امرأة بكل الألوان

إيمان شراب

[email protected]

كان للإنترنت كل يوم موعد ثابت مع كريم بعد وجبة العشاء الساعة العاشرة مساء ، وكريم لا يملك أبدا أن يخلف لعشيقه موعدا ولا وعدا ..

وتطول بينهما لقاءات الحب والغرام والهيام وتطول ، وربما تمتد إلى ماقبيل  الفجر بلحظات ، فينام وتضيع صلاة الفجر!!

ثم.. معاناةٌ كل يوم ساعة الدوام ، فلا يوقظه صخب أجراس ، ولا صوت زوجته الناعم الحنون ، ولا حتى عندما يصبح قاسيا مزعجا !

و أيضا وفي ذلك اليوم وكعادته ، وكمنوَّم ٍ مغناطيسيا ، اتجه بشوق للإنترنت ، واتصل بالعالم الخارجي عن طريق تلك الشبكة ، فوجد دعوة من سونيا لقبولها صديقة ..

أغراه الاسم ، إن سونيا يدل على رقة ونعومة ، وللإنسان من اسمه نصيب.

عاد وقال في نفسه :  قد يكون ليس اسمها ، ولكن أن تختار لها اسما كهذا،  فهو دليل على شاعريتها وحيويتها ، وليست مثل تلك التي تسمّت بالحزينة أو الساهرة !

أخبرته أنها جميلة ، وأنها متزوجة ، ولها ولد واحد ! وأن زوجها يقضي ساعات طويلة على الإنترنت ، فمن حقها هي أن تسرّيَ عن نفسها مثله !!

تعجب كريم من صراحتها وجرأتها ، فلم يسبق له أن تحدث مع مثلها ، فكلهن يكذبن ، ويبادلهن الكذب .

وتوالت المحادثات ، ملأت خلالها سونيا عقل كريم وقلبه . فقرر أن يطلب منها أن يراها ، خاصة وأن ذلك سهل ميسور ،لأنها تسكن في نفس مدينته.

حددا موعدا للقاء في مقهىً في مركز تسوق..

كتبت له : سأحمل حقيبة حمراء ، وأميزها بعقدة صفراء ، وسأحمل في يدي اليمنى محمولي ذا اللون الزهري ، ومسبحة أحجارها من اللؤلؤ في يدي اليسرى ، وللمزيد من التعريف سأرتدي حذاء أخضر اللون .

ضحك كريم من كل هذه التفاصيل ، وكتب لها :

تعجبني خفة ظلك ، وأنا في غاية الشوق لرؤيتك ... أما أنا فسأرتدي سروالا من الجينز وقميصا أصفر.

في طريقه إليها ، كان يفكر ، كيف لامرأة متزوجة أن تكون بهذه الجرأة ، بل الأصح أن تكون بهذه الوقاحة والخيانة !!

خشي أن يتردد ويتراجع ، ولكنه سريعا طرد كل المخاوف ، وقال لنفسه : وما شأني أنا ؟ الذنب ذنبها ، إنني أتسلى !

وصل المركز ، صعد بالمصعد الكهربائي ، توجه إلى المقهى متلهفا ، فتح الباب ودخل ، رأته داخلا فأشارت إليه ، لبّى الإشارة ، وتساءل مستغربا متوترا مرتبكا : أمي ؟! ماذا تفعلين هنا ؟

قالت : كنت أتسوق ، فتعبت ، فجئت أشرب فنجانا من القهوة .. اجلس معي حبيبي اجلس ،  هذه مفاجأة جميلة !

تأمل والدته ، غريب ! الألوان نفسها ! الأحمر والأصفر والزهري واللؤلؤ وحتى الأخضر !!

اشتدّ توتره حتى بدا عليه ..

وقبل أن يفهم شيئا ، أشارت والدته  بيدها إشارة انضمت على إثرها زوجته إلى الطاولة !

وقبل أن يفهم شيئا مرة أخرى ! هاهي زوجته بالأحمر والأصفر والزهري واللؤلؤ والأخضر !!

قالت أمه : هل أطلب لك حبيبي قهوة مثلنا أم عصيرالليمون ؟