غفوة

عبد القادر كعبان

[email protected]

إهداء إلى صاحب رائعة "أنا مش عارف أتغير"-  الفنان المصري تامر حسني-

سئمت من حياتي الروتينية التي باتت تضجرني. كل ما حولي يشوبه التشابه الذي أضحى ثقلا يخنقني. فشلت كل محاولاتي لفتح أفق ما للتغيير.

خرجت إلى شوارع المدينة، ذلك العالم المفترض أنه عالم الحياة المتجددة. وجدت نفسي وسط كائنات تتحرك، لكن لسوء حظي، في اتجاه واحد، و بطريقة متشابهة. اعترض طريقي شخص يعرفني منذ زمن، ثم مر بجانبي كأنه لا يعرفني. واصلت مشيي، فاصطدمت بآخر لا يعرفني، ثم مر بدون مبالاة.

حدقت في وجوه من حولي. كلها كانت تعكس وجها واحدا بملامح البلاهة واللامبالاة.

شعرت بالغثيان فجأة. ضاقت أنفاسي. عدت محبطا بعد أن فقدت الامل لأعتكف بغرفتي الضيقة وسط ذلك الحي الشعبي الذي نخر جسده داء التشابه.

فتحت النافذة و رفعت عيني متضرعا:

-يا الهي نجنا من حالة الحيرة و الضجر هذه ..

تمددت بعدها على فراشي متناسيا التعب الذي يستشعره جسدي و غفوت كعادتي.. دخلت عالما فتحت أبوابه لدعوتي. كان أشبه بعالم الارواح. مكان يسوده الصمت. هناك أناس غير متشابهين، الكل يمشي باتجاه مختلف، بوسائل متعددة. حتى أنني نسيت حيرتي و ضجري كمن يعايش فترة انتقالية.

تساءلت بيني و بين نفسي:

-هل وضعيتي الجديدة حقيقية أم خيالية؟ و كم ستدوم يا ترى؟

سرت أبحث عن من  يجيبني عن تساؤلي. لكن سرعان ما عاودتني حالة الحاجة البشرية. شعرت بالجوع والعطش، بما في ذلك حب الآخر الذي يشعرني دائما بالوجود.

رأيت نورا لا متناهيا. رحت أمشي نحوه بدافع الفضول، و كلما اقتربت، أو هيء لي أنني سأصل أخيرا، أيقنت أنني لن أتمكن من إدراكه بمفردي.

استيقظت فجأة من غفوتي، وشعرت فجأة بعودة ذلكم الاختناق حين أيقنت أنه مجرد حلم. لكن أدركت أن دعوتي كانت مستجابة فمن يدري.