فرحة الحرية
فرحة الحرية
حسام العيسوي إبراهيم
كان يحلّق في السماء مستمتعاً بأجنحته البيضاء التي تعبّر عن الحب والسلام ، يجول العالم من مكان إلى مكان ، ومن صيف إلى خريف إلى ربيع ، تعرّف على صنوف من البشر ومن كل الكائنات ، نظر إلى كل الوجوه والألسنة والأشكال ، تعرّف على حضارات كل البلدان ، كانت فرحته عارمة بنعمة الله عليه بالتحليق في كل مكان .
وفجأة تلقفته أسلحة الصيادين !!
وفجأة خرّ مصاباّ تحت وطأة الغانمين !
نظروا إليه فوجدوا ريشه الجميل ، وشكله البديع ، وألوانه المبهرة ، فكّروا ، ودبروا ، كم من النفع نجنوه من هذا الأسير ؟
قال بعضهم : فريسة سهلة تشتاق إليها البطون والأمعاء .
وقال بعضهم : بل هو مصدر للربح والمتاجرة ، نعالجه ونبيعه ، ويجني علينا الربح الكثير ، قدّموا إليه الدواء ، فأصبح الدواء هو الداء ، قعد حزيناً يفكر في رحلاته الجميلة ، وفي شكله الجميل .
ماذا تخفي لي الأيام ؟
إلى أي مصير أنا ذاهب إليه ؟
وفجأة أعدّوا صندوقاً محكماً لا تستطيع الصقور اختراقه فما بالكم بالعصفور الرقيق ! أخذوه وعرضوه ، وتحدثوا عن شكله الجميل ، وصوته العزب ، وإمكانياته الرائعة ، كان مستسلما لأمر الله .
فماذا يفعل الضعيف ؟
وما هو تصرف المسكين ، إلا دعاؤه واستعانته بالله ؟
وفجأة من حيث لا يحتسب الآسرون جاءت عاصفة من السماء حركت كل شيء في المكان ، فأطلقت سراحه من فك الآسرين ، ومن كيد الظالمين .
وفجأة وجد نفسه حراً طليقاً يشدوا لسانه بأروع الألحان ، وينطق لسانه بأعزب الكلمات .
فكّر كيف ينجو من أسر الصيادين في كل مكان ، فوجد أن وجوده مع سرب الطيور هو خير مكان ،يبني أعشاشه على غصون الأشجار ، ويسعى للعمل من أجل البناء ، ويعيش عيشة السعداء ، ومن وقتها أحس العصفور بلذة الحياة ، وعلم أن الحرية أعظم نعم الله .