاده . فأجابتني : لكنه لم يسأل ماذا فعل هو بزوجات و أولاد العشرات ممن ظلمهم و وشى بهم ، أنه لا يخاف الله ، و سينتقم الله منه .
- نعم يا أخي نبيل ، الله يساعد زوجته و أولاده ، فهم لم يروا يوماً جميلاً معه ، لا عندما كان معهم ، و ها هو يغادرهم إلى المجهول و يتركهم للمجهول ، أعانهم الله .
- حقاً أشعر أن أخي حسن لن يعود أبداً ، لأنني أعرف تلك السجون ؛ فالداخل مفقود و الخارج مولود .
- يبدو أنه أصابه دعاء أمه و دعاء أولئك المظلومين من ضحاياه ، و دعاء أمهاتهم و زوجاتهم و أطفالهم .
- الله ينتقم ممن كان السبب ، و أوصل البلاد إلى هذه الحال....
ردد الجميع : آمين ، آميــــن ، آميـــــن.